«إنهم يسرقون المعركة»..

تقرير: خطاب مستعجَل في بريد الشرعية والتحالف

الحوثيون

أمين الوائلي

على جبهة مواجهة الانقلاب الحوثي تنشأ معارك وتتناسل أزمات تنخر في قلب وقوة جبهة (الشرعية/التحالف). أخطر ما في هذا الاستنزاف المجهد، أنه لا يتوقف، وأن أدواته هي -أو هكذا يُفترض- جزء من التحالف وتتآكله من الداخل وبخبرة من يعرف من أين تؤكل الكتف. لهذا هي مؤثرة ومزعجة تماماً.

خلال الأسابيع الماضية، على الأقل، رأينا مناسبات وعناوين تحولت إلى أزمات ومعارك حول التحالف وفي قلبه. معظمها معاد ومستعاد شكلاً ومضموناً.

الفارق حدث في؛ زيادة انخراط منظومة الإعلام القطرية، في تبني وتصدير وإشهار القضايا والأزمات وتحويلها إلى حرائق كبيرة، إعلامياً ومن ثم سياسياً.

والأدوات والوجوه نفسها، كانت دائماً، جاهزة أو مجهزة لهكذا سيناريو.

هناك تمترس، وتمرس، في قدح الأزمات ذات الطبيعة الاشتعالية. خبرة صناعة حرائق كبيرة، مثلت على الدوام وبالتصاعد جبهة مرهقة لاستنزاف جبهة التحالف والشرعية.

مؤخراً فقط، عادوا إلى إحياء عنوان جزيرة سقطرى كمادة تأزم وتحريض، عبر جولتين متتابعتين.

وانتقالاً إلى شبوة ونخبتها، والأمر لم يتوقف حتى الآن ومفتوح على المزيد والمزايدة.

ومنها إلى تجيير فشل التصدي لهجوم طائرة حوثية مسيرة استهدفت عرضاً عسكرياً للجيش الوطني في قاعدة العند الجوية جنوب البلاد، وأخذ المسئولية عن كاهل الحوثيين والقذف بها في وجه التحالف أو إحدى دولتي التحالف، تبرئة للانقلابيين وزيادة في إثخان وإجهاد اصطفاف محاربيهم.

كما يحدث من إنكار لتواجد ومسئولية القاعدة وداعش وراء جرائم مدوية في البيضاء ومأرب وشبوة وتجييرها أيضاً على "مؤامرات" تلصق بالتحالف وقطب فيه.

وهكذا دواليك؛ المعركة لدى مكون في الشرعية وجبهتها باتت ضد معركة الشرعية والتحالف ضد الانقلاب، أكثر مما يمكنها أن تكون جزءاً من معركة واصطفاف ضد انقلاب لاستعادة الشرعية.

والنتيجة المعطاة والمقدمة على أثير من نار وصخب: إجهاد واستنزاف اصطفاف الشرعية والتحالف، في مقابل أدوات ومجهودات تعمل، عسكرياً وتقانياً بصمت وبدأب، لإمداد وتحسين ظروف وإمكانات الحوثيين؛ في المواجهة عسكرياً، وفي المناورات السياسية، التي أثبتت خلال معركة الحديدة المؤودة وما بعدها أنها لا تقل خطورة عن الحرب الاشتباكية.

كل هذا يحدث لسرقة الأنظار والمجهودات عن معركة التحرير، ومن ثم عن متابعة وتركيز الجهد في إلزام الحوثيين بالتنفيذ في الحديدة، قبل أن يتم التمديد لهم ستة أشهر أخرى، مكافأة نظير عدم التطبيق والتنفيذ. هكذا تشتغل الشرعية ضد الشرعية واصطفافها مع التحالف.

ومن الغريب والعجيب أن جبهات صرواح والبيضاء ودمت تبرد دفعة واحدة؟! وتنشط معارك جبهوية وتعبوية ضد الإمارات أو السعودية، أو ضدهما معاً كتحالف. ومن الضروري القول إن استهداف أي منهما يعني استهدافاً للأخرى تماماً.

ليس معقولاً أن المسئولين لا يرون كيف أن أوساطاً في الشرعية أو من محسوبيها الأكابر تكاد تنسى اسم الحوثي مقابل التركيز على الإمارات مثلاً؟!

لا تتوقف معارك التحرير وحروب الجبهات على الحوثيين، من الحديدة وحتى صرواح ومن البيضاء ودمت وحتى تعز وأطراف لحج، إلا لتشتعل وتُخدم معارك أخرى في جراب التحالف والشرعية.

هذه الدراما المملة والمزعجة لليمنيين، من الواجب التنبه والتنبيه إلى أنها باتت تشكل أهم مسببات الإحباط واليأس والنفور، لدى قطاع واسع ويتسع باستمرار، من اليمنيين، الذين يفقدون رغبتهم في مواصلة المشاهدة والمتابعة فضلاً عن التأييد والإيمان بأهداف الحرب والمعركة برمتها.

وعلى الناس أن يتحدثوا الآن بصوت مسموع وعالٍ. ما من سبب مقنع للاستمرار في العمل على هذا النحو ومن دون إجراء مراجعة شاملة وتقييم صارم للعمل والآليات والتحالفات والجبهات.

من الخطورة بمكان، التواطؤ إلى حد إفقاد اليمنيين الأمل والثقة بقرارات وبكفاءة وبجدية الشرعية ومعسكرها وشركاء تقاسمها، ليطال الأمر لاحقاً التحالف والحرب جملة واحدة.

ما لم يكن لدى الناس مبررات ومسوغات كافية لتحمل مزيد من الصدمات ومن جولات الخذلان، فمن المتحتم تفهم ما يعنيه الناس عندما يفقدون الثقة وتتكرس قناعات محبطة من أن أهداف معركة الشرعية وإنهاء الانقلاب تتعرض للسرقة مع سبق الإصرار.