انعكست سلبا على مردود اللاعبين..

الفريق التونسي يعيش على وقع أزمة مالية

عودة الروح سلاح النجاح

مراد البرهومي

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يتهاوى الأفريقي ويترك الفرصة أمام مضيفه الكونغولي مازيمبي كي يتلاعب به ويسقطه بالثمانية، لا أحد انتظر هذا السيناريو المرير، لكن هذه الهزيمة  التاريخية بالمعنى السلبي للكلمة جاءت لتعرّي الحقائق وتؤكد أن مشكلات الأفريقي أكبر بكثير من مجرد قضايا وعقوبات مالية، هي تتجاوز مجرد حرمان النادي من القيام بتعاقدات خلال الميركاتو الشتوي، كانت بمثابة جلسة محاكمة تم خلالها توجيه التهم لكل الأطراف بداية باللاعبين مرورا بالجهاز الفني وصولا إلى الإدارة التي فشلت في الخروج بالنادي من المشكلات المتراكمة وعجزت عن التعاطي مع كل الملفات “الحارقة” ليغدو الفريق يواجه مصيرا غامضا.

ما حدث ضد نادي مازيمبي لم يكن سوى اختبار قاس وقوي عرّى كل الحقائق وكشف “عورات” النادي الذي بان بالكاشف أنه مازال بعيدا تماما عن المنافسات الجدية ضمن صفوة الأندية القارية، والأكثر من ذلك أنه كان بمثابة الصفعة المدوية التي يجب أن تدفع نحو البحث عن حلول جذرية حتى وإن اقتضى الأمر الكثير من الوقت والجهد.

في هذا الخضم من الأحداث وفي وقت ساد خلاله الغضب العارم لدى أنصار النادي، يبدو أن إدارة النادي لم تستوعب الدرس بعد، فبعد الخسارة المزلزلة بثمانية أهداف، بحث المسؤولون عن تبريرات واهية ومضحكة حيث تحدث بعضهم عن وجود فرضية تناول لاعبي الفريق التونسي مواد “مخدرة” في الكونغو قبيل المباراة بساعات قليلة، بل ووصل الأمر إلى درجة عرض بعض اللاعبين للاختبارات الطبية التي جاءت نتائجها سلبية ما يثبت أن اللاعبين لم يتم تخديرهم أو تسميمهم.

مسكنات واتهامات

فضلا عن ذلك وعوض الاعتراف بارتكاب أخطاء فادحة والفشل في تسيير النادي ثم بدء عملية مراجعة شاملة وفورية، فإن الإدارة الحالية للنادي نسبت كل مشكلات الأفريقي إلى الإدارة السابقة برئاسة سليم الرياحي حيث وقع اتهامه بإغراق الفريق في ديون لا حصر لها وقضايا مع الفيفا بسبب عدم دفع رواتب بعض اللاعبين والمدربين السابقين، قبل أن يرد الرياحي ويؤكد من ناحيته أن الإدارة الحالية برهنت عن فشلها الذريع في القيام بانتدابات موفقة وأخفقت في التعاطي بشكل سليم مع مختلف القضايا المرفوعة ضد النادي.

كان من الأولى حاليا وضع الإصبع على الداء والقيام بدراسة مستفيضة لكل العيوب التي أثقلت كاهل النادي الأفريقي، فالمجال لم يعد يسمح بالمرة لتقديم مسكنات أو تبريرات لم تقنع جماهير النادي المستاءة.

الهزيمة المدوية والفضيحة التي عاد بها الأفريقي من رحلة الكونغو الديمقراطية دفعتا الأنصار إلى إطلاق صيحة فزع

وفي تشخيصه لواقع الفريق عقب الهزيمة ضد مازيمبي أوضح الصحافي التونسي مروان بن سلامة لـ”العرب” بالقول “مازال الجميع لم يستوعب بعد ما حصل في الكونغو الديمقراطية، فالإدارة بدت مرتبكة للغاية ولم تعرف كيف تتعامل مع الأمر، أعتقد أن الدخول في حروب كلامية لن يفيد النادي في شيء، والخيار الصحيح هو الانكباب على تفادي الأزمات المالية وخلاص كل الديون ثم إعادة بناء فريق يكون قادرا على التألق في المستقبل”.

الهزيمة المدوية والفضيحة التي عاد بها الأفريقي من رحلة الكونغو الديمقراطية دفعتا الأنصار إلى إطلاق صيحة فزع، فالجميع مقتنع بأن الخسارة بتلك النتيجة لطّخت سمعة النادي وأضرت كثيرا بصورته سواء في تونس أو الخارج، ليرفع هؤلاء الأنصار شعار “الثورة” في وجه كل المسؤولين عن تردي أوضاع ناديهم، مطالبين بحتمية محاسبة كل المذنبين وطرد الفاشلين.

ولعل ما حصل في أول مباراة خاضها الفريق بعد “فضيحة” الكونغو الديمقراطية وتحديدا الخميس ضد نادي حمام الأنف ضمن الدوري المحلي، يؤكد أن جماهير النادي لم تعد مقتنعة بالمرة بتبريرات الإدارة الحالية لتطالب برحيل الرئيس الحالي عبدالسلام اليونسي وكل معاونيه في الإدارة وطرد اللاعبين المتقاعسين.

سلاح الشبان

جماهير النادي دعت إلى ضرورة منح الفرصة لأبناء الأفريقي وبدء تكوين فريق شاب للمستقبل دون النظر إلى النتائج العاجلة، فطريق الخلاص من وجهة نظرهم يمر حتما عبر الاعتماد على أبناء النادي دون سواهم.

وانخرط لاعبون قدامى في هذه المطالب، حيث أشار اللاعب السابق للأفريقي سمير السليمي والمتوج بكأس أفريقيا للأندية البطلة سنة 1991 في تصريحه لـ”العرب” إلى أن المسؤولية الأولى في ما يحصل حاليا للفريق هي ضعف الإدارة الحالية وعجزها عن حل الملفات الشائكة، السليمي أضاف قائلا “يجب أن ترحل هذه الإدارة التي ارتبطت بفضيحة تاريخية وساهمت في تلطيخ سمعة الفريق، يتعين إعادة البناء من الصفر والاعتماد كليا على أبناء النادي، لقد حصل المحظور والفريق ممنوع من الانتدابات لذلك لا مفر اليوم من منح الثقة المطلقة للاعبين الشبان القادرين لوحدهم على قيادة الفريق إلى الخروج من أزماته المتلاحقة”.

ومن جانبه أشار القائد الحالي للفريق وسام بن يحيى في حديثه لـ”العرب” قائلا “لقد أذنبنا جميعا في حق النادي، فالهزيمة الموجعة ضد مازيمبي سيخلدها التاريخ، لقد كشفت كل نقاط الضعف التي يعاني منها الأفريقي، علينا أن نتعلم من هذا الدرس القاسي ويتوجب من الآن الانطلاق في عملية الإصلاح”.