لا بديل عن العمل المسلح..

هل التنظيم السري لحركة النهضة يثير الجدل؟

تلجأ الجماعات المسلحة الدينية لنهج العنف الممنهج

محمود رشدي

مذ نشأتها، وتعتمد جماعة الإخوان على تنظيم مسلح يعمل تحت رايتها لتنفيذ عملياتها والتي رأت أنها نوع من الجهاد الديني، فلا تعترف الجماعات الدينية بالتغيير السلمي للسلطة، وإنما ترى أن الجهاد المسلح هو أسمى الأعمال التي يقدمها الفرد تجاه علاقته بربه، وتفضل التغيير بالعنف عن التغيير الديمقراطي.

 تلجأ الجماعات المسلحة الدينية لنهج العنف الممنهج بداية من الجماعة الأم جماعة الإخوان- نشأت عام 1924- مروراً بجماعة الجهاد، ومحاولتها لقيام انقلاب عن طريق تنظيم الفنية العسكرية عام 1974، ووصولاً لإنشائها تنظيماً دولياً تخضع له كافة الفروع الإخوانية التابعة لها، عقب تمدد أذرعها لعدد كبير من الدول العربية والأجنبية.

التنظيم الخاص"السري" بالجماعة الأم

انبثقت بدايات "التنظيم الخاص" من مبادرة حسن البنا حينما استدعى عام 1940 بعض قيادات الجماعة، منهم صالح عشماوي وحسين كمال الدين -أحد قيادات الجماعة- لعرض مبررات تشكيل التنظيم الخاص تستطيع به الجماعة مواجهة مسؤولياتها المستقبلية، وعاهد "البنا" لتلك القيادات إحاطة التنظيم بالسرية التامة، وأن يمول من الدعم الشخصي للأعضاء.

وفي أواخر الأربعينيات انكشف أمر التنظيم الخاص للجماعة من خلال القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية السيارة الجيب، وارتبط تأسيس الجماعة بنشأة "التنظيم الخاص" وهو تنظيم سري داخل جماعة الإخوان، تكون وفق أسس دقيقة والخضوع لتدريبات جسمانية وتعبئة إيمانية؛ للاستعداد للتضحية وفقًا لمبدأ الجهاد، وتنفيذ المهام القتالية وأعمال العنف بحسب قيادات الجماعة، وهو تنظيم شبه عسكري، ويرى البعض أن فكرته جاءت من فكرة "حشد القوة" في فكر حسن البنا، كما أوضحنا سلفًا، الذي رأى أن تمام الدعوة لا يكتمل إلا بالتدريبات العسكرية والجاهزية القتالية.

وتمثَّل عمل التنظيم الخاص في ممارسة العنف السياسي، من عمليات اغتيال طالت خصوم الجماعة؛ حيث دخلت في عمليات قتل وإرهاب في الكثير من الأحداث السياسيَّة؛ حيث اغتالت الجماعة القاضي أحمد الخازندار، ومقتل أحمد ماهر -رئيس وزراء مصر عام 1944 بعد توليه الوزارة عام  1945.

واغتيال محمود النقراشي -رئيس الوزراء عام 1948- ناهيك عن محاولة نسف محكمة الاستئناف؛ للتخلص من الوثائق والمستندات، التي تم ضبطها بقضية "السيارة الجيب"، وهي ملفات تدين الإخوان بتورطهم في قضايا عُنفيَّة، ومحاولة اغتيال رئيس مجلس النواب ورئس الوزراء إبراهيم عبدالهادي.

التنظيم العسكري لحركة النهضة

تكشف سر التنظيم السري لحركة النهضة- فرع جماعة الإخوان في تونس- عقب اغتيال القياديين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، ووجهت تهم إليه من قبل هيئة الدفاع عن شكري والبراهمي بالتورط في الاغتيالين في مؤتمر صحفي. ووفق مسندات هيئة الدفاع، فإن التنظيم السري لحركة النهضة يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، حين كشف المنصف بن سالم، القيادي السابق بالحركة، بأن بن علي "قد سرق جهدنا الإنقلابي"، أي "علي بورقيبه" سرق انقلاب نوفمبر 1987 من التنظيم السري، المخطط له من قبل قيادات الحركة.

كما كشفت الوثائق التي قدمتها هيئة الدفاع، عن علاقة حركة النهضة بالاغتيالات السياسية داخل " التنظيم السري للحركة" بزعامة قائدها "راشد الغنوشي" بمعاونة أربعة من القيادات الإخوانية، وهم كل من مصطفى بن خذر ورضا الباروني، خالد التريكي، وكمال عدلي. وقد أثبتت الوثائق التي أثارت جدلًا في الساحة السياسية بتونس ضلوع حركة النهضة عبر تنظيمها الخاص في الاغتيالات وأحداث العنف التي شهدتها تونس منذ وصول جماعة الإخوان إلى عرش تونس.

كثيرًا ما حاولت جماعة الاخوان، في كافة البلدان التي تنتشر بها، إبعاد الاتهام عنها بتسلح أفرادها، ولكن وكما عرضنا فلم تعرف الجماعة وسيلة للتحرك داخل الساحة السياسية إلا ولابد من وجود "تنظيم خاص عسكري" لديها ينفذ لها عدد من الاغتيالات من الجهة المعارضة لها، سواء أكان النظام السياسي الحاكم أم الأحزاب السياسية المناوئة لها.

والمتابع لمسيرة جماعة الإخوان سيكتشف مدى رهانها على القوة والعنف كسبيل لتطبيق برامجها والوصول إلى السلطة والحكم، فهذه الجماعة ومنذ نشأتها عملت على إيجاد جناح عسكري وإيلاء "التنظيم العسكري" التعبوي.