رغم "النقاش الكبير"..

السترات الصفراء في الشارع للسبت العاشر

ماكرون محور الاحتجاجات

باريس

باريس - يتظاهر محتجو السترات الصفر الذين كانوا بدؤوا تحركاتهم قبل أكثر من شهرين، للسبت العاشر على التوالي وسط مخاوف متجددة من حدوث أعمال عنف، ورغم بدء ايمانويل ماكرون "النقاش الكبير" الذي لا يبدو أنه هدأ غضب المحتجين.

ويردد بضع عشرات من المتظاهرين الذين تجمعوا بهدوء حوالي الساعة 10,30 في جادة الشانزيليزيه نقطة التجمع الرئيسية في باريس "ماكرون استقل". وقالت متظاهرة صوفي تيسييه إن "ماكرون لا يسمع ولا يفهم شيئا مما يحدث ونحاول أن نجعله يفتح عينيه. هناك معاناة إنسانية حقيقية".

وسيشكل عدد المتظاهرين السبت مؤشرا إلى فاعلية "النقاش الوطني الكبير" الذي أطلقه ماكرون لتطويق أسوأ أزمة اجتماعية منذ انتخابه في 2017.

وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس أنه "من المتوقع حدوث تعبئة تعادل في حجمها على الأقل تعبئة الأسبوع الماضي".

وفي 12 كانون الثاني/يناير تظاهر أكثر من ثمانين ألف شخص على الأقل بحسب أرقام السلطات مقابل خمسين ألفا قبل ذلك بأسبوع ما خيب آمال السلطات التي راهنت على استمرار انحسار حركة الاحتجاج الذي لوحظ أثناء احتفالات نهاية العام. وشهد تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2018، تجمع بضع مئات آلاف من المحتجين.

وأضاف المصدر الأمني أنه أطلقت دعوات للمتظاهرين باستهداف قوات الأمن. وشهدت التجمعات السابقة بعض الصدامات العنيفة أحيانا. وشوهت مشاهد عنف في باريس طافت العالم، صورة فرنسا كأبرز وجهة سياحية عالمية.

وقال لوران نونيز وزير الدولة للداخلية إن السلطات أعدت "انتشارا أمنيا شبيها بنهاية الأسبوع السابق". وكان تم نشر نحو ثمانين ألف شرطي ودركي في فرنسا أي ما يساوي عدد المتظاهرين الأسبوع الماضي منهم خمسة آلاف في باريس، بحسب إدارة الشرطة.

ودعا منظمو احتجاجات العاصمة المشاركين إلى جلب "زهرة أو شمعة تكريما" لمن مات أو أصيب "من أجل القضية" منذ بداية حركة الاحتجاج في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

وجاءت هذه الدعوة الجديدة في نوعها في باريس، بعد أسبوع شهد جدلا كبيرا حول استخدام الشرطة بنادق الكرات الوامضة التي تتفتت عند ارتطامها بالهدف، علما أن فرنسا هي من الدول الأوروبية القليلة جدا التي تستخدم هذا السلاح الذي سبب إصابات خطرة بين المتظاهرين.

"الخدعة الكبيرة"

ودافع وزير الداخلية كريستوف كاستانير الجمعة عن استخدام ذلك السلاح الذي قال أنه بدونه لا يعود هناك من خيار لقوات الأمن إلا "الالتحام الجسدي" مع المحتجين.

واعتبر أنه في تلك الحالة سيكون هناك "عدد أكبر بكثير من الجرحى". كما عبر عن "دهشته" للاتهامات بوقوع عنف من قبل رجال الأمن رغم بعض أشرطة الفيديو التي تظهر استخدام ذلك السلاح بدون وجود تهديد وشيك على مطلقه.

وكتبت صحيفة "لوباريزيان" في عنوانها الرئيسي "تحدي الحفاظ على النظام" متسائلة عن "كيفية التصرف إزاء المتظاهرين الأشد عنفا".

وبالتوازي مع ذلك يواصل الرئيس ايمانويل ماكرون جولته عبر فرنسا لإجراء نقاشات مطولة مع مئات من رؤساء البلديات وذلك في إطار ما أطلق عليه "النقاش الكبير" الهادف للإنصات لمطالب المحتجين.

واستمر النقاش الجمعة في سوياك (جنوب غرب) أكثر من ست ساعات كما حدث الثلاثاء في الشمال الشرقي.

وحذر كريستيان فنري رئيس جمعية رؤساء البلديات الريفية في لو (جنوب غرب) في بداية النقاش في مدينة سوياك الصغيرة قائلا "أحذركم السيد الرئيس من أنه لا ينبغي أن يتحول هذا النقاش الكبير إلى خدعة كبيرة".

وعلاوة على الحوار مع المسؤولين المنتخبين تنظم في إطار هذا "النقاش الوطني الكبير" في أنحاء فرنسا، نقاشات بين مواطنين حول محاور القدرة الشرائية والضرائب والديمقراطية والبيئة.

ووعد الرئيس بمتابعة هذه النقاشات على أمل الاستجابة بذلك لكافة أشكال الغضب. لكن الكثير من محتجي "السترات الصفر" يرون في هذا النقاش الكبير وسيلة لدفن مطالبهم.

ورفض ماكرون مجددا خصوصا إعادة فرض الضريبة على الأكثر ثراء وهو من مطالب حركة الاحتجاج.

وأشار استطلاع نشر الخميس إلى أن 94 بالمئة من الفرنسيين سمعوا عن "النقاش الوطني الكبير"، لكن 64 بالمئة شككوا في جدواه واقل من الثلث (29 بالمئة) قالوا أنهم ينوون المشاركة فيه.