إزاحة "الانتقالي".. شرط إعادة اعمار عدن..

تقرير: الجنوب ومشاريع الهيمنة اليمنية.. بين صنعاء ومأرب

زعماء قبائل موالون للسعودية يحيطون بضابط سعودي في الحدود على اليمن

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

عاودت ازمة انهيار العملة اليمنية الى مدن الجنوب المحررة، بالتزامن مع إعلان مسؤول يمني عن تورط حكومة الشرعية في فساد مالي بالمليارات، وسط عجز من قبل حكومة الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي لوضع حلول جذرية لمشاكل المدن المحررة من الحوثيين.

ويبدو المشهد أكثر وضوحا، في حين تكشف دول الإقليم (السعودية وقطر وتركيا وإيران)، عن مطامع واضحة في الجنوب، حيث تبدو ان مصالح الرياض والدوحة تتقاطع في شبوة، وحضرموت والمهرة وعدن، على الرغم من الخلاف المعلن بين الدولتين الجارتين، فالإخوان (حلفاء قطر)، الذين يرفعون شعار الدفاع عن السيادة اليمنية، صمتوا حيال تحركات سفير الرياض في الجنوب، وهي التحركات التي يقول جنوبيون انها لا تتوافق وتطلعاتهم المشروعة.

تواجه حكومة هادي والتي يتحكم فيها تنظيم الإخوان الممول قطريا، الجنوبيين وترفض أي حديث عن القضية الجنوبية وحل، بل انها اشترطت الموافقة على مشاركتها في مشاورات السويد أواخر العام المنصرم، إزاحة المجلس الانتقالي الجنوبي ومنعه من المشاركة كطرف رئيس في الحرب.

يقول مسؤولون في حكومة هادي لـ(اليوم الثامن) "إن السعودية وعبر سفيرها محمد آل الجابر أعلنت دعمها لحملة حكومية للتوعية بمخرجات مؤتمر الحوار اليمني".؛ وهي حملة هدفها قطع الطريق على الجنوبيين في الحصول على حكم ذاتي.

وتشير المصادر الى انه تم رصد ميزانية ضخمة للمشروع الهادف الى شيطنة القوى الجنوبية التي تعتبرها حكومة هادي انفصالية".

وأكد مصدر قريب من الحكومة "ان التوجه السعودي بات متناغما مع توجهات الحكومة اليمنية التي يتحكم فيها الإخوان الموالين لقطر"؛ الأمر الذي يكشف تقاطع المصالح بين الدوحة والرياض، رغم القطيعة بين الدولتين".

وقال المصدر ان سفير السعودية أكد خلال زيارته الأخيرة لعدن، ان السعودية تدعم بقاء اليمن موحداً، وأنها قد تدعم أي توجه لقمع أي محاولات للانفصال الجنوب".

وذكرت مصادر أخرى ان جهات يمنية قدمت تقارير للسفير السعودية تشرح فيه الوضع في الجنوب، يتضمن مخاوف من ان الجنوب قد يسقط في الفوضى فيما إذا سمح له بالعودة الى ما قبل مايو 90م، كدولة مستقلة.

وتعترف حكومة هادي بفشل الوحدة اليمنية، لكنها تريد إعادة انتاجها من جديد ولو تطلب الأمر قمع الجنوبيين وسفك دمائهم على غرار حرب صيف العام 1994م، والتي شارك فيها هادي الى جانب حكومة صنعاء التي انقلب نظامها على مشروع الوحدة السلمي.

وبينت المصادر ان أحد تلك التقارير التي قدمت في نوفمبر من العام المنصرم للسفير السعودي، حملت تحاملا ضد الإمارات الشريك الفاعل، لكن لم تبين المصادر تعليق السفير السعودي على التقرير.

وقال مصدر وثيق الصلة لـ(اليوم الثامن) "ان وزير خارجية اليمن السابق عبدالملك المخلافي قدم تقريرا للإدارة السعودية، حمل أيضا مخاوف من ان انفصال الجنوب قد يهدد مصالح اليمنيين وقد يزعزع الاستقرار، وان انفصال الجنوب يعني حرمان اليمنيين الشماليين من عائدات الثروات النفطية.

ويؤكد المصدر ان وزير الخارجية اليمني حذر السعودية من مسألة انفصال الجنوب (الاستقلال)،، قائلا "ان انفصال الجنوب سوف يشجع يمنيي الشمال للتحالف مع ايران، وهو يبدو جاء متوافقا مع رغبة السعودية التي ترى ان بقى اليمن موحدا يعني منح الشمال ما نسبته 70 % من ثروات الجنوب، حيث تخشى السعودية من ان الفقر في شمالي اليمن قد يدفع الناس الى التدفق على حدودها وهو ما جعلها دعم خيار الوحدة اليمنية، خيارا استراتيجيا بالنسبة لها، حيث تعتقد ان حصول الشمال ذو الكثافة السكانية على ما نسبته 70 % من ثروات الجنوب النفطية سوف يخفف من أي أعباء مالية على الرياض التي تدخل العام الخامس في حربها ضد الحوثيين الموالين لإيران.

وعلى الرغم من ان الجنوب المنتصر الوحيد في الحرب ضد الحوثيين، الا ان توجه السعودية نحو الجنوبيين لا يزال توجها مناهضا، فالرياض التي نجحت في الاستحواذ على المهرة، وتدعم نائب الرئيس اليمني للسيطرة على حضرموت وشبوة، تسعى نحو انهاء مطالب استقلال الجنوب الى الأبد.

وأعلنت السعودية عن دعم انشاء مطار ومصافي في مأرب شرق صنعاء، حيث تعتقد السعودية ان مأرب قد تشكل ثقلا سياسيا وعسكريا كبديل فيما اذا استمر الحوثيون في السيطرة على صنعاء العاصمة، وهو ما يعني ان حكم الهيمنة اليمنية على الجنوب في طريقها الى الانتقال من صنعاء الى مأرب، خاصة وان الأخيرة قد بدأت عسكريا بالسيطرة على منابع النفط في الجنوب وخاصة في محافظة شبوة وحضرموت.

وخاضت قبائل جنوبية معارك ضد قوات إخوانية قدمت من مأرب للسيطرة على حقول النفط، الأمر الذي اعتبرته قبائل شبوة انتهاكا للأرض والعرض.

ويرفض الجنوبيون في شبوة مطامع مأرب في السيطرة على ثرواتهم النفطية، فيما تقول تقارير إخبارية من بينها تقارير نشرتها صحيفة اليوم الثامن ان الحكومة اليمنية في مأرب سعت خلال العام المنصرم الى خصخصة مصافي عدن، تمهيدا لاغلاقها وإتاحة الفرصة لمصافي مأرب الجديدة، وهو ما يبدو ان السعودية قد تدعم هذا التوجه الرامي الى افراغ الجنوب من أخر المؤسسات.

وفجر مجهولون مصافي عدن، بالتزامن مع تقدم قوات عسكرية إخوانية للسيطرة على حقول النفط في شبوة.

وجاء تفجير المصافي في اعقاب هجوم بطائرة مسيرة استهدفت عرضا عسكريا حضرته قيادات جنوبية رفيعة، وهو الهجوم الذي قالت الأجهزة الأمنية في لحج انه تم بتنسيق بين الإخوان والحوثيين.

وقال صحافي يمني مقرب من الحكومة ان رئيس الحكومة معين عبدالملك أخبرهم عن توجه السعودية بمنع أي مشاريع اعمار لعدن ما لم يتم إزاحة المجلس الانتقالي الجنوبي من المشهد السياسي والعسكري والأمني".

وأكد الصحافي الذي طلب عدم الإشارة الى اسمه ان "معين عبدالملك كشف لهم عن شرط الحكومة اليمنية مقابل السماح بإعادة إعمار عدن".. مشيرا الى ان ملف الاعمار قد تسلمه رئيس الحكومة اليمنية الذي يشغل أيضا منصب وزير الاشغال العامة والطرف.

وبين المصدر ان جميع المقاولين لإعادة اعمار عدن، ليسوا من الجنوب، فيما قال مصدر أخر ان ملف اعمار الجنوب سوف يسلم الى رؤوس الأموال وأبرزهم مجموعة هائل سعيد انعم.

وألمح الصحفي الجنوبي صالح الحنشي إلى "ان المجلس الانتقالي الجنوبي سوف يتراجع عن العديد من مطالبه"، الأمر الذي يوحي بان السعودية قد بدأت بالتوجه نحو الجنوب وتركت الشأن الشمالي، حيث يسيطر الحوثيون على المدن هناك، وسط غياب أي مقاومة لوجودهم، باستثناء الحديدة التي أوقفت الأمم المتحدة القتال فيها على امل ان يتم اخراج الحوثيين من الميناء.

ورغم ذلك تواجه جهود الأمم المتحدة عقبات، حيث يراوغ الحوثيون في تسليم الميناء، وهو ما يعني مخرجات مشاورات السويد في طريقها إلى الفشل.

وعبرت مصادر جنوبية عن مخاوفها من التوجه الجديد للسعودية، فيما التزمت قيادات جنوبية متهمة بالارتباط بإيران الصمت حيال ذلك، حيث رفض مصدر جنوبي يقيم في سلطنة عمان التعليق عن دور السعودية في الجنوب، لكنه رحب باي تحركات مناهضة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وخففت وسائل اعلام سعودية من حدة خطابها الإعلامي ضد قطر، فيما سمحت الرياض بدخول قيادات إخوانية كانت تقيم في الدوحة وانقرة الى أراضيها، على الرغم من تبنيها خطابات مناهضة للسعودية، في حين استمر سياسيون وناشطون إخوان في هجومهم على أبوظبي الشريك الفاعل في التحالف العربي من الرياض، الامر الذي اثار موجة من التساؤلات والتكهنات لدى قطاع واسع من السياسيين حول سماح السعودية للإخوان من النيل من شقيقتها الإمارات.

التوجه السعودي صوب الجنوب، يتوقع ان يشكل ارباكا للإدارة السعودية، وهو ما قد يقضي على طموحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خاصة في ظل توجه إقليمي لمنع وصوله الى حكم المملكة العربية السعودية، التي تشهد صراعا داخليا، في اعقاب عزل محمد بن نايف من منصبه كولي عهد.

وترفض قطر أي دور مستقبل لبن سلمان، بل انها تطالب بعزله من منصب ولي العهد بتهمة التورط في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

ويتهم تنظيم الإخوان الدولي، بن سلمان باعتقال العشرات من قيادات الإخوان في السعودية وزج بهم في السجون، وباتوا يتخوفون من وصوله الى سدة الحكم.