الصراعات الحارقة على الصغار..

سموم فنية تتربص بالصغار

خلاف بين أنجلينا جولي وتشارليز ثيرون بسبب براد بيت

رابعة الختام

طفح على السطح تلك الأيام أداء باهت يطلقون عليه غناء لممثلين يتنافسون في ما بينهم على نجومية الدراما التلفزيونية وشريط السينما، ويطرحون كليبات غنائية أقل ما توصف به أنها "سموم فنية" تقضي على التسامح والمحبة بين البشر، وأداة لبث الكراهية والعدائية، ونشر المشاعر السلبية بين أفراد الأسرة الواحدة وأبناء المهنة، وشركاء الوطن.

الفن الذي كان مرآة المجتمع ويبث روح الحب والتسامح والعطاء ويبني مجتمعا يحرص على التواصل الراقي، أصبح الآن معول هدم لكل مشاعر راقية في ظل تكريس أعمال فنية برمتها للثأر من الزملاء وشركاء الحياة.

ما حاد بالفن عن رسالته الإنسانية السامية في نثر الحب بين البشر، وتعميق العلاقات الودودة، إلى نشر الحدة في التعامل والعنف اللفظي، وتوجيه رسائل تهديد أو انتقام بين الزملاء، وهو ما يؤثر على جيل بأكمله يتخذ من فنانين مشهورين قدوة.

ومن بين الكليبات الاستفزازية ما طرحه الفنان المصري الأسمر ( نجم الشباك دون منازع) أغنية ترسخ للغرور وازدراء الآخر، واصفا نفسه بكونه رقم واحد في مجال التمثيل، وأنه الملك.


مما دفع الممثلة والمطربة الشابة بشرى للرد عليه بأغنية تعد إسقاطا صريحا، ونالت منه بشكل ساخر، وبألفاظ حادة، تعد إحدى أبرز صور التحرش الفني الصارخ.


المنافسة في مجال العمل أمر صحي للغاية ويؤدي دائما إلى العصف الذهني والاعتصار لتقديم الأفضل، لكن ما أقصده هو التنافس الصحي وليس التناحر المرضي المؤذي للطرف الآخر، ففي كافة المجالات تشتعل المنافسة أو يؤججها الرئيس في نفوس مرؤوسيه بهدف استخلاص ما يرتقي بالعمل ويرفع من شأن المؤسسات، إعلاء لقيمة التجويد.

يتصارع الفنانون منذ القديم، لكن لم يصل الأمر حد القيام بعمل فني كبير موجه للسخرية من الآخر والنيل منه. بل إن المنافسة وجودية مع العمل وولدت مع ولادة الفن ذاته وتعدّ أهم مستلزماته، بل لا يخلو وسط مهني، عمالي، حرفي من المنافسة التي تشتد في بعض الأحيان وتتحول إلى معركة حامية الوطيس.

وللمنافسة تاريخ طويل في كافة المجالات وخاصة المجال الفني لكونه مجالا ظاهرا للعيان. فما حدث بين منيرة المهدية قي بداية بزوغ نجم المطربة الشابة آنذاك أم كلثوم لا يخفى على أحد، وصراع الأخيرة مع أسمهان، وبين عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، وقيل أن العندليب الأسمر حارب كثيرين ممن تلوه في الدخول إلى الوسط الفني، مثل محرم فؤاد، عماد عبدالحليم، وهاني شاكر وغيرهم الكثيرين الذين لا تتسع المساحة لذكرهم.

فهي غيرة فنية استيقظنا على تناثر أخبارها على صفحات الجرائد والمجلات، التي تتصدرها أحيانا العناوين المثيرة، وأحيانا أخرى تتوارى في صفحات داخلية على عامود في مساحة ضئيلة.

فحول صراع منيرة المهدية وأم كلثوم حكايات وقصص أفردت لها صفحات الجرائد خاصة ما قيل في تدبير المهدية الملقبة بالسلطانة المكائد لثومة، وتنكرها في زي امرأة بسيطة ترتدي ملاءة لف سوداء وبرقعا وذهابها إلى حفل غنائي للاستماع للصوت الجديد، وبعد صراعات لكسب الجمهور، داومت المهدية ذاتها على الاستماع لأم كلثوم، مرددة جملتها الشهيرة “من يستطيع النوم والست تغني؟”.

وما كشفته صحيفة بريطانية، عن خلاف كبير بين النجمتين، أنجلينا جولي، وتشارليز ثيرون، في مجال الفن، زادت من اشتعاله وتأجيجه علاقة عاطفية تربط بين النجم براد بيت وثيرون بعد فترة وجيزة من طلاقه لجولي.

حاولت جولي أكثر من مرة النيل من ثيرون فنيا خاصة في ما يتعلق بفيلم "عروسة فرانكشتاين" الذي يعتبر صراعا مغلفا بالحب ومن أجله بامتياز.

وأبقت أنجلينا ثيرون مترقبة بعد رفضها الالتزام باستكمال مشروع الفيلم، أو الرفض القاطع، وترك الأمر معلقا، وأضاعت بذلك فرصا أخرى على ثيرون.

وتبدو أنجلينا مستمتعة بإعاقة تطور ثيرون، والأخيرة متيقنة أن جولي دخلت على الخط في المشروع حتى تمنعها منه.

ورغم خروج الخلافات من مساحات ضيقة في مجال التنافس في العمل إلى فضاء العلاقات الشخصية، واصطياد الهفوات، إلا أن أيا من النجمتين لم تقم بعمل فني للنيل من الأخرى.

المؤسف في الأمر هو ترديد الأطفال والمراهقين لهذه الأغاني التي تعد ثأرا للنيل من الآخر وتحقيره، وهبوب رياح تلك الصراعات الحارقة على الصغار. ما يثير حفيظتي هو أن أسرا كثيرة تعتبر مجرد وجود فنانين في الأعمال الدرامية شهادة صلاحية للمشاهدة العائلية، وجواز مرور لشاشة العرض المنزلي.. رفقا بأبنائنا.