الانتخابات الرئاسية..

"الديمقراطيون" يواجهون انقساما متزايداً بشأن تأييد إسرائيل

هيلاري كلنتون وبيرني ساندرز من اقطاب الحزب الديمقراطي

واشنطن

يدخل الديمقراطيون الدورة الانتخابية لعام 2020 بأكبر عدد من المتنافسين الرئيسيين لخوض الانتخابات الرئاسية، في مواجهة المرشح الجمهوري الذي سيكون على الأرجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهم (الديمقراطيون) على استعداد بشكل متزايد لكسر التقاليد السياسية الأرثوذكسييه المؤيدة تقليديا وبشكل تلقائي لإسرائيل كما كان عليه الحال على الأقل لستين عاما مضت.

وساعد فوز كوكبة من النجوم السياسيين التقدميين في الانتخابات النصفية الماضية (6/11/2018) للكونغرس الأميركي، مجلس النواب، واتساع القاعدة الانتخابية بشكل مستمر ، وظهور تعاطف مع حقوق الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى، بدفع ستة من المرشحين حتى الآن من هؤلاء الطامحين في الرئاسة إلى التخلي عن اللوبي المؤيد لإسرائيل (إيباك) في الأسبوع الماضي، عندما صوتوا، إلى جانب 17 سيناتورا آخر في مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي ضد مشروع قانون تجريم مقاطعة إسرائيل (BDS) علما أن رئيس الأقلية الديمقراطية في المجلس، السيناتور تشاك شوومر، والقيادة التقليدية في الحزب الديمقراطي صوتوا لصالح قانون تجريم مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي، في تحد واضح لقدرات وأثر اللوبي الإسرائيلي الذي طالما تمتع بدعم أعمى من الحزب.

وتفجرت الانقسامات والنقاشات الدائرة داخل الحزب (الديمقراطي) بشأن التأييد المطلق لإسرائيل على وسائل الإعلام الاجتماعية ليلة الأحد الماضي، 10 شباط 2019، عندما قالت النائبة الديمقراطية من ولاية مينيسوتا إلهان عمر، في سلسلة من التغريدات المثيرة للجدل بأن دعم كبار الجمهوريين في الكونغرس لإسرائيل "يتعلق فقط بالأموال" وان هؤلاء يرتبطون بمنظمة اللوبي الإسرائيلي اليمينية القوية "إيباك"، الأمر الذي أثار حفيظة التقليديين في الحزب الديمقراطي، وكل الجمهوريون، الذين قفزوا الى عربة اتهام إلهان عمر "بمعاداة السامية" ما اضطرها للاعتذار تحت وطأة ضغوط الآلة الحزبية ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

يشار إلى أن النائبة إلهان عمر (الصومالية الأصل) وزميلتها، النائبة الديمقراطية من ولاية ميشيغان، الفلسطينية الأصل، رشيدة طليب ، صرحتا علناً بانهما تؤيدان حركة مقاطع اسرائيل وسحب الاستثمارات منها (BDS)، وهو ما أجج الجدل، ودفع باللوبي الإسرائيلي (إيباك) وأنصاره الكثر في الكونغرس لفقدان توازنهم، وحشد الطاقات "لمعاقبة" النائبتين عمر وطليب.

ويحاول اللوبي الإسرائيلي وأنصاره في الولايات المتحدة صبغ أي نشاط لمناصرة حقوق الفلسطينيين، سواء كان حركة المقاطعة، أو غيرها بـ"معاداة-السامية".

ويعتقد خبراء أن هذا التصعيد يهدد بمزيد من التعقيد في مسألة معقدة اصلا، تواجه التقدميين والليبراليين في الحزب الديمقراطي، الذين أمضوا سنوات طويلة حتى الآن وهم يتساءلون بحذر عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين أمام قيادة ومؤسسة سياسية تجاهلت عن قصد قلق القاعدة الديمقراطية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية المتعددة.

واستحوذ هذا التحول في الحزب على تركيز واضح في الأسبوع الماضي عندما صوت جميع المرشحين الديمقراطيين تقريباً ضد مشروع قانون مجلس الشيوخ الذي يسمح لحكومات الولايات الأميركية والحكومات المحلية بمنع العقود من أولئك الذين يشاركون في حركة BDS، في سابقة غير معهودة للطامحين بمنصب الرئاسة الأميركية، علما أنهم جميعا استخدموا نفس الحجة للتصويت ضد القانون، بالقول، أنه على الرغم من أنهم يعارضون مقاطعة إسرائيل ، إلا أن معارضتهم لمشروع القانون نابعة من خوفهم في أن يمس هذا القانون بالتعديل الأول في الدستور الأميركي.

يشار إلى أن مشروع تجريم (BDS) مُرر في مجلس الشيوخ بسهولة، حيث حظي بتصويت جميع الأعضاء الجمهوريين (باستثناء عضو واحد) و 25 ديمقراطيا، وحاز على أغلبية 77 صوتا مقابل 23 ضده، ولكن ومن المتوقع أن يفشل القانون في مجلس النواب بسبب الأغلبية الديمقراطية.

يشار إلى أن "معهد بيو للأبحاث والاستطلاعات" وهو الأكثر مصداقية، اشار وجد أن 27 ٪ من الديمقراطيين قالوا بأنهم يتعاطفون مع إسرائيل (في العام 2018)، بينما قال 25 ٪ بانهم يتعاطفون مع الفلسطينيين، وهو ما يمثل انخفاضاً حاداً من نسبة 43٪ الذين اختاروا التعاطف مع إسرائيل قبل عامين فقط. وقال ديمقراطيون أصغر سناً وأكثر ليبرالية، على وجه الخصوص، بأنهم يميلون أكثر للوقوف إلى جانب الفلسطينيين.

وقالت النائبة الهان عمر في مقابلة مع شبكة CNN الأسبوع الماضي "أخيراً أصبحنا قادرين على إجراء محادثات، لم نكن راغبين فيها حقاً في الماضي (مناقشة انتهاكات إسرائيل للفلسطينيين)، لذا من المهم حقاً بالنسبة لنا أن ننظر بصورة مختلفة لما يمكن أن يبدو عليه السلام في تلك المنطقة، والى نوع المحادثات الصعبة التي نحتاجها بشأن الحلفاء " في إشارة لإسرائيل.

وتشير الدلائل الى استعداد الديمقراطيين لانتقاد إسرائيل غالباً في سياق الدعوة الواضحة لمؤازرة الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.

وتنسب شبكة CNN لأحد كبار موظفي مجلس الشيوخ قوله "الحقيقة أن انتقاد إسرائيل قد بدأ بالفعل من خلال اختبار الحدود الخطابية القديمة بطريقة، سعى حتى بعض المسؤولين الأكثر ليبرالية للحزب إلى تجنبها في السابق، فيما سارع المشرّعون الجدد مثل رشيدة طليب وإلهان عمر، وإسكندرية أوكاسيو كورتيز لكسر تلك القيود، ويبدو أنهم مستعدون ومصرون الان على اطلاق نقاشات طالما خنقها الديمقراطيون أو سعوا إلى تجنبها" مضيفا "إن هذا النقاش قادم".

يشار إلى أن انتقاد السياسة الإسرائيلية ارتفع منذ عام 2015، عندما جاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى مبنى الكونغرس لشجب الاتفاق النووي الإيراني في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بحسب جيريمي بن عامي رئيس منظمة "جي ستريت" اليهودية الأميركية.

وقال بن عامي "عندما جاء (نتنياهو) إلى الكونغرس وجادل ضد سياسات رئيس الولايات المتحدة الجالس في البيت الأبيض بناء على دعوة من رئيس الجمهوريين في ذلك الوقت ، كان ذلك في الواقع ما أعتقد أنه سيعتبر اللحظة التاريخية التي أنهت التأييد التلقائي لإسرائيل، وفتح الباب أمام احتمال أن يكون لدى الناس حججا حول هذه القضايا بطرق ربما لم تتوفر لهم في السابق".

ويرى بن عامي أن نتنياهو "ألقى بجهده مع هؤلاء الطغاة اليمينيين ومع ترامب، ونتيجة لذلك فان الديمقراطيين الليبراليين الذين يشكلون غالبية المجتمع اليهودي، سيعارضون ما يفعله نتنياهو".

وفي بيان صدر يوم الاثنين وصف بن عامي الجدل الدائر حول تغريدات النائبة الهان عمر، وعاصفة الاتهامات الموجهة ضدها بأنها "شديدة السخونة وغير مدروسة ومختزلة".

وقال "يجب أن يكون المسؤولون المنتخبون حساسون وحريصون بشكل خاص بشأن مسألة الدور الذي تلعبه التبرعات المالية للحملات الانتخابية في التأثير على السياسات الأميركية تجاه إسرائيل والشرق الأوسط"، وأنهم "يجب أيضاً أن يمتنعوا عن وصف كل الانتقادات للإجراءات أو السياسات الإسرائيلية بأنها /معادية للسامية/ في جهد شفاف لإسكات النقاش والمناقشة الشرعية لهذا الموضوع".