مستقبل مشرق للاتحاد الأوروبي..

مواجهة إنفانتينو و"سوبر ليغ" تشكل أكبر تحديات ألكسندر

ملفات ساخنة على طاولة الاتحاد الأوروبي في حقبة تشيفرين الجديدة

روما

تعهّد السلوفيني ألكسندر تشيفرين بمستقبل إيجابي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم على رغم “التحديات المعقدة” التي يواجهها، وذلك في أعقاب انتخابه بالتزكية الخميس على رأس الهيئة القارية لولاية جديدة من أربعة أعوام. وأعيد انتخاب تشيفرين المرشح الوحيد للمنصب، خلال كونغرس الويفا الذي عُقد في روما، ليواصل المحامي البالغ من العمر 51 عاما مهامه على رأس الاتحاد الذي تولى مسؤوليته في سبتمبر 2016.

وتبوأ تشيفرين منصبه في المرة الأولى بدلا من الفرنسي ميشال بلاتيني الذي يُنهي في أكتوبر المقبل عقوبة إيقاف لأربعة أعوام عن مزاولة أي نشاط كروي، على خلفية دفعة مشبوهة تلقاها من الرئيس السابق للاتحاد الدولي (فيفا) السويسري جوزيف بلاتر.

وقال تشيفرين الذي ترأس سابقا اتحاد اللعبة في بلاده، بعد إعادة انتخابه “أنا فخور”، متوجها بالشكر إلى الأعضاء الـ55 للاتحاد القاري.

 وأعرب السلوفيني عن رغبته في وضع “الأمل والتضامن في صلب استراتيجية” الاتحاد الأوروبي للسنوات المقبلة، مؤكدا أنه سيخوض غمار ولايته الثانية “بشكوك أقل من ذي قبل”.

وقال إن “الجميع كان يسأل: ماذا سيحدث الآن؟”، في إشارة إلى انتخابه للمرة الأولى في خضم فضائح الفساد التي هزت الاتحاد الدولي (فيفا) ولم يسلم منها بلاتيني أو كرة القدم الأوروبية. وأضاف متوجها إلى ممثلي الاتحادات “في ذلك الحين، كانت كرة القدم على المستويين الدولي والأوروبي في خضم أخطر أزمة حوكمة في تاريخها، ورغم ذلك، عهدتم بالمسؤولية إلى شخص مجهول نسبيا”.

وتابع “أخطر ما يمكن أن نقوم به هو الركون إلى إنجازاتنا والتمتع بالوقت الحالي (…) يجب ألا نسمح للنجاحات الأخيرة بأن تغطي على التحديات المعقدة، أكثر مما نتوقعه. يجب ألا نقف هنا وألا نتكئ على ما حققناه، وإنما علينا أن نعمل أكثر”.

مواجهة صعبة

من أبرز التحديات التي يواجهها تشيفرين في الوقت الراهن، الوقوف في وجه طموحات السويسري جياني إنفانتينو، الرئيس الحالي للاتحاد الدولي (فيفا) والأمين العام السابق للاتحاد الأوروبي، لجهة تعديلاته المقترحة على كأس العالم للأندية وإنشاء دوري عالمي للأمم.

وفرضت المعارضة الأوروبية لهذه الاقتراحات التي يؤكد إنفانتينو أنها ستدرّ عائدات إضافية من المستثمرين تصل إلى 25 مليار دولار، إرجاء البحث في إقرارها، إلا أنه من المتوقّع أن تحضر الشهر المقبل على طاولة اجتماع مجلس الفيفا في مدينة ميامي الأميركية.

ومدّ إنفانتينو الذي حضر كونغرس الاتحاد الأوروبي في روما، يد التفاهم إلى تشيفرين، بتأكيده “علينا أن نكون مجدّدين. يجب أن نستمر في تطوير أنفسنا. هذا لا يحصل إلا إذا عملنا سويا، إذا ناقشنا وإذا تناقشنا. لنحاول إيجاد ما يجب القيام به معا من أجل تعويض الوقت الضائع”.

رئيس الويفا السلوفيني ألكسندر تشيفرين شدد على سعيه لاستضافة مونديال 2030 في القارة بعد 12 عاما من النجاح الكبير الذي حققته كأس العالم الأخيرة في روسيا 

لكن في رد غير مبهم، قال السلوفيني “عندما نقول للفيفا أننا نختلف مع اقتراحاته الحالية لدوري الأمم وكأس العالم للأندية، نحن نعرب له عن احترامنا، ونعرب عن احترامنا لكرة القدم، اللعبة التي نحبها وعلينا أن نحميها (…) نأمل بصدق في أن يبدي الفيفا احترامه أيضا حيالنا من خلال الاستماع لآرائنا. الويفا وكرة القدم الأوروبية يستحقان الاحترام”.

ويخشى المسؤولون الأوروبيون من أن تؤثر الاقتراحات الجديدة للفيفا على المسابقات القارية، لاسيما دوري الأبطال ودوري الأمم (للمنتخبات) الذي انطلقت نسخته الأولى في أواخر العام الماضي.

وفي ما بدا أنه تمسك إضافي بدرة تاج المسابقات الأوروبية (دوري الأبطال)، أكد تشيفرين معارضته لرئيس رابطة الأندية الإيطالي أندريا أنييلي لإقامة “دوري سوبر” بين الأندية الكبرى في القارة العجوز. ووجّه تشيفرين “رسالة واضحة: طالما بقينا نحن الاثنان على رأس منظمتينا، لن يكون هناك دوري سوبر. هذا ليس وعدًا. هذا واقع”.

وأضاف “لإثبات ذلك، وقّعنا مذكرة تفاهم مع رابطة الأندية الأوروبية والتي تستمر حتى عام 2024. وهذه ليست سوى البداية”.

وكانت تسريبات لرسائل البريد الإلكتروني ووثائق نشرت في نوفمبر الماضي عرفت باسم “فوتبول ليكس”، قد أشارت إلى أن ريال مدريد الإسباني كان يبحث مع أندية بارزة أخرى، في خطط لإقامة دوري سوبر بمشاركة 16 فريقا، ينطلق بدءا من عام 2021. وقال تشيفرين “كما كشفت وسائل الإعلام في نوفمبر، يبدو أنه قبل فترة وجيزة، وخلال الأشهر التي أعقبت انتخابي، كانت مجموعة من الأندية الأوروبية الكبرى تفكر في الانفصال”.

وتابع “تحدثنا إلى بعضنا البعض. واستمعنا إلى بعضنا البعض. فهمنا بعضنا بعضاً. واليوم، نحن متحدون مرة أخرى”، متوجها إلى الإيطالي “أندريا، أشكرك على كل ما قمتم به على مدى الأشهر القليلة الماضية من أجل جمع الكرة الأوروبية مرة أخرى خلف المثال الأعلى المشترك”.

وأشاد أنييلي، رئيس نادي يوفنتوس بطل إيطاليا في المواسم السبعة الأخيرة ومتصدر الترتيب حاليا، بالاتفاق ووصفه الأربعاء بأنه “لحظة مهمة في تاريخ كرة القدم الأوروبية”.

وشدد رئيس الويفا على سعيه إلى استضافة مونديال 2030 في القارة بعد 12 عاما من النجاح الكبير الذي حققته كأس العالم الأخيرة في روسيا.

 بلا منافس

في سياق متصل ضمن جياني إنفانتينو ولاية ثانية على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مع إعلان الأخير أن السويسري الذي تولى منصبه عام 2016 في أعقاب فضيحة فساد، هو المرشح الوحيد للانتخابات المقررة هذا العام.

وقبل أربعة أشهر من الانتخابات المقررة في الخامس من يونيو في باريس على هامش الكونغرس الـ69 للفيفا، أعلن الأخير في بيان مقتضب وجود مرشح وحيد للرئاسة، ما يضمن لإنفانتينو (48 عاما) ولاية جديدة من أربعة أعوام في منصب انتخب لتوليه في فبراير 2016، بعد فضيحة هزت اللعبة وأطاحت برؤوس كبيرة أبرزها سلفه مواطنه جوزيف بلاتر.

وكان الدولي السويسري السابق ومدافع توتنهام الإنكليزي رامون فيغا أبدى رغبته في دخول السباق نحو الرئاسة، إلا أنه لم يتمكّن من الحصول على دعم خمسة اتحادات وطنية من أصل 211 منضمة إلى الاتحاد. وتولى إنفانتينو منصبه في إحدى المراحل الأكثر حساسية في تاريخ الفيفا، وعزّز نفوذه بشكل تدريجي لاسيما في أوساط الاتحادات القارية.

ومن أبرز الخطوات التي اتخذها، رفع عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم من 32 إلى 48 فريقا اعتبارا من نسخة عام 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. كما يحاول جاهدا تسويق فكرة اعتماد 48 فريقا في نسخة قطر 2022، على أن يتخذ الاتحاد الدولي قراره بهذا الشأن خلال اجتماعاته في مدينة ميامي الأميركية في مارس المقبل.

ويطمح إنفانتينو أيضا إلى رفع عدد الأندية المشاركة في كأس العالم للأندية من 7 إلى 24 اعتبارا من 2021، وتعديل صيغة المسابقة، إضافة إلى إطلاق دوري عالمي للأمم، في إصلاحات يؤكد أنها ستدرّ على اللعبة عائدات إضافية بقيمة 25 مليار دولار. ويلقى هذا المشروع معارضة من رئيس الاتحاد الأوروبي السلوفيني ألكسندر تشيفرين. ودفع إنفانتينو لاعتماد تقنية المساعدة بالفيديو في التحكيم (“في.آيه.آر”).

وأقرّت في عهده سلسلة خطوات، مثل تحديد عدد ولايات الرئيس (3)، وتوسعة اللجنة التنفيذية التي باتت تعرف باسم “مجلس الفيفا”. بيد أن الشفافية التي وعد بتطبيقها على صعيد رواتب مسؤولي الاتحاد، لا تزال تقتصر عليه حتى الآن (1.4 مليون يورو سنويا).

فرح وشغف

كان إنفانتينو أعلن ترشحه رسميا على هامش مونديال روسيا 2018، معتبرا أن الاتحاد كان “منظمة ميتة سريريا” يوم انتخابه، وأصبح منظمة “تنبض بالحياة، مليئة بالفرح، الشغف، مع رؤية مستقبلية”. وأضاف الأمين العام السابق للاتحاد الأوروبي للعبة “بعد عامين وثلاثة أو أربعة أشهر من انتخابي، حان الوقت ربما للعودة بالزمن إلى الوراء، إلى 26 فبراير 2016، يوم الانتخاب، كانت الفيفا منظمة ميتة سريريا”.

وتابع “اليوم، الفيفا منظمة تنبض بالحياة، مليئة بالفرح، الشغف مع رؤية مستقبلية. تم انتخابي على أساس برنامج ومعكم جميعا حاولنا وضعه موضع التنفيذ”، وانطلاقا من ذلك “أعلن لكم بأني مرشح لإعادة انتخابي”.

وفي إطار إصلاحات الفيفا وتحت شعار “إعادة كرة القدم إلى الفيفا والفيفا إلى كرة القدم”، قام إنفانتينو بالتعاقد مع لاعبين سابقين أمثال الكرواتي الدولي زفونومير بوبان وعينه أمينا عاما مساعدا، كما ينظم مناسبات مع “أساطير” اللعبة (الأرجنتيني دييغو مارادونا، الفرنسي دافيد تريزيغيه، البرتغالي لويس فيغو.

وأحاط السويسري نفسه بمساهمين سابقين في الاتحاد الأوروبي كالسويدي ماتياس غرافستورم كبير مستشاريه، أو الكونغولي فيرون موسنغو الموكل باتحادي أفريقيا والكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي).

وإنفانتينو هو الرئيس التاسع في تاريخ الفيفا الممتد 112 عاما، وانتخب في 26 فبراير 2016 خلفا لبلاتر، متفوقا على رئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة (115 صوتا مقابل 88).

وتداول على عرش الفيفا ثمانية رؤساء هم الفرنسي روبير غيران (1904-1906)، الإنكليزي دانيال وولفول (1906-1918)، الفرنسي جول ريميه (1921-1954)، البلجيكي وليام سيلدرييرز (1954-1955)، الإنكليزي أرثر دروري (1955-1961)، الإنكليزي ستانلي راوس (1961-1974)، البرازيلي جواو هافيلانج (1974-1998)، والسويسري جوزيف بلاتر (1998-2015).

عمل إنفانتينو خلال مسيرته مستشارا لهيئات عدة في إيطاليا وإسبانيا وسويسرا قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للعبة عام 2000 في قسم الشؤون القانونية والتجارية الذي ترأسه بين عامي 2004 و2007، قبل أن يتولى منصب الأمين العام عام 2009 بعد عامين كمساعد له.

ودرس القانون في سويسرا، ويتقن سبع لغات أهمها الإيطالية والفرنسية والألمانية والإنكليزية والإسبانية، بحسب الموقع الإلكتروني للفيفا. وهو متزوج من اللبنانية لينا الأشقر ولهما أربعة أولاد.