مباريات كبرى..

التجربة المصرية تكشف تواضع التحكيم التونسي

اللجوء إلى الحكام الأجانب

مراد البرهومي
تونس

شهد الدوري التونسي هذا الموسم عودة الحكام الأجانب لإدارة المباريات الكبرى، وبعد الرفض القاطع من قبل الاتحاد التونسي لكرة القدم لأكثر من ستة أعوام الاستنجاد بحكام من خارج تونس، تغيّرت المعطيات حاليا.

فبمقتضى الاتفاقية المبرمة بين اتحادي الكرة في تونس ومصر بخصوص تبادل الحكام وتعيينهم في بعض المباريات تغير الوضع وفتح الباب للحكم الأجنبي وتحديدا المصري، بيد أن هذه التجربة كشفت حاليا قصور التحكيم التونسي وتواضعه وربما عدم قدرته على أن يستعيد أمجاده ويكون قادرا على الظهور في المحافل الكروية.

ربما يمكن عقد مقارنة بسيطة بين حكمين من البلدين للكشف عن وجود خلل يعاني منه التحكيم التونسي. وتخص المقارنة الحكم الدولي المصري جهاد جريشة والتونسي محرز المالكي، فالأول يعتبر حاليا من أفضل الحكام في القارة والعالم وسبق له تمثيل التحكيم الأفريقي والمصري في بطولة العالم، هذا الحكم تم تعيينه في بعض مباريات الدوري التونسي هذا الموسم وآخرها مباراة القمة التي جمعت مؤخرا بين الترجي التونسي والنادي البنزرتي.

وأدار جريشة باقتدار المباراة ونال كل عبارات الإشادة والتنويه، بالمقابل أثارت صافرة الحكم التونسي محرز المالكي الكثير من الجدل والاحتجاجات في مباراة بيراميدز والإنتاج الحربي ضمن الدوري المصري الممتاز.

وهذه المقارنة أكدت أن التحكيم التونسي مازال يعاني ولم يقدر على التطور كثيرا، فأغلب الحكام في تونس “تطاردهم” الاتهامات بخدمة مصالح بعض الأندية دون سواها، وهؤلاء الحكام أيضا كثيرا ما يتعرضون لانتقادات لاذعة في تونس قبل مصر بسبب ارتكابهم أخطاء فادحة ساهمت في تغيير مسار مباريات عدة.

وفي هذا السياق أوضح عمر المجبري الصحافي المختص في مجال التحكيم بتونس لـ”العرب”، قائلا “الأمر لا يتعلق حسب اعتقادي بغياب الكفاءة لدى الحكم التونسي بل بغياب الثقة، فالحكم التونسي لا يحظى في بلاده بالدعم المطلوب، وهو دائما كبش الفداء والشماعة التي يعلق عليها الخاسرون أسباب فشلهم”، قبل أن يستطرد قائلا “غير أن هذا الأمر لا ينفي أيضا وجود بعض المشاكل التي ساهمت في تراجع أسهم الحكم التونسي على الصعيد الدولي، والدليل على ذلك عدم استدعاء أي حكم من تونس لإدارة مباريات في كأس العالم منذ فترة طويلة للغاية”.

حالة من الاطمئنان

إضافة إلى الحكم المصري جهاد جريشة الذي تم تكليفه بإدارة مباريات قوية وصعبة في الدوري التونسي، فإن الموسم الحالي شهد أيضا الاستنجاد بعدد آخرين من مصر، على غرار محمد عادل الذي أدار مباراة الديربي بين الترجي التونسي والأفريقي، وتمكن من قيادة المباراة باقتدار حيث غابت الاحتجاجات كليا وأشاد الجميع بمستواه.

كما شهدت مباراة الكلاسيكو مؤخرا بين الأفريقي والنجم الساحلي تعيين الحكم المصري محمد معروف لإدارة اللقاء ولم تشهد هذه المواجهة أيضا احتجاجات على صافرة هذا الحكم.

هذا المعطى يعكس مدى الاطمئنان لدى الأندية التونسية والثقة في الحكم الأجنبي، خاصة وأن المواسم الأخيرة تميزت باحتجاجات كبيرة للغاية من قبل هذه الأندية على أداء بعض الحكام، بل ووصل الأمر حد رفع شكوى من قبل إدارة النجم الساحلي إلى الفيفا ضد الحكم التونسي كريم الخميري بسبب ما تم اعتباره “ظلما صارخا” في حق هذا الفريق.

مباريات سهلة

في الطرف المقابل كشفت التجربة المصرية عن وجود خلل ما في ما يتعلق باتفاقية التبادل، فإدارة الحكام في مصر لم تعيّن الحكام التونسيين لإدارة مباريات القمة التي تجمع عادة بين فرق المقدمة، والدليل على ذلك أن مباراة الزمالك المتصدر وبيراميدر ملاحقه في الترتيب أدارها حكم أجنبي لكن لم يقع منح الثقة لحكم تونسي. وفي الوقت الذي يدير فيه الحكام المصريون أقوى المباريات في الدوري التونسي الممتاز، فإن تعيين الحكام التونسيين في مصر يقتصر على بعض المباريات السهلة نسبيا، وهو ما يكشف ربما رفض الأندية المصرية الكبرى تكليف حكام غير أوروبيين لإدارة مبارياتها.

الأمر الثابت أن نهاية الموسم قد تنهي هذه التجربة خاصة وأن عدة أطراف مصرية تسعى جاهدة لرفض تعيين الحكام التونسيين في المستقبل خاصة بعد ارتكاب عدد منهم بعض الأخطاء الفادحة، في حين كشفت هذه التجربة أن السياسة التي اعتمدها اتحاد الكرة في تونس طيلة السنوات برفض تعيين حكام أجانب لم تساهم بالمرة في تحسين حكام تونس.