كرة القدم..

كيف تسلل اليمين المتطرف إلى الملاعب الخضراء؟

منظمة “صائدي الرؤوس” في تشيلسي

واشنطن

أثار نمو الحوادث العنصرية خلال مباريات كرة القدم الانتباه إلى المجموعات اليمينية المتطرفة وتسللها إلى قواعد الجماهير في جميع أنحاء أوروبا؛ فوفقًا لتقرير نشرته منظمة “Kick It Out”، ارتفعت حوادث التمييز خلال مباريات كرة القدم الاحترافية والهواة في جميع أنحاء المملكة المتحدة من 469 حالة خلال 2016-2017، إلى 520 حالة خلال 2017-2018. ووفقًا لتقرير المنظمة، فإن نحو 53% من حالات التمييز الموثقة متعلقة بالعنصرية في الملاعب.

بهذا الخصوص، قال أستاذ التاريخ في جامعة ولاية ميشيغان “بيتر أليغي” إن العنصرية في كرة القدم الأوروبية هي تقليد قديم، ويعود تاريخها الطويل إلى هتافات “القرد” العنصرية الموجهة إلى آرثر وارتون، أول لاعب كرة قدم أسود محترف في إنجلترا في ثمانينيات القرن التاسع عشر.

النازيون الجدد المثيرون للشغب

تحقق شرطة لندن حاليًا في انتهاكات عنصرية عنيفة وجهت لمهاجم نادي مانشستر سيتي “رحيم ستيرلنغ” من طرف جمهور نادي تشيلسي. يتهم ستيرلنج مشجعي الخصم بالتلفظ بألفاظ عنصرية ضده، بعد فوز فريقه بهدفين نظيفين في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

بعد 4 أيام من المباراة، أقدم أعضاء من رابطة “هوليغانز تشيلسي” -المعروفون بـ”صائدي الرؤوس”، المتعصبون كرويًا، المتهمون بالأحداث العنصرية- بنشر صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل رمز “توتنكوف”؛ أي جمجمة وعظمتين متقاطعتين، الشعار الذي كان رمزًا للمنظمة النازية المسؤولة عن معسكرات الاعتقال خلال الهولوكوست.

تشتهر منظمة “صائدي الرؤوس” في تشيلسي بعلاقاتها مع الجماعات المتعصبة من البيض، بما في ذلك حزب الجبهة القومية البريطانية اليميني المتطرف، والرابطة الإرهابية النازية الجديدة “Combat 18”.

لم تقتصر الجماعات اليمينية المتطرفة في كرة القدم على بلد معين؛ ففي إيطاليا على سبيل المثال، تعرض مدافع فريق نابولي “كاليدو كوليبالي” لإهانات عنصرية تتعلق بالقرود، خلال مباراة خاضها فريقه في دوري الدرجة الأولى الإيطالي ضد إنتر ميلان في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

جماعات منظمة يصعب إيقافها

قال أستاذ علم الجريمة في جامعة غربي لندن، الخبير في الإرهاب اليميني المتطرف “ألبرتو تيستا”، إن الجماعات اليمينية المتطرفة التي تتسلل إلى مباريات كرة القدم، هي جماعات منظمة للغاية، تتكون من 40 إلى 50 شخصًا من ذوي الأجساد الرياضية، ولديهم وشوم، وكثيرًا ما ينشرون صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي لإرهاب المعارضين، ويقومون بأعمال عنف مخطط لها بعناية، مما يصعب من إيقافها. 

السياسة وكرة القدم

يعتقد “بافل كليمينكو” العضو في منظمة مكافحة العنصرية والتمييز في كرة القدم بأوروبا، أن حادثة كوليبالي تمثل تحديًا لكرة القدم الأوروبية ككل وليس فقط الإيطالية. يقول كليمينكو إن السياسة لعبت دورًا كبيرًا في الأحداث العنصرية التي تشهدها الملاعب حاليًا، إذ إن خوف الأوروبيين من اللاجئين والمهاجرين في إيطاليا وأوروبا ككل، وصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، والقوانين العنصرية التي وضعها وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني ضد المهاجرين والأقليات العرقية في البلاد، كإغلاق الموانئ في وجههم، وفرض قوانين لجوء مشددة، وإلقائه اللوم على المهاجرين في ارتفاع معدلات البطالة، قد أثرت كلها بشكل كبير في ملاعب كرة القدم.

استنكر لاعبو كرة القدم ذوو الخلفيات المهاجرة الأفعال المعادية للمهاجرين في جميع أنحاء القارة، كما استنكر خبراء اللهجة العنصرية التي ينتهجها المسؤولون أمثال سالفيني، واعتبروا أنها حاضنة للعنصرية.

عدم التسامح

أطلقت هيئات رياضية مثل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) حملة “لا للعنصرية”، لزيادة الوعي العام حول التمييز في كرة القدم، وكذلك وضع إستراتيجيات لمكافحة التعصب. على “يويفا” مراجعة قوانينه التأديبية لتكون أكثر صرامة في مكافحة السلوك العنصري في مباريات كرة القدم.

مع ذلك، يعتقد “تيستا” أن أندية كرة القدم والاتحادات الوطنية لا تزال تحتاج إلى مزيد من الخطوات للقضاء على العنصرية، أهمها قطع الروابط كافة مع هذه المجموعات المتطرفة، وإرسال رسالة مفادها أن هذه السلوكيات غير مقبولة بتاتًا.