إنقاذًا لاقتصاد منهار..

تقرير: طهران تستدين من موسكو بعد هبوط الريال الإيراني

انهيار الاقتصاد الإيراني

وكالات

في ظل استمرار انهيار الاقتصاد الإيراني، لجأت طهران إلى الاقتراض الخارجي، مع شن حملات اعتقال ضد تجار العملة الصعبة بعد انهيار الريال؛ حيث أعلن قائد الشرطة في العاصمة الإيرانية طهران، حسين رحيمي، إلقاء جهاز الشرطة القبض على عشرين تاجرٍ من تجار العملة الصعبة في طهران، في أعقاب الانهيار الجديد الذي شهدته عملة الريال المحلية التي هبطت مجددًا إلى 13 ألف ريال مقابل الدولار الواحد.

وأكد رحيمي، أن جميع محلات الصرافة غير المرخصة تم إغلاقها، إضافةً إلى إغلاق سوق المضاربين في ميدان فردوسي ومناطق أخرى من طهران، لافتًا إلى أنه تم اعتقال أكثر من 190 تاجر عملة أجنبية، وإيداعهم في السجن بتهمة التلاعب بأسعار الصرف.

 

الاستدانة من روسيا

أكدت وسائل إعلام إيرانية أن النظام الإيراني قدم طلب استدانة 5 مليارات دولار من روسيا؛ لدعم موازنة البلاد التي تعاني عجزاً وصل إلى نحو 10 مليارات دولار، بحسب تقرير صادر عن البنك المركزي الإيراني، وذلك في أعقاب تراجع الصادرات الإيرانية النفطية بعد تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية.

ويـأتي ذلك في الوقت الذي يشهد فيه النظام الإيراني مزيدًا من الانقسامات، حول التصويت على استجواب الرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد توجيه مرشد إيران علي خامنئي، اتهامًا له بأنه يحاول دفع إيران؛ للتوقيع على الآلية الأوروبية، التي كانت قد أعدَّتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا؛ للالتفاف على العقوبات الأمريكية، والتي يراها خامنئي مهددًا أساسيًا لمصلحة نظامه.

ووفق تقارير إيرانية، فإن البرلمان وافق على تقديم طلب الحصول على القرض؛ لدعم الموازنة من روسيا بقيمة 5 مليارات دولار، على ضوء ارتفاع معدلات أسعار السلع الأساسية إلى نحو 33 في المئة (أعلى من المعدل الذي توقعه البنك الدولي بنسبة 9 في المئة)، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وارتفاع معدل الجريمة؛ بسبب الفقر والإدمان والبطالة، في وقت تشهد فيه البلاد مزيدًا من الاحتجاجات والإضرابات العمالية.

تضييق الخناق

 

الباحث في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»: إن  اتجاه إيران للاستدانة من الخارج في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، هو أمر طبيعي، خاصةً وأن عجزًا كبيرًا اتَّسمت به الموازنة العامة، التي تم الإعلان عنها قبيل أسابيع، على الرغم من أنها اعتمدت على قدرة إيران على تصدير نحو مليون ونصف المليون برميل من النفط يوميًا، وهو الأمر الذي أصبح معلومًا لدى كل المتابعين للشأن الإيراني، أنه غير ممكن على الإطلاق في ظل التراجع الشديد في صادرات النفط الإيراني.

وأشار الهتيمي إلى أن لجوء إيران إلى روسيا؛ للاستدانة، فإن ذلك يعكس إلى أي مدى تضيق الحلقة على إيران، فمن ناحية أصبح عثور إيران على طرف يقبل بمنحها قروضًا أمرًا صعبًا؛ إذ يعد ذلك مجازفة غير مأمونة العواقب، خاصةً وأن التوتر فيما بين إيران وأمريكا لا زال قائمًا، فضلًا عن كل السيناريوهات بشأن تطور العلاقات البينية قابلة للتحقق.

وأوضح الباحث في الشأن الإيراني، أن ما يميز الطرف الروسي، هو كون روسيا واحدة من أهم القوى المناوئة للنفوذ الأمريكي ومن ناحية أخرى، فإن هذا يعني أن إيران مضطرة ومرغمة على أن تقدم المزيد من التنازلات لروسيا في العديد من الملفات، وأبرزها الملف السوري، الذي شهد خلال الفترة الماضية تنافسًا شديدًا بين روسيا وإيران؛ إذ تسعى كل منهما إلى أن تحصل على القدر الأكبر من الكحكة السورية.

توزيع أدوار

ويضيف الهتيمي، ستسعى إيران إلى أن تقنع الطرف الروسي بأهمية توزيع الأدوار، وتثبت مبدأ عدم قدرة كل من روسيا ونظام الأسد على الاستغناء عن الدور الإيراني في  سوريا، وأن طهران ليست عازمة على العمل، أو حتى على دفع نظام الأسد؛ للتعاطي مع القوات الروسية في سوريا باعتبارها قوات أجنبية، الأمر الذي يرسخ لأقدام روسيا بشكل أكثر قوة في سوريا.

وأشار الباحث في الشأن الإيراني، إلى أن ذلك يكشف بالطبع عن مدى براجماتية النظام الإيراني، الذي هو أبعد ما يكون عن بروبجندا الشعارات، التي يدندن بها ليل نهار؛ إذ في الوقت الذي يتعاطى فيه مع القوات الأمريكية وغيرها باعتبارها قوات أجنبية غازية ومحتلة، في الوقت الذي يفتح فيه الباب على مصراعيه أمام القوات الروسية، وكأنها قوات نزلت من السماء دون الالتفات إلى السياسات الروسية، التي لا تختلف في كثير عن نهجها عن السياسات الأمريكية، وإن اختلفت الوسائل والأساليب، فما يشغل قادة إيران هو مصالحها الخاصة وفقط، ومن ثم توظيف كل ما ترفعه وتلوينه بحسب ما يتطلب الموقف.