ترجمة..

ما وراء المبادرة السعودية “كيان البحر الأحمر وخليج عدن”

التدخلات الإقليمية تفرض واقعًا جديدًا على المملكة

براسانتا كومار

عُقد في العاصمة السعودية الرياض، في ديسمبر/كانون الأول 2018، اجتماع لوزراء الخارجية وممثلين عن 7 دول تقع على ساحل البحر الأحمر وخليج عدن، هي المملكة العربية السعودية واليمن والأردن ومصر والسودان وجيبوتي والصومال.

من النتائج الهامة لهذا الاجتماع القرار الخاص بإنشاء كيان جديد في المنطقة هو “كيان البحر الأحمر وخليج عدن”، بهدف التنسيق والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والبيئية.

 

مخاوف متجددة

إن مخاوف الدول المذكورة فيما يتعلق بالقرصنة والأمن البحري ليست مخاوف جديدة؛ إذ عقدت مجموعة من الاجتماعات في السابق بين هذه الدول لمناقشة التحديات الأمنية المشتركة التي تواجه المنطقة. لكن الجديد في القضية هو المبادرة السعودية لإنشاء كيان جديد يجمع هذه الدول من أجل تعزيز التعاون الإقليمي بشكل كبير.

وفي نهاية الاجتماع الذي عقد في الرياض، صرح وزير الخارجية السعودي في حينه عادل الجبير بأن “هذه المبادرة جزء من جهود المملكة لحماية مصالحها ومصالح جيرانها… لخلق التآزر والتعاون بين الدول… كلما زاد التعاون والتنسيق بين بلدان هذه المنطقة سيكون التأثير الخارجي السلبي أقل على المنطقة”.

 

منطقة حساسة

تعتبر المنطقة على الجانب الغربي للبحر الأحمر وخليج عدن هامة لغاية بالنسبة للمملكة العربية السعودية. في السنوات الأخيرة، بذلت المملكة جهودًا واسعة من أجل التواصل مع الدول في المنطقة؛ إذ توسطت، على سبيل المثال، بين إثيوبيا وإريتيريا، بما أسهم في القضاء على الخلافات المستمرة منذ عقود. كما حسنت السعودية من علاقاتها السياسية والعسكرية مع جيبوتي. كما تتمتع الرياض بالقدرة المالية لتوفير المعونات والمساعدات التنموية للبلدان الإفريقية.

وترغب السعودية في تأمين طرق الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، بما في ذلك سلامة خطوط الاتصالات البحرية من القراصنة والإرهابيين. من ناحية ثانية، تسعى المملكة إلى مواجهة النفوذ المتزايد لدول إقليمية مثل تركيا وإيران في المنطقة؛ إذ تشعر الرياض بالقلق من خطوات هذه الدول.

الحوثيون في اليمن

وبرزت قوة الحوثيين في اليمن كتحد مباشر للأمن القومي للمملكة العربية السعودية؛ إذ لم يقتصر الأمر على إطلاق الصواريخ من طرف الجماعة المدعومة من إيران باتجاه الأراضي السعودية، وإنما هاجم هؤلاء ناقلات نفط سعودية في البحر الأحمر.

سيطر الحوثيون على ميناء الحديدة بشكل مباشر حتى ديسمبر/كانون الأول 2018، لكن انسحابهم “الشكلي” من الميناء لم يمنع من تهديدهم للاستقرار في المنطقة؛ إذ تمتلك السعودية موانئ رئيسة على طول ساحل البحر الأحمر، تستخدم بشكل رئيس في عمليات التجارة والتبادل التجاري.

وهكذا، فإن استمرار وجود الحوثيين في اليمن بالقرب من مياه البحر الأحمر هو تهديد أمني واضح للمملكة، الأمر الذي دفعها إلى التوجه نحو الكيان الجديد. تهدد إيران بشكل متكرر بإغلاق مضيق هرمز، وهو الأمر الذي يهدد المملكة بشكل كبير، لأنه سيؤثر في اقتصادها الوطني.

إضافة إلى ذلك، يتزايد نفوذ تركيا وقطر في السودان، إذ تتواجد قوات عسكرية تركية في السودان، ووقعت الدوحة اتفاقًا عسكريًا مع الخرطوم، وهما أمران يهددان بشكل مباشر مصالح المملكة.

وفق هذه التوجهات، تعتبر المبادرة السعودية محاولة لبناء جسور في البحر الأحمر بفعل التحديات المركبة التي تواجه المنطقة.

وفي الوقت الذي أحدث فيه الانزياح القطري نحو تركيا وإيران انقسامات خليجية، بات من الضروري وجود ترتيب إقليمي جديد.

المصدر