أكد أنها حررت البلاد من وهم الإمامة..

حواس: لهذا السبب يحقد الحوثيون على مصر

حوثيون شمال اليمن

إسلام محمد

كشف المناضل اليمني، غائب حواس، قصته مع ميليشيات الحوثيين الشيعية، وسلط الضوء من خلالها على جرائم الميليشيات الإرهابية، المدعومة من إيران، بحق الشعب اليمني، وكيف سيطروا على مناطق الشمال بدعم من نظام الملالي، وسبب حقدهم على مصر والدول العربية، كما كشف في حواره مع «المرجع»، طبيعة الدعوة العنصرية الحوثية، ونظرتهم الاستعلائية وشعورهم بالتفوق العرقي، ومحاولاتهم إعادة حكم الأئمة إلى اليمن مرة أخرى.

ما قصتك مع ميليشيات الحوثي؟


انتمي لقبائل الرحمانية من قبائل خولان بن عامر في مديرية غمر على حدود المملكة العرببة السعودية، ومنطقتنا بعيدة عن سيطرة الدولة في المحافظات وبعيدة عن مركز المديرية، وترجع صداماتنا مع الحوثيين إلى ما قبل 2011 حين انسحبت الدولة من الأرياف في صعدة.

وقصتي مثل قصة كل اليمنيين عندما اجتيحت قرانا من قبل ميليشيات الحوثي عام 2007، واضطررنا وقتها لمقاومتهم دفاعًا عن منطقتنا وبيوتنا، وبدأوا وقتها في عمليات اغتيال منظمة لبعض المواطنين، ووجهاء القبائل، وحينها لما اغتالوا أول شخص في مديريتنا سألهم الناس لماذا قتلتم فلان رغم أنه لم تبدر منه أي بادرة ضدكم؟ فبرر أحدهم قتله بأنه سيكون ضدهم في المستقبل، وهذا ما يسمى بالاغتيال الاستباقي وهو ما لم يحدث من جانب أي جماعة إرهابية قبلهم.

كيف بدأت المواجهات بينكم وبين الحوثيين؟


مناطقنا قبلية عشائرية ولها قوة وشوكة، وعندما يضعف دور الدولة في حماية المجتمع، يبدأ الناس في الاعتماد على أنفسهم لتوفير الأمن، ولدى القبائل أسلحة ولكن سلاحها تضبطه قيم قبلية فهو ليس عدوانيًّا وليس سياسيًّا وليس موجهًا من الخارج.

فبدأنا المقاومة في إطار قبلي وأسري كوننا نعلم أننا أصبحنا مستهدفين، واشتعلت المواجهات العسكرية ضد قرى مجاورة لنا ضد أبرياء مثلنا وحاولنا التواصل مع الدولة لتقف معهم، وكان لي مراسلات وتواصلات بحكم معارفي، وبدأت في التواصل مع الناس في عاصمة المحافظة، وفي صنعاء للتحذير من خطر تلك الجماعة، وتواصلنا مع زعماء القبائل والمسؤولين والإعلاميين في محاولة لدق أجراس الخطر.

لو تطرقنا لتجربتك الشخصية مع الميليشيات الحوثية؟


خلال الحرب السادسة في ديسمبر 2009، اقتحمت ميليشيات الحوثي المدججة بالسلاح قريتنا وكنت وقتها في العاصمة اليمنية صنعاء، ولما علمت بذلك قررت العودة بالرغم من أنه لم يكن لدينا أمل في أن نهزمهم نظرًا للفارق التسليحي الكبير، لكن لم يكن لدينا بد من الدفاع عن بيوتنا وأهلنا، فعدت إلى القرية واشتبكنا معهم، ووقع منا عدد من القتلى، من ضمنهم بعض أقاربي وأصحابي، وتعرضت لإصابة بالغة وتم نقلي إلى الحدود حيث قامت قوات حرس الحدود السعودي بنقلي إلى المستشفى لتلقي العلاج في مدينة جيزان جنوب المملكة، وكنا نلقى التعاطف من السعوديين، وبالذات في منطقة الجنوب حيث تجمعنا الأواصر القبلية والعشائرية.

وماذا حدث لقريتك؟


نجحت الميليشيات في السيطرة على المنطقة بكاملها، نتيجة فارق العدة والعتاد، فقد كنا مسلحين بأسلحة خفيفة في مقابل ميليشيات منظمة تتسلح بالمدفعية والقذائف الصاروخية، وحاولت الميليشيات الحوثية تفجير المنزل ومنازل الذين اشتركوا في مقاومتهم كما فعلوا في القرى الأخرى، لكن بالكاد استطاع الأهالي أن يمنعوهم من ذلك، لكن المنطقة بأكملها خضعت لهم كغيرها من مناطق محافظة صعدة.

ولماذا لم يفجروا بيوت منطقتكم بالذات؟


لأنهم حينها كانوا متورطين في صراعات عديدة، ومن عادتهم لا يستثيرون كل القبائل ضدهم في وقت واحد، فكانوا يكتفون بإبعاد المعارضين لهم والسيطرة الإسمية والمالية وجني الإتاوات من القرى دون أن تكون لهم قوى عسكرية متمركزة في كل المناطق حتى لا يشتتوا قواتهم.

وماذا فعلت أنت بعد ذلك؟


منذ هذه الواقعة لم أستطع العودة إلى منطقتي وأهلي طوال تلك المدة التي تصل تقريبًا إلى عشر سنوات، فخرجت إلى صنعاء منذ 2009 وظللت بها حتى اجتاحها الحوثيون في 2014، وكانت لديهم قوائم للاغتيال والاعتقال، وكنت ضمن هذه القوائم بالطبع وبالفعل هاجمني مسلحوهم بعد اجتياح العاصمة لكني استطعت الفرار إلى خارج اليمن وتوجهت إلى مصر منذ ذلك الحين فرارًا من بطش الميليشيات، فقد كان سقوط العاصمة مفاجئًا فقد ظننا أن الدولة لن تستسلم أمام هذه الميليشيات وأعددنا أنفسنا للتطوع لمقاومتهم ولكن الدولة استسلمت أمامهم وتركتهم يدخلون العاصمة.

أطلعنا على حال تلك المناطق الآن في محافظة صعدة في ظل المعارك الدائرة هناك؟


القبائل في «صعدة» تعيش حالة إحباط بعدما تعرضت للخذلان وكسر الإرادة، فكان الأهالي يتصدون للميليشيات في البداية على أمل أن يحصلوا على دعم من الدولة، لكن ما حدث هو أن الدولة تخلت عنهم منذ أمد طويل وتركتهم وحدهم يواجهون مصيرهم أمام الميليشيات.

كم عدد الفارين مثلك من بطش الحوثي؟

الهجرة الخارجية قد تصل إلى مليون لكن هؤلاء الذين استطاعوا الخروج، فهناك الملايين محصورون في مناطق يسيطر عليها مسلحو الحوثي، منهم من خرج إلى السعودية والبعض للصومال والبعض إلى إثيوبيا.

وماذا عن الدعم الخارجي القادم من إيران للميليشيات؟


هناك دعم يأتي في أشكال متعددة من إيران، وهناك شباب من محافظة صعدة، معقل الحوثيين، يذهبون إلى إيران وجنوب لبنان ليتلقوا دورات على أيدي حزب الله والحرس الثوري، وقد استاجر الإيرانيون جزر دهلك في دولة إريتريا المجاورة واستخدمتها لدعم لحوثيين، وهناك أفراد أعرفهم شخصيًّا من محافظة صعدة ذهبوا إلى معسكرات تدريب تابعة للميليشيات في سوريا.

ما جوهر الصراع في اليمن؟


جوهر الصراع في اليمن أن هناك أسرة دخلت اليمن باسم «آل البيت» بناء على مبدأ إما أن تحكم اليمنيين وإما أن تثير الفتن في أوساطهم منذ مجيء الإمام الهادي في القرن الثالث الهجري، وقتلت هذه الأسرة مئات الآلاف من اليمنيين، وجاء أحمد بن سليمان بعد الإمام الهادي ثم عبدالله بن حمزة، وهؤلاء الثلاثة هم من رسخوا الحكم العنصري الإمامي في اليمن الذي يحاول الحوثيون المدعومون من إيران إعادته إلى الحياة مرة أخرى.

فعندهم أن من توافرت فيه جميع شروط الإمامة لكنه ليس من أبناء الحسن والحسين فيجب قتله وقطع لسانه ومأثور عن بدرالدين الحوثي والد عبدالملك زعيم ميليشيا قصيدة يقول فيها عن الذي يتولى الحكم وهو ليس من أبناء الحسن أو الحسين: «أما الذي عن جدودي فيه فينزعون لسانه من فيه وييتمون بنيه إذ صار لحق غيره يدعيه يا قوم ليس الدر قدرا كالبعر ولا النمار الإبريزي (الذهب) كالمدر (الطين)».

وهذا هو جوهر الصراع؛ إنها دعوة عنصرية سلالية يدعون أن سلالتهم مثل الدر بينما بقية الناس مثل الطين، والفرق بين معدنهم ومعادن الناس كالفرق بين الدر و روث البهائم، وهذه قمة العنصرية، وبالمناسبة هم لا يستهدفون اليمن فقط بل يحملون بغضًا شديدًا للعرب عامة ولمصر خاصة.

ولماذا مصر بصفة خاصة؟


«محمد علي الحوثي» رئيس اللجنة الثورية باليمن، سبق وأن هاجم مصر بدعوى أنها «غزت اليمن» ولا يقصد فقط أن مصر دعمت اليمنيين عسكريًّا في عهد عبدالناصر على التحرر من حكم الإمامة، لكنه يقصد أيضًا جيش المعلمين المصريين الذين ذهبوا إلى اليمن وعلموا أبناءهم وخرَّجوا جِيلًا يمنيًّا من المتعلمين منذ الستينيات وحتى الثمانييات، وكنت أحد الطلاب الذين درسوا على أيديهم.

هذا الجيش من المعلمين ينظر إليهم الحوثيون بحقد ويقولون إنهم هم الذين مسخوا عقيدة اليمنيين وأخذوهم من تحت جناح سلالة الأئمة وعلموهم، لذلك فإن يحيى الحوثي الذي يتولى منصب وزير التربية والتعليم في حكومة الحوثيين سبق وأن هاجم الدور التعليمي المصري في اليمن، ولا يقصدون فقط ما تم في العصر الحديث بل منذ أيام صلاح الدين الذي قضى على الدولة الفاطمية.

ما رسالتك إلى التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن؟


التحالف العربي يحتاج إلى إعادة هيكلة الاستراتيجية المتبعة في اليمن لحسم المعركة، لأن التآمر من جانب القوى الدولية تخطى الملف اليمني ويهدد أمن المملكة العربية السعودية نفسها، فالوقت ليس في صالحنا.

ورسالتي للأشقاء العرب هي التحذير الذي أطلقه من قبل الأمير سعود الفيصل، الذي تحدث عن خطورة الخواء الاستراتيجي تجاه إيران، وهو عدم استشعار خطورة مشروع إيران الوجودية على الدول العربية.