الولايات المتحدة تهدد برفع الرسوم..

التوتر يخيم على المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين

نائب رئيس الوزراء ليو هي وجها لوجه مع الممثل التجاري الأميركي روبرت لفتهايزر

وكالات

استأنفت الولايات المتحدة والصين الأربعاء في البيت الأبيض مفاوضاتهما التجارية الحساسة لإيجاد تسوية دائمة لخلافاتهما.

ويرأس الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء ليو هي الذي سيجتمع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ختام المحادثات الخميس، بينما يرأس الوفد الأميركي الممثل التجاري روبرت لفتهايزر.

ولم يدل المسؤولان بتصريحات لدى جلوسهما على جانبي طاولة المفاوضات محاطين بفريقيهما، لكن المفاوضات الحساسة تجري وسط أجواء مشحونة بين البلدين على خلفية خلافات عميقة بينهما تتصدرها مسائل تجارية.

وتأتي المفاوضات بين الجانبين في الوقت الذي عزّزت فيه سلسلة اتهامات ضدّ عملاق الاتصالات الصيني "هواوي" ومديرته التنفيذية، التوترات القائمة أصلا منذ إعلان الرئيس الأميركي فرض رسوم على نحو 200 مليار دولار من واردات بلاده من الصين.

وأكد كبير مفاوضي الولايات المتحدة الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر على أن القوتين الكبيرتين لن تتنافسا على المركز المهيمن في صناعات التكنولوجيا المتقدمة المستقبلية.

وأطلقت الصين في العام 2015 برنامج "صنع في الصين 2025"، الهادف إلى تحويل البلاد إلى قوة عالمية رائدة في صناعات المستقبل، سواء في الملاحة الجوية وعلم الروبوتات والاتصالات السلكية واللاسلكية أو الذكاء الاصطناعي والمركبات المسيرة بالطاقة الجديدة.

وكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من مرة تأييده لأن يكون الاقتصاد الصيني بحالة جيدة، لكن ليس على حساب الشركات الأميركية وخبراتها.

وعمليا، تريد الإدارة الأميركية وضع حدّ لممارسات تجارية تصنفها بأنها "مخادعة"، وتحديدا النقل القسري للتقنيات الأميركية في إطار الشركات المختلطة في الصين التي تتهمها بسرقة الملكية الفكرية الأميركية، فضلا عن الإعانات الضخمة المقدمة للشركات الحكومية الصينية لتصبح مصدر فخر وطني.

ولإجبار بكين على تصحيح تلك المخالفات التجارية، فرض البيت الأبيض رسوما جمركية إضافية على 250 مليار دولار من الواردات الصينية.

وتهدد واشنطن برفع قيمة الرسوم الجمركية على 200 مليار دولار من البضائع الصينية المستوردة من 10 إلى 25 بالمئة، في حال لم تؤد المفاوضات إلى نتائج.

وردت بكين بفرضها رسوما جمركية إضافية على ما قيمته 110 مليار دولار من البضائع الأميركية. ولا يراهن أي خبير على أن تتوصل واشنطن وبكين إلى اتفاق مكتمل في ختام يومين من المناقشات.

واستبعد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ضمنا هذه الفكرة، بالتأكيده على أنه يتوقع "تقدما هاما"، مذّكرا بأنه في ختام هذه المحادثات الجديدة، سيكون أمام الطرفين 30 يوما إضافيا قبل نهاية الهدنة التي تم الاعلان عنها في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2018 بين ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ.

- هواوي: حجر عثرة؟ -

ويتناقص احتمال التوصل إلى اتفاق شامل مع افتتاح هذه المفاوضات على كشف وزير العدل الأميركي عن 13 تهمة مرتبطة بخرق العقوبات الأميركية على إيران، بحقّ "هواوي" ومديرتها التنفيذية منغ وانتشو التي أوقفت في كندا في نهاية العام الماضي بطلب من محققين أميركيين.

وحتى الساعة، تشدّد واشنطن على أن ذلك الملف غير مرتبط بالمفاوضات التجارية، حيث أعلن منوتشين أنهما "مسألتان منفصلتان والتعامل معهما منفصل"، وهو ما أكد عليه أيضا وزير التجارة ويلبور روس.

ومع ذلك، ترى مونيكا دو بول الخبيرة في مركز بترسون للاقتصادات الدولية أنه "من المؤكد أن قضية هواوي تعقّد المفاوضات التجارية إلى حدّ كبير. ليس هناك أدنى شكّ في ذلك".

وتابعت أن "قضية هواوي يمكنها في مرحلة ما أن تسبب انهيار" المفاوضات.

وعكرت العقوبات الكبيرة العام الماضي على مجموعة "زي تي إي" الصينية أجواء المفاوضات التجارية نفسها التي انتهت بالفشل. ووافق ترامب حينها على إيجاد تسوية تسمح للشركة باستكمال نشاطها.

وفي مؤشر على أهمية تلك المحادثات، يقود المستشار الاقتصادي للرئيس الصيني ونائب رئيس الوزراء ليو هي، ذو النفوذ الكبير، الوفد الصيني لدى واشنطن.

وسيلتقي هذا الاقتصادي الحائز على شهادته من جامعة هارفرد الأميركية بالرئيس دونالد ترامب شخصيا.

وحتى الآن، يظهر ترامب متفائلا، باعتباره أن الولايات المتحدة في موقع قوة مقابل الصين التي يشهد اقتصادها تباطؤا.

وسجل العملاق الآسيوي في عام 2018 أدنى نسبة نمو له منذ 28 عاما (6.6 بالمئة)، تأثرت خصوصا بالحرب التجارية.

لكن ترامب أيضا يمرّ بمرحلة ضعف منذ أن استسلم للديمقراطيين لوضع حدّ للإغلاق الحكومي الجزئي في 25 يناير/كانون الثاني.

وقال إدوارد ألدن الخبير في التجارة الدولية في مجلس العلاقات الخارجية إن "الخطر يكمن في أن تخلص الدول الأخرى إلى أن دونالد ترامب نمر من ورق، يضع نفسه في مواقف لا يمكن أن ينتصر فيها، ثم يخطو خطوة إلى الخلف"، مضيفا أن ذلك "قد يعزز فكرة أن الإستراتيجية الأفضل للصين هي الانتظار".