حركات الأسعار ستعتمد على مدى قدرة أوبك..

إبيكورب تتوقع النفط بين 60 و70 دولاراً في منتصف العام

انخفاض أسعار النفط سيؤثر بشكل كبير على الاستثمارات في المشاريع المتعلقة به حول العالم (رويترز)

وكالات (لندن)
توقعت الشركة العربية للاستثمارات البترولية «إبيكورب» وصول معدل أسعار النفط ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل الواحد بحلول منتصف عام 2019، مشيرة إلى أن الأسواق العالمية للنفط شهدت ظروفاً صعبة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك بعد الارتفاع الحاد لأسعار النفط التي وصلت إلى 85 دولاراً للبرميل الواحد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن ثم شهدت تراجعاً كبيراً مع نهاية العام لتنخفض إلى نحو 54 دولاراً للبرميل الواحد.
وقال مصطفى الأنصاري، الباحث الاقتصادي الأول في «إبيكورب»: «يعتمد اتزان السوق على توافر نطاق واسع من الأسعار، وستتواصل الضغوط على أسعار النفط حتى ظهور مؤشرات على انخفاض حجم المخزون في السوق. ومع عودة الأسواق إلى وضعها الطبيعي، فإن أسعار النفط ستتعافى من بعض الخسائر الحالية، حيث نتوقع أن تصل أسعار النفط إلى نطاق يتراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل الواحد مع بداية النصف الثاني من العام؛ إلا إذا حدث تباطؤ حاد في الاقتصاد العالمي. ومع دخول العام الجديد، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن البيئة الكلية والسياسات الحمائية التي من شأنها أن تؤثر على مستوى الطلب على النفط».
وأشار الأنصاري إلى أن المحركات الرئيسية لتحديد أسعار النفط في عام 2019 ستعتمد بشكل كبير على مدى فعالية «أوبك» وحلفائها من الدول المنتجة للنفط المعروفة بـ«أوبك+» في تنفيذ خطط خفض الإنتاج، الأمر الذي يسهم بدوره في اتزان الأسواق ويعزز مصداقية مؤشراتها.
وشهدت أسواق النفط حالة من عدم الاستقرار والتذبذب في مايو (أيار) 2018، عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني واعتزامه «تصفير صادرات الخام الإيراني»، الأمر الذي أدى إلى عدم وضوح حالة السوق، وبخاصة حجم الخسارة المحتملة لإنتاج النفط الإيراني.
وأضاف التقرير: «إلى جانب الانخفاض المستمر التي تشهده كل من فنزويلا وليبيا وكندا، بدت الصورة العامة للإنتاج غير إيجابية، خصوصاً بالنظر إلى التوقعات القوية لنمو الطلب في النصف الثاني من عام 2018. ونتيجة لذلك تزايدت وتيرة ارتفاع أسعار برنت في شهري مايو ويونيو (حزيران) لتصل إلى أكثر من 75 دولاراً للبرميل مع نهاية شهر يونيو وبداية شهر يوليو (تموز)».
ولفت إلى أنه لكبح جماح الارتفاع الحاد بالأسعار، قررت دول «أوبك+» إرسال إشارة قوية من خلال ضخ المزيد من الإنتاج في السوق. وحدثت الزيادة الأولى في الإنتاج في شهر مايو 2018، حيث شهدت السعودية والإمارات والكويت وروسيا زيادة بمقدار 0.7 مليون برميل في اليوم خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، وساعد ذلك على تخفيف مخاوف السوق وتراجع مؤقت في الأسعار لشهري يوليو وأغسطس (آب) الماضيين، لتصل إلى 70 دولاراً للبرميل في منتصف أغسطس.
ووفقاً للتقرير، كانت الاستجابة الأولية إيجابية. ولكن سرعان ما تغيرت الظروف مع دخول السوق في حالة من الانحدار مدفوعة بتصفية من قبل صناديق التحوط والمستثمرين الماليين. وفي الوقت الذي يُتوقع فيه أن تخفّض «أوبك» إنتاجها في عام 2019 في محاولة لتحقيق التوازن في السوق، من المتوقع أن يحافظ الإنتاج الأميركي على زخمه المتصاعد.
وحول مدى تأثير النفط الصخري، قال الأنصاري لـ«الشرق الأوسط» إن بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أظهرت أن متوسط إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة يبلغ 10.9 مليون برميل يومياً خلال عام 2018، بينما من المتوقع أن يصل إلى 12.1 مليون برميل يومياً عام 2019. وأضاف: «لا شك أن حصة النفط الصخري ستؤثر على حالة التوازن بين أحجام العرض والطلب. وبطبيعة الحال، فإن زيادة إنتاج النفط الصخري سيزيد من حجم إمدادات النفط على المستوى العالمي، الأمر الذي بدوره سيشكل ضغطاً على الأسعار هبوطاً».
يُذكر أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ارتفع بمقدار 1.48 مليون برميل يومياً في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018، على الرغم من ثبات عدد منصات الحفر. وقال الدكتور الأنصاري: «إلى حدٍّ ما، فإن قيود البنى التحتية قللت من احتمالية ارتفاع صادرات النفط الأميركية، وهو ما يعد عاملاً رئيسياً وحاسماً لمعدلات النمو في الولايات المتحدة لعام 2019، وقد ظهر تأثير هذه القيود بالفعل من خلال اتساع الفجوة بين أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت».
وعن تأثر حجم الإمدادات من جهة والاستثمارات النفطية من جهة أخرى بانخفاض معدلات الأسعار، قال الأنصاري: «لا شك أن انخفاض أسعار النفط سوف يؤثر بشكل كبير على تراجع أحجام الاستثمارات في مشاريع النفط والغاز حول العالم، مما يعني أن توقعات نمو الإمدادات ستتجه نحو الانخفاض. إلا أنه نظراً إلى أهمية إيرادات النفط والغاز فإن الحكومات وبخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي -التي يتمتع بعضها باحتياطيات قوية من النقد الأجنبي- ستكون قادرة على تمويل مشاريع حيوية في قطاع صناعات المنبع خلال فترات انخفاض أسعار النفط المعقولة مع الحفاظ على معدلات النمو المستهدفة لإمداداتها».
واستقرت أسعار النفط، أمس، مدعومةً بآمال بأن محادثات المسؤولين الأميركيين والصينيين في بكين ربما تنزع فتيل النزاعات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، في حين قلصت تخفيضات الإنتاج التي تقودها «أوبك» المعروض في الأسواق.
وبلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 57.42 دولار للبرميل مرتفعةً 9 سنتات أو 0.2% مقارنةً مع الإغلاق السابق، وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 48.56 دولار للبرميل، بارتفاع قدره 4 سنتات أو 0.1%، وفقاً لـ«رويترز».