مجلات جامعية..

تطوير الرؤية في عمل المجلات الأكاديمية

المجلات الجامعية عزلة تكرس وضعا سلبيا

مفيد نجم

ليس من المستغرب أن يجهل الكثير من المثقفين والكتاب العرب وجود مجلات أدبية أكاديمية تصدر عن جامعات عربية، تهتم بقضايا الأدب والنقد. مصدر هذا الجهل ليس المثقف/ـة أو الكاتب/ـة، بل السياسات التي يتبعها القائمون على تحرير وإدارة هذه المجلات. والسبب إما لأن تفكير القائمين عليها، ما زال محصورا داخل أسوار الحرم الجامعي، وإما لضعف التمويل المالي ومحدودية كادر التحرير المشرف على هذه المجلات.

وبغض النظر عن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة، فإنها تعكس نوعا من العزلة، وضيق في الرؤية على مستوى توجه هذه المجلات، ودورها في إغناء الحياة الثقافية، خاصة على المستوى المنهجي والعلمي. إن المشكلة في سياسات هذه المجلات أنها تكرس وضعا سلبيا، لا تزال تعاني منه جامعاتنا، ويتمثل في غياب الدور الفاعل للجامعة في حياتنا الثقافية والفكرية، على خلاف ما نجده في جامعات العالم، التي تعمل على استقدام رموز الثقافة والأدب والنقد للمشاركة في أنشطتها التعليمية والبحثية.

إن هذه العزلة التي تعبر عنها هذه السياسة، لا تقتصر على ما يصدر عن هذه الجامعات من مجلات، وإنما تعكس توجها عاما لا يزال قائما، إذ يقتصر عملها غالبا على الجانب التعليمي دون أي تطوير لهذه السياسات، ما يحول دون تحول الجامعة إلى مركز أبحاث فكرية ومختبرات نقدية وأدبية وفنية، تستقطب الجهود الإبداعية المثمرة، وتسهم من خلال ذلك في تفعيل دور الجامعة التنويري، لتصبح بؤرة إشعاع فكري وأدبي تثري الحياة والمجتمع.

لذلك لا بد من كسر هذا الحاجز بين الجامعة والمجتمع، وتجاوز المفهوم التقليدي لوظيفتها، لأجل تعزيز رسالتها كمركز للعلم والفكر والثقافة، ما يتطلب انفتاح هذه الجامعات على الحياة الثقافية، لكي لا تبقى هذه المجلات تدور في توجهاتها حول قضايا خاصة بالدرس الجامعي وقضاياه المنهجية والعلمية، وبتوجه نخبوي يعزلها عن المحيط الثقافي والفكري المحيط بها.

إن تطوير الرؤية في عمل هذه المجلات، وانفتاحها الفاعل على الفضاء الثقافي العام سيعيد إلى الجامعة دورها المركزي ثقافيا وعلميا، وفي هذا السياق يمكن أن نستذكر تجربة الأسابيع الثقافية التي كان يقيمها قسم الفلسفة في جامعة دمشق برعاية المفكر الراحل صادق جلال العظم وأساتذة القسم، فقد كانت مدرجات جامعة دمشق تمتلئ بالحضور من مختلف الشرائح والتيارات الفكرية والثقافية، التي تأتي للاستماع إلى الندوات الفكرية والثقافية، وقد كان يشارك فيها نخبة من الأكاديميين والمفكرين العرب، وتتناول قضايا فكرية وسياسية وأدبية هامة ومتنوّعة، تخصّ الواقع العربي وثقافته وما تطرحه من تحديات.