بالوثائق..

دور «أردوغان» في بيع العراق للولايات المتحدة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

وكالات

ترتكز السياسات الدولية على المصالح، ومدى المنافع والخسائر التي ستعود على الكيانات الكبرى جراء إتخاذ أي من القرارات المفصلية، ما يُعقد مصداقية دعاة المبادئ الرنانة والسلام الدائم لا سيما عناصر التنظيم الدولي للإخوان وبالأخص «فرع تركيا».

يتشدق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دومًا، بعزمه الجاد على إحلال السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط بما فيها سوريا والعراق، ولكن علاوة على مواقفه المغايرة لتلك النبرة ونواياه الواضحة تجاه إبادة الأكراد كهدف إستراتيجي أولي من تواجده كلاعب في المنطقة، كشفت الوثائق الأمريكية المرفوع عنها السرية مؤخرًا الدور المشبوه لحزب العدالة والتنمية (الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تركيا) في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

مقدمات الإتفاقات المشبوهة

يُعرف تاريخيًّا أن البرلمان التركي، قوض علنًا إلى حد ما اشتراك الدولة في الحرب الأمريكية ضد العراق وذلك لنقص ثلاثة فقط من الأصوات المطلوبة للموافقة على المساعدة في الغزو على الرغم من تصويت أعضاء الإخوان حينها بالموافقة عليه بعد مباركة الحزب.

فيما لفتت الوثائق العسكرية للولايات المتحدة إلى أن أردوغان رئيس حزب العدالة آنذاك، اجتمع مع الإدارة الأمريكية لتسوية الغنائم المشتركة من العدوان على الدولة العربية التي شرذمتها الحرب ويدعي أردوغان حاليًا رغبته في إنقاذها.

فإذا كان البرلمان لم يقم بدوره الداعم للحرب، فإن السلطات قدمت قواتها العسكرية لمؤازرة الأمريكان فضلًا عن وضع القاعدة العسكرية الجوية «انجرليك» (وهي قاعدة وبها مطار حربي تقع في إضنة التركية وأسست في بدايات الخمسينيات بمساعدة أمريكية) تحت تصرف قوات الجيش الأمريكي وسلاحه الجوي.

الغنائم الإخوانية

يبقى الأهم في تلك الملابسات التي أحاطت بفترة ما قبل الغزو الأمريكي للعراق، وهو ما تلقته تركيا ممثلة في القيادة الإخوانية، فعرضت الولايات المتحدة منحًا وقروضًا بمليارات الدولارات وتسهيلات مصرفية للدولة في مقابل الاشتراك في الحرب، وعندما فشل البرلمان الإخواني في إتمام الصفقة هرع «أردوغان» نحو القيادة الأمريكية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتربح المادي على حساب دماء واستقرار الوطن العربي، وهو ما وصفته الوثائق وتقارير الكونجرس الأمريكي أيضًا، التي نشرت قبل سنوات بإنه إخفاق للبرلمان التركي في تقويض المساعدات التركية التي وصلت إلى حد توفير الغذاء والوقود للقوات الأمريكية.

ولم تنحصر الإتفاقات بين الدولتين على حزمة المساعدات المالية فقط والتي وصلت إلى منحة بـ6 مليارات دولار وقروض تبلغ قيمتها 24 مليار دولار، قبل فشل البرلمان، لكن وصلت بعد تفاهمات «أردوغان» مع الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، جورج بوش إلى منحة بمليار دولار وقروض بثمانية مليارات دولار، بل تعهدت الولايات المتحدة بدعم الملف التركي لاجتياز عقبة الانضمام للاتحاد الأوروبي.

ملف الأكراد

أما أهم الإتفاقات المبرمة بين الجانبين هو حفاظ الجانب الأمريكي على منع قيام دولة كردية بالمنطقة لعدم إثارة النعرات الانفصالية لدى أكراد تركيا، وإبقاء مطالبهم خامدة.

وعلى صعيد متصل بملف الأكراد ذكرت الوثائق الأمريكية أن حزب العمال الكردستاني «PKK» ليس منظمة إرهابية وفقًا للقوانين المعتمدة ويمكن الاعتماد عليه كحليف متوافق الأهداف حتى لا تصنع الولايات المتحدة عدوًا جديدًا وغير مبرر لها في المنطقة، وهو ما يبدو تلاعبًا من الجانب الأمريكي تجاه إتفاقاته مع تركيا، وخصوصًا ما لفتت إليه الوثائق من مطالبات كردية (اهتمت بها الولايات المتحدة) بخصوص حماية الشمال العراقي والأكراد من الهجمات التركية.

كما أن التقارير الأمريكية أبدت قلقها وبشكل واضح من النشاط غير المرغوب فيه بالنسبة للولايات المتحدة، الذي تقوم به تركيا حيال فصائل التركمان الموجودة بالعراق؛ وهي فصائل ذات جذور عرقية متصلة بالأتراك، إذ أوضحت الوثائق أن تركيا تمتلك معسكرات تدريبية لعناصر التركمان ويبلغ عددهم حينها 100 فرد وتمدهم بالسلاح والتجهيزات المطلوبة تمهيدًا لاستخدامهم في أي وقت، ما يعني أن الإخوان (فرع تركيا) كانوا في طريقهم نحو تقوية شوكة فصيل عرقي جديد يتناحر بداخل الأراضي العراقية لخدمة مصالحهم الإستراتيجية الخاصة.