بعد زيارة ظريف..

تقرير: هل تتخذ إيران من لبنان قنطرة لتخفيف عزلتها؟

محمد جواد ظريف

إسلام محمد

أتت زيارة وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»، إلى العاصمة اللبنانية بيروت؛ لتثير حالة من الجدل والشقاق في الساحة السياسية اللبنانية التي تعيش فترة نقاهة قصيرة بعد مخاض عسير لتشكيل الحكومة استمر 9 أشهر، ولم ينته إلا في ختام الشهر الماضي، بصعوبة بالغة.

وفي حين هللت ورحبت الأبواق الطائفية المأجورة بزيارة المندوب السامي الإيراني لأتباعه في لبنان، كان رد فعل عدد من القوى الوطنية سلبيًّا تجاه الزيارة التي رأوا فيها حلقة واضحة في سلسلة ممارسة الوصاية على القرار الوطني اللبناني.

آراء وردود فعل

وخلال الزيارة عرض «ظريف»، على الحكومة اللبنانية تقديم مساعدات عسكرية في سبيل تطوير التعاون العسكري بين الدولتين، مؤكدًا عبر تصريح صحفي أدلى به عند وصوله: «إن الهدف من الزيارة هو إعلان التضامن مع الحكومة والشعب في لبنان، فضلًا عن إعلان استعداد بلاده للتعاون معها في جميع المجالات».

من جهته لفت وزير العدل اللبناني السابق «​أشرف ريفي»​، في رسالة وجّهها إلى «ظريف​» ونشرتها وسائل الإعلام المحلية، النظر إلى أنّ: «سياسة​ إيران سببت للبنان وللكثير من ​الدول العربية  ضررًا فادحًا وفوضى عنف وانعدامًا في الاستقرار، ونتوجّه إليك بوصفكَ أحد مهندسي الخطاب الإيراني الدبلوماسي الّذي يجهد دون نتيجة في تجميل مشروع السيطرة الّذي يختزن حلم بناء دورٍ إقليمي لإيران على أنقاض دول عاثت فيها دولتكم خرابًا وأسّست فيها الميليشيات المسلحة، وجعلت من حاضرها جحيمًا ومن مستقبلها سرابًا، تحت غطاء ما يُسمّى بمشروع المقاومة والممانعة».

وتابع «ريفي»: «بوصولك إلى ​بيروت​ الّتي فاخَر أحد مسؤولي إيران بأنّها أصبحت تحت سيطرتكم من ضمن 4 عواصم عربية، نصارحكَ وأنت لا شكَّ تعرف، بأنّ نظرة جزءٍ كبير من اللبنانيين لإيران هي نظرة المتوجّس الدائم من سلوكها المدمِّر للبنان ولدولته ومؤسساته، ومن استهانتها بوجوده ككيانٍ وكدولةٍ مستقلة، فأنتم تتوجّهون في خطابكم إلى الشعوب وتتجاهلون أنّه يُفترض بكم التعاطي مع الدول وفق الأصول».

متسائلًا ضمن رسالته: «ألم يَحن الوقت لتعود إيران إلى السلوك الطبيعي، فتقتنع بأنّ طريقها الى المنطقة لا تمرّ بالمطامع والهيمنة، وأنّ استثمارها في الفوضى والعنف عبثيٌ لا محالة، وهو يرتدّ سلبًا على الشعب الإيراني أوّلًا وعلى دول المنطقة، ويضع إيران في خانة الدول المارقة والمعزولة وهو ما يحصل فعلًّا؟».

مختتمًا حديثه اللاذع بانتقاد مبطن لحزب الله اللبناني، الذي يعتبر الوكيل الأول لإيران في لبنان: «اللافت أنّ من يُبدون الاستعداد لتوريط بلدانهم في صراعاتكم من أجل النفوذ الإقليمي، صمتوا عن صمتكم حين عرَّضوا أنفسهم وبلدانهم لتكبّد أعباء حروب كان يمكن تفاديها، فلقد امتنعتم في حرب عام 2006 الّتي تعرَّض لها لبنان، عن تجريب صاروخٍ واحد بوجه ​إسرائيل​، من مئات التجارب الصاروخية التي تقومون بها».

قنطرة إيران

من جانبه، أكد الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، «محمد علاء الدين»، أن زيارة «ظريف»، تأتي بعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة، والتي تعطل تشكيلها لفترة طويلة بسبب تعنت وكلاء إيران في لبنان ورغبتهم في الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المقاعد النيابية، وتجميد المشهد السياسي وتعطيل دور الدولة.

وأضاف «علاء الدين»، خلال تصريح لـ«المرجع»، أن الزيارة تواجه رفضًا من قطاعات لبنانية عدة شعبية وسياسية؛ كونها تأتي في سياق محاولة استخدام لبنان كقنطرة لتخفيف العزلة الدولية المفروضة على النظام الإيراني.

وتابع «علاء الدين»، أنه رغم نَصّ ميثاق حزب الله على جملة من الأهداف المعلنة، منها مقاومة إسرائيل وتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، فإن أهدافه الحقيقية تتمثل في تهيئة موطئ قدم لإيران للتدخُّل لتحقيق طموحاتها ومخطَّطاتها التوسعية في لبنان وغيره من البلدان العربية المنكوبة بالتدخلات الإيرانية.