قدم إضاءة جديدة وخطيرة..

الدراسات تدق جرس التحذير من الطعام القاتل

موت سريع التحضير

واشنطن

نشر باحثون فرنسيون دراسة واسعة النطاق تتناول الأثر الصحي المحتمل لأطباق جاهزة وأخرى خضعت لمعالجة شديدة، وهم خلصوا إلى عدم وجود أي خطر جدي جراء تناول هذه الأطعمة.
وتصنف أطعمة على أنها شديدة التحويل بحسب تصنيف "نوفا"، في حال خضوعها لمسارات تحويل صناعي واحتوائها خصوصاعلى كميات كثيرة من المواد المضافة.
وهذا التصنيف لا يشمل الأطباق المحضرة من دون مواد مضافة، سواء كانت مجلدة أم لا… غير أن الأطباق الجاهزة للتسخين والمشروبات الغازية والأطعمة الخفيفة تكون عادة ضمن هذا التصنيف. وهي تحوي كميات كبيرة من الملح أو السكر فيما تحوي القليل من الفيتامينات والألياف.
وسجلت الدراسة الجديدة التي تتناول عشرات آلاف الفرنسيين ممن جرت متابعة أوضاعهم بين 2009 و2017، رابطا بسيطا بين استهلاك الأطعمة المعالجة بشدّة وخطر الوفاة خلال هذه الفترة.

ونشرت نتائج الدراسة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (غاما إنترنل ميديسين).
وقالت مديرة فريق البحوث في علم الأوبئة الغذائية في جامعة باريس 13 ماتيلد توفييه "يجب عدم اعتماد خطاب تخويفي للعامة والقول إن تناول طبق جاهز يزيد خطر الوفاة بنسبة 15%".
وأشارت هذه الباحثة المشرفة على الدراسة مع علماء آخرين من ثلاث منظمات بحثية أخرى إلى أن "هذا حجر جديد يضاف إلى بناء البحوث بشأن أثر الأطعمة الشديدة التحويل على الصحة".
وترتدي دراسة الأثر الصحي للأغذية صعوبة كبيرة كما أن نتائجها تثير جدلا كبيرا وغالبا ما يساء تفسيرها.
وقد نشر الفريق الفرنسي عينه العام الماضي دراسة بشأن الأغذية العضوية وخطر تسببها بالسرطان. وقد سُجل عدد أكبر من الإصابات بالسرطان لدى الأشخاص الذين يتناولون كميات أقل من الأطعمة العضوية، لكن هنا أيضا لم تسمح المنهجية المعتمدة في الدراسة باستخلاص رابط سببي، غير أن ذلك لم يمنع وسائل إعلامية كثيرة من التسرع في استخلاص المنافع المحتملة للأطعمة العضوية في مكافحة السرطان.
وشارك 45 ألف فرنسي فوق سن الخامسة والأربعين غالبيتهم من النساء في الدراسة الجديدة. وكل ستة أشهر، كان على هؤلاء الإجابة على استبيان إلكتروني بشأن كل الأطعمة والمشروبات التي تناولوها خلال ثلاث فترات من 24 ساعة.
وخلال سبع سنوات، توفي حوالى 600 شخص من أفراد العينة. وحلل الباحثون بعدها البيانات وخلصوا إلى أن زيادة بنسبة 10% في كمية الأطعمة الشديدة التحويل في النظام الغذائي المعتمد من المشاركين انعكست ارتفاعا بنسبة 15% في الوفيات.
غير أن ماتيلد توفييه شددت على ضرورة عدم التركيز على الرقم إذ إن الأهم هو وجود رابط إحصائي لافت. كما أن الدراسة يجب تحليلها في إطار مجموعة متكاملة من البحوث.

ترتدي دراسة الأثر الصحي للأغذية صعوبة كبيرة كما أن نتائجها تثير جدلا كبيرا وغالبا ما يساء تفسيرها

فرضيات مختلفة 
وفي العام الماضي، نشر الباحثون الفرنسيون نتائج مستخلصة من دراسة للفريق عينه إذ لاحظوا عددا أكبر من الإصابات بالسرطان لدى كبار مستهلكي هذه الأطعمة.
ونظرا إلى أن أسبابا أخلاقية تحول دون إجراء تجربة يمكن من خلالها تقديم هذه الأطعمة إلى جزء من السكان دون الآخر، تشكل الدراسات القائمة على الملاحظة الحل الوحيد.
لكن ثمة بلا شك مساوئ لهذه الدراسات في ظل الدقة المتفاوتة الإجابات المقدمة على الاستبيان، كما أن هناك عوامل كثيرة أخرى "غير مرئية" قد لا تؤخذ في الاعتبار مع أن النتائج تُعدّل من خلال جملة عوامل اجتماعية سكانية والجودة الإجمالية للتغذية.
لكن يبقى الرد على السؤال الأساسي في هذا المجال وهو لماذا سُجلت هذه النتائج؟
من بين الفرضيات المختلفة المقدمة من الباحثين، هناك المواد المضافة التي يحلّل أثرها مخبريا على خلايا بشرية وعلى فئران، خصوصا في مختبر المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الزراعية.
وقالت أستاذة علم الأوبئة في جامعة جونز هوبكينز الأميركية كايسي ريبهولز إن الدراسة الجديدة تقدم "مساهمة مهمة" في البحوث المقامة في هذا المجال، لافتة إلى أن المنهجية التي اعتمدها الباحثون جيدة رغم محدودية مثل هذه الدراسات.
إلا أن خبراء آخرين يشددون في المقابل على أهمية هذه الحدود.
وانتقد الأستاذ في معهد علوم الطعام والتكنولوجيا جوليان كوبر جمع أطعمة كثيرة في إطار فئة واحدة معتبرا أن هذا الأمر "يفتقر بشدة للدقة ويشكل مصدر التباس".