هل هناك علاقة بين اغتياله ومضامين رواياته؟

13 رصاصة “دينية” أنهت حياة الأديب علاء مشذوب!

الأديب العراقي علاء مشذوب

بغداد

أمام منزله في وسط مدينة كربلاء، اغتال مسلحون يستقلون دراجة نارية الروائي، الأديب العراقي، علاء مشذوب، بـ13 رصاصة اخترقت جسده، قبل أن يفروا إلى مكان مجهول بحسب تصريحات أمنية عراقية.

وأدان الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين عملية الاغتيال، واصفًا إياها بـ”حادث جبان”، وفق بيان صادر عنه.

وفيما أصدرت شرطة كربلاء بيانًا أكدت فيه استكمال التحقيقات حول الواقعة، إلّا أن أصابع الاتهام اتجهت إلى الأحزاب الدينية، التي عارضها الأديب الراحل، وكشف عن دورها في تفتيت الشعب العراقي، وفي تعزيز الانقسام الطائفي وسط العراقيين، مما غير في طبيعة الشخصية العراقية، بحسب ما صرّح به الأديب الراحل لوسائل إعلام قبل اغتياله.

فمن أقواله عن روايته “شيخوخة بغداد”: “رواية شاهدة على العصر، عندما أعلنت الطائفية بكل وقاحة عن وجهها الدميم ليتقاتل الشعب فيما بينه، وخرجت الأصوات النشاز التي تدعو إلى تفتيت البلاد والعباد… لم يكن أمام العراقيين إلا الهجرة، وهي لم تكن بالطريق السهل، بل عانى العراقي الابتزاز والنصب والاحتيال من عصابات ونصابين وهو يجازف بحياته وعائلته من أجل التخلص من الطائفية المقيتة، التي عصفت ببغداد وأهلها والتي تمر بالعراق”.

 

الكتابة فعل تسامح

كان آخر منشور كتبه علاء مشذوب على صفحته في “فيسبوك”، قبل اغتياله بساعات، وصف فيه طبيعة الشحاذ وإمكاناته المتواضعة في طلب رزقه من الآخرين، بينما تحدث عمن يعطون للشحاذ من أجل لفت انتباه الآخرين واهتمامهم بهم.

اهتمام الدكتور علاء مشذوب بالفقراء والمهمشين ومعاناتهم، انعكس أيضًا في رواياته الأربع، وما سطره من فن سردي يحكي معاناة الأقليات والشعوب، خصوصًا عندما تكون تلك الشعوب ضحية لتوظيف الدين سياسيًا وأيديولوجيًا، إذ يتحدث في روايته الأخيرة “جمهورية باب الخان”، على لسان بطلة الرواية (أريف)، عن الإبادة التي تعرض لها الشعب الأرمني على يد الأتراك، ثم تهجيرهم في أنحاء الأرض.

ويكشف مشذوب في الرواية عن وجود طائفة مسيحية أرمنية لا تزال تعيش إلى اليوم في مدينة كربلاء، وهي تجسيد لمأساة الأرمن على يد الدولة العثمانية، التي استخدمت الدين كمبرر للاضطهاد.

ولذلك حرص الكاتب على طرح الأسئلة، وتحفيز العقل، من أجل تشكيل مناعة ضد تلك الروايات، وعدم الاستسلام لها، فإسقاطاته التاريخية من زمن القهر العثماني، على الواقع العراقي الحالي، الذي تنتشر فيه الأحزاب الدينية، وتعيث العصابات الطائفية فيه قتلًا -ربما كان هو آخر ضحاياها!-، يطرحه بسؤال على لسان عدنان في داخل الرواية، حين يقول:

“كنتُ أجد في التراث الديني وفقهه ما يعجز العقل عن استيعاب الكثير مما يطرحه، بل إن ما أجده من مآسٍ في أرض الواقع يثير في داخلي أسئلة كثيرة، ولكن الدين يمنعني من التمرد والاستفسار”.

هو التراث الديني ذاته الذي يُعجز الإنسان، بعدم معقوليته بحسب ما باح به عدنان، كان وجهًا قديمًا لمأساة الفتاة الأرمنية أريف، التي وقع شعبها ضحية للاستخدام السياسي له، عندما أمر السلطان العثماني بنفي شعبها الأرمني، بداية القرن الماضي، إلى جهة الشام والعراق، بما يشبه ما قامت به داعش في العراق في العصر الحديث، إذ يسرد جزءًا من تلك المأساة على لسانها: “جمعوا -تقصد الأتراك العثمانيين- أكثر من 500 أرمني في ساحة كبيرة لسماع أوامر السلطان عند الغروب، ساروا بهم على الأقدام خارج المدينة وقُتل كل واحد منهم بالرصاص بشكل وحشي. تكررت هذه الإجراءات في حوالي 80 قرية أرمنية. وخلال 3 أيام، قُتل ما يقارب 24 ألفًا من الأرمن بهذا الشكل المروّع”.