إنجازات محتملة..

تحليل: مؤتمر وارسو.. التحالف ضد إيران ليس صعبًا

ينتظر أن يكون لمؤتمر وارسو أربعة إنجازات محتملة

مجيد محمدي

بعد الاتفاق النووي، الذي يعد هدية من حکومة أوباما إلى الجمهورية الإسلامية مع 150 مليار دولار ووضع دبلوماسي، أصبح محمد جواد ظريف بوقًا إعلاميًا للنظام بدلاً من مواصلة عمله الدبلوماسي. كما أن سياسة الجمهورية الإسلامية تجاه الشرق الأوسط لا تدار من قبل وزارة الخارجية، بل بواسطة فيلق القدس. لذلك، لم تبقَ مهمة أخرى لظريف، غير الحضور في المراسم الحکومية والتصريحات الدعائية.

في الجمهورية الإسلامية لم تصبح الثقافة والإعلام فحسب ضمن الدعاية السياسية، بل حتى الدبلوماسية أيضًا. إن تنبؤ ظريف بأن "مؤتمر وارسو محكوم عليه بالفشل"، تمامًا مثل تنبؤه بأن "إسرائيل لن ترى نهاية السنوات الـ25 القادمة"، كلاهما تصريح دعائي، وليس تصريحًا مهنيًا، حيث إن المؤتمر الذي لم يُعقد لا يمكن الحکم عليه بالفشل.

التصريحات الأخرى لمسؤولي الجمهورية الإسلامية حول هذا المؤتمر هي عبارة عن تمنيات وليست تحليلات لما يحدث في العالم الحقيقي، تمامًا مثل تصريح: "مؤتمر وارسو لا قيمة له" الذي قاله رئيس أركان القوات المسلحة يوم 12 فبراير (شباط) 2019. فهل حقًا هذا المؤتمر لا قيمة له؟

 

بطولة في صنع الأعداء

إن بطولة جمهورية إيران الإسلامية هي في الحقيقة بطولة في صناعة الأعداء. وبناء على ذلك، فإن هناك ما يکفي من البلاد المشاركة في مؤتمر وارسو. إن تشكيل تحالف ضد جمهورية إيران الإسلامية ليس مهمة صعبة، لأن هذا النظام ليس له صديق أو حليف، فليست هناك دولة واحدة من جيران إيران يمكن اعتبارها صديقة استراتيجية للنظام. ويعد أعظم إنجاز للتدخل الإقليمي الإيراني هو التقارب الذي تم بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل، حيث يوجد الآن تحالف غير معلن بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج ضد الجمهورية الإسلامية.

 

التراجع والفشل؟

إن مزاعم مسؤولي جمهورية إيران الإسلامية تفيد بأن المؤتمر تراجع عن أهدافه المبدئية ولن ينجح. غير أن الدلائل تشير إلى أن هذه الدعاية السياسية الإيرانية لا أساس لها، فقد أعلنت نحو 60 دولة أوروبية وآسيوية وأميركية أنها ستحضر المؤتمر بمختلف المستويات. ومن ناحية أهداف المؤتمر، ليس هناك تراجع في أهداف المؤتمر، فلم يتغير اسم المؤتمر بشكل رسمي أبدًا، ومنذ البداية كان عنوان المؤتمر هو "السلام والأمن في الشرق الأوسط"، وقد أصبحت إيران هي محور القضايا، لأن إيران هي أهم عامل لعدم الاستقرار في المنطقة. كما أن التصريح الذي أدلى به مسؤولو الجمهورية الإسلامية بأن السلطات البولندية قالت إن "المؤتمر لا يهاجم إيران" (تابناك، 12 فبراير/ شباط 2019) لم يتم تأکيده من قبل أي مسؤول بولندي.

لم يفشل هذا المؤتمر بالتأكيد، لأنه لا يهدف إلى تشكيل تحالف لتوجيه ضربة عسكرية، حتى تتفق معه بعض البلدان وتعارض أخرى، حيث إن مثل هذا الهدف لا يعقد له مؤتمر. إن هدف التنسيق بين التحالف هو مناقشة القلق إزاء سلوك الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على أمن الطيران والشحن البحري والأمن الإلكتروني، ووقف نمو الجماعات والميليشيات، ومنع الأعمال الإرهابية، والامتناع عن التدخلات الإقليمية، وبرامج الصواريخ، وغسل الأموال؛ وهي الأمور التي أخلَّ بها السلوك الحالي للنظام الإيراني. غير أنه تم النظر في هذه القضايا في ست لجان ويتم اتخاذ قرارات جماعية. فمن الواضح أن المنظمين نظروا في القضايا التي يمكن الاتفاق حولها، وليس القضايا التي هي محل خلاف.

 

إنجازات محتملة

ينتظر أن يكون لمؤتمر وارسو أربعة إنجازات محتملة:

1) ظهر المؤتمر بوجود بعض الدول الأوروبية وغياب دول أخرى، فهناك اختلافات في وجهات النظر بين الدول الأوروبية حول السياسة التي يجب أن تنتهج ضد الجمهورية الإسلامية. لكن موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال اختبار الصواريخ وحتى تهديد أوروبا بخطوات هجومية، إلى جانب الأعمال الإرهابية في الماضي والمستقبل، ستجعل هذه الدول أقرب إلى حكومة ترامب. وربما ارتأت هذه الدول إمكانية تجاهل التبادلات التجارية مع التهديدات الأمنية التي يمثلها النظام.

(2) سيقوم هذا المؤتمر، الذي تشارك فيه إسرائيل والدول الخليجية، بتنسيق أعمال هذه البلدان ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولم يكن لأي قوة أن توحد إسرائيل والدول العربية، مثل التدخلات الأجنبية والتمدد وبرامج أسلحة الدمار الشامل.

إن عملية ذوبان الجليد بين هذه البلدان كانت جارية منذ سنين، لكن هذا المؤتمر سيعرض ذلك رسميًا؛ فالبلد الذي أراد أن يحرض المسلمين في المنطقة ضد إسرائيل في عمل جماعي، أصبح قوة لتوحيدهم اليوم. 

(3) سوف تُظهِر الولايات المتحدة في وارسو أن دول أوروبا الشرقية التي ذاقت لعقود طعم الحكم الاستبدادي وليس من السهل أن تستسلم للاشتراكية واليسار، ستكون حليفة موثوقة لذلك البلد؛ فالحكومات التي لم تحضر المؤتمر لن تكون مؤهلة للحصول على مكافآت من الولايات المتحدة في المستقبل.

(4) الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي اليوم نظام معزول لا يرتبط إلا مع الأنظمة والعصابات المافياوية والمرتزقة (نظام الأسد وحزب الله في لبنان والحوثيين). وسوف يعمل مؤتمر وارسو على ترسيخ هذه العزلة الدبلوماسية. لقد وضعت الولايات المتحدة دول العالم في اختيار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة، ومن الواضح أن كثيرين لن يختاروا الجمهورية الإسلامية. لم تحضر بعض دول أوروبا الغربية أو مسؤولو الاتحاد الأوروبي هذا المؤتمر، لكنهم لم يفتحوا أبوابهم للجمهورية الإسلامية. كما أن الإجراء الأخير من الدول الأوروبية لتسجيل الآلية المالية (النفط مقابل الغذاء والدواء) في مقابل انضمام إيران إلى "FTAF" لم يکن سوى إهانة للسياسة الخارجية الإيرانية.