مفتاح الحل في اليمن..

تقرير: لماذا لم يتفهم مبعوثي الأمم المتحدة قضية الجنوب

مضاهرات سابقة في عدن

عبد الكريم أحمد سعيد

يحضر المبعوث الدولي مارتن جريفيثس لتسوية سياسية لأزمة اليمن في أجواء غير طبيعية تسودها الضبابية، تتصاعد الدخاخين من أفواه براكينها المتحركة، قد تلحق أضراراً كبيرة بشعوب المنطقة إذا لم يستقل جريفيثس في قراراته، بدلاً من أن يظل رهينة للكبار ومن يدور في فلكهم، بعيداً عن أصحاب الأرض والحق.

الموقف الدولي والإقليمي من أحداث وأزمات المنطقة العربية كان مخيباً لآمال وطموحات شعوبها، بما في ذلك الأزمة اليمنية وما رافقها من تعقيدات ومغالطات منذ البداية، دفعت بالوضع للانفجار والحرب والدمار الذي أصبح ينذر بكارثة إنسانية. وقد تستمر الحرب لفترة أطول يدفع ثمنها الشعب اليمني والجنوبي معاً. ويعود ذلك إلى عدم القدرة على إيجاد الحلول الصائبة بموضوعية وحيادية تجاه الصراع القائم هناك، ليفضي إلى سلام حقيقي، إذا ما تم معالجته بحكمة وعقلانية، وكانت الحلول عادلة ومنصفة لجميع الأطراف، وفقاً للحقائق التاريخية، وما هو موجود على أرض الواقع، والاعتراف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره بنفسه، بعيداً عن الإملاءات الخارجية.

جميع مبعوثي الأمم المتحدة إلى اليمن لم يتفهموا القضية الجنوبية باعتبارها مفتاح الحل، وأن الصراع القائم على السلطة في صنعاء كله يدور حول الجنوب، للاستيلاء على ثرواته وطمعاً بموقعه الإستراتيجي الجيوسياسي.

وما جرى في لقاءات ستوكهولم يكرر نفس الأخطاء السابقة لمبعوثي الأمم المتحدة، من التفاف وتحايل على القضية الجنوبية، ليس فقط من قِبل الحوثيين والشرعية اليمنية، بل وقوى أخرى، داخلية وخارجية، والمتمثل بعدم إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في تلك المباحثات؛ كونه المعبر عن الإرادة الشعبية الجنوبية والمسيطر على الأرض في المناطق الجنوبية المحررة، وما تمخض عن هذا اللقاء واقتصر على اتفاقيات بخصوص ميناء الحديدة ورأس عيسى وتبادل الأسرى بين الحوثيين والشرعية اليمنية، التي واجهت تعنتاً حوثياً كالعادة، وتراخياً متعمداً من قِبل الشرعية اليمنية، التي أصبحت توجه كل سهامها تجاه الجنوب فقط. حيث يشنون حملاتهم الإعلامية المسعورة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، والأحزمة الأمنية وأمن عدن والنخبتين الشبوانية والحضرمية، بدلاً من توجيهها ضد من أخرجهم من ديارهم وطردهم خارج الوطن.

ومن العيب أن تظل قوات الشرعية اليمنية الإخونجية في مأرب لأكثر من أربع سنوات من دون أن تحقق تقدماً يذكر صوب صنعاء، في الوقت الذي حققت القوات الجنوبية إلى جانب التحالف العربي انتصارات في كل الجبهات، والدليل ما يجري في الساحل الغربي.

قيادات الشرعية في مأرب والرياض وتركيا لا يجيدون غير عقد اللقاءات وإجراء الاتصالات السرية مع القيادات الحوثية، وكلها تصب في التآمر على الجنوب والقيادات الجنوبية بمختلف انتماءاتها السياسية.

لقد حان الوقت للصحوة الجنوبية قبل فوات الأوان، وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي وكل القوى السياسية في الساحة الجنوبية، أن يكونوا بمستوى المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقهم جميعاً تجاه الوطن والأجيال القادمة، فالتاريخ لن يرحم أحداً.

لهذا مطلوب اتخاذ خطوات عملية سريعة من قِبل القيادات السياسية الحريصة على وحدة الصف الجنوبي، وإشراك كل شرائح المجتمع الجنوبي لصنع الحدث التاريخي لشعبنا.

ويتمثل ذلك بروح المبادرة الوطنية لقيادة المجلس الانتقالي في تقديم ميثاق شرف جنوبي لتكوين تحالفات وطنية، تلزم الجميع بالهدف الأساس لشعبنا في استعادة الدولة الجنوبية بنظام فدرالي جديد، وتأجيل كل الخلافات الصغيرة إلى ما بعد الاستقلال، لما من شأنه تعزيز الموقف الجنوبي، وتوحيد مشروعه وخطابه السياسي والإعلامي، لمواجهة التحدي المقبل.

هناك تحركات سياسية ودبلوماسية للمبعوث الأممي لتقديم تسوية سياسية جديدة لأزمة اليمن تطبخ الآن على نار هادئة في كواليس صناع القرارات الدولية، في ظل ضغوطات مستمرة تمارسها بعض الأطراف التي لا تفكر سوى بمصالحها وأطماعها على حساب الشعب الجنوبي.

وخلال الأسابيع المقبلة سيزور المبعوث الدولي، مارتن جريفيثس، بلداناً وعواصم من ضمنها عدن، وعلى كل الجنوبيين أن يكونوا مستعدين وجاهزين لتهيئة الشارع الجنوبي بعمل جماهيري تعبوي منظم مع كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، من نقابات عمالية ومهنية وطلابية ونسائية.. إلخ.

وعلى قيادات الانتقالي ومناصريه في كل المديريات والمحافظات تقع مسؤولية التواصل الاجتماعي، لتحريك الشعب الجنوبي سلمياً للخروج بمليونية الحسم، تحت عنوان «مليونية تقرير المصير» عند وصول المبعوث الأممي مباشرة إلى عدن وقبل البدء بإعلان التسوية، التي ستحمل مفاجأة للجميع بتضمينها قراراً أممياً ملزماً، إما يخرج الجنوبيين من عنق الزجاجة، أو يعيدهم إلى نقطة الصفر، ليدفع الشعب ثمناً باهظاً، إذا لم يتحرك اليوم قبل غدٍ، وعلى كل المستويات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والجماهيرية، تحريك الشعب الجنوبي من المهرة إلى باب المندب بصوت وعقل وقلب رجل واحد. وأنها لفرصة تاريخية نادرة أمام الجنوبيين لتمكينهم من انتزاع حريتهم بسلام ومن دون سفك للدماء.