مشكلة الديمقراطيين مع نتنياهو مرشحة للتفاقم في حال عودته للسلطة..

"واشنطن بوست": نتنياهو ساعد في تقسيم الرأي الأميركي

مشكلة الديمقراطيين مع إسرائيل أكبر من تحركات إلهان عمر ورشيدة طليب

القدس

كتب جاكسون ديهل وهو كاتب عمود أسبوعي في صحيفة واشنطن بوست، مقالاً نشرته له الصحيفة تحت عنوان "الديمقراطيون لديهم مشكلة مع إسرائيل.. ولكنها ليست إلهان عمر"، وجه فيه انتقادات لاذعة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب اللذين وصفهما بأنهما وجهين لعملة واحدة.

ويقول ديهل، وهو من أنصار إسرائيل المتفانين في الصحيفة "إن الحزب الديمقراطي الأميركي لديه مشكلات مع إسرائيل. لكن النائبتين إلهان عمر (مينيسوتا) ورشيدة طليب (ميشيغان)، العضوتان الجديدتان في الكونغرس اللتان جذبتا الانتباه بتغريداتهما السامة ودعمها لحركة المقاطعة، ليستا السبب الرئيسي لتلك المشكلات" مدعيا "أنهما تمثلان أقلية من الأميركيين المعزولين داخل التجمع الديمقراطي، وان المشكلة الأكبر بالنسبة للديمقراطيين تتجسد في الرجل الذي هيمن على السياسة الإسرائيلية طوال العقد الماضي- والذي يُعتبر المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الوطنية المقبلة".

ويضيف " لقد عمل بنيامين نتنياهو بإصرار وبنجاح على إحباط الهدف الذي اتبعه الرئيسان بيل كلينتون وباراك أوباما، وما زال يحتضنه معظم الديمقراطيين الا وهو حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد شن (ننتياهو) حملة لا هوادة فيها ضد اتفاق أوباما النووي مع النظام الإيراني، وهي مبادرة ما يزال معظم الديمقراطيين يدعمونها أيضاً".

ويلفت ديهل الى ان "نتنياهو عمل على ربط حكومة إسرائيل بصراحة بالحزب الجمهوري، وساعد في تقسيم الرأي الأميركي حول إسرائيل على أسس حزبية. وقد اشتد هذا الارتباط خلال إدارة دونالد ترامب: فقد أيَّد نتنياهو ودافع عن، بل وحتى حاكى، رئيساً (دونالد ترامب) يُعتبر غير مرغوب فيه من قبل غالبية قوية من الأميركيين ويحتقره بشدة معظم الديمقراطيين".

ويمضي ديهل مبينا "قد يعتقد المرء أن زعيماً أجنبياً (نتنياهو) يسعى إلى كسب تعاطف واسع في الولايات المتحدة كان ليتجنب دوامة الرئيس ترامب. ولكن في الوقت الذي يسعى فيه للحصول على ولاية جديدة كرئيس للوزراء، ذهب نتنياهو إلى حد وضع صورة ضخمة له بصحبة ترامب على واجهة أحد المباني المكتبية في تل أبيب، وكانت النتائج متوقعة، إذ تظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها عدة منظمات أن تقييمات نتنياهو الشخصية بين الديمقراطيين تراجعت خلال فترة رئاسة ترامب، إلى جانب تراجع دعمهم لإسرائيل".

ويستشهد ديهل باستطلاعات رأي اظهرت انه "في عام 2015، قال 31% من الديمقراطيين، إن لديهم وجهة نظر إيجابية عن نتنياهو، بحسب مؤسسة غالوب؛ وبحلول آب 2018، انخفضت النسبة إلى 17%. وبحسب استطلاعات مجلة ذا إيكونوميست وشركة يوغوف، كما انخفضت نسبة الديمقراطيين الذين قالوا بأنهم يعتبرون إسرائيل حليفاً من 31% إلى 26% خلال ستة أشهر فقط بين كانون الأول 2017 وأيار 2018، وقد جرى الاستطلاع الثاني بعد إتخاذ ترامب لاثنتين من التحركات التي احتفل بها نتنياهو وعارضها الديمقراطيون بشدة هما: الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ونقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل إلى القدس. واُعتقد على نطاق واسع أن الخطوة الأخيرة (الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليه) تخرب فرص التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما أنه بحسب استطلاع ذا إيكونوميست ويوغوف، أيّد 16% فقط من الديمقراطيين نقل السفارة، بينما عارضه 61%، من بينهم 47% عارضوا ذلك بقوة".

ويشرح ديهل "ما زال غالبية الديمقراطيين يقولون بأنهم يعتقدون أن على الولايات المتحدة حماية إسرائيل- وقد وصف 54٪ منهم ذلك بأنه هدف مهم للغاية أو مهم إلى حد ما. ولا يشمل ذلك إلهان عمر ورشيدة طليب، اللتان تؤيدان حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حيث يقول 20٪ فقط من الأميركيين الآن إنهم يدعمون حركة المقاطعة. ولكن مع تعاون نتنياهو وترامب سوياً، يبدو أن مواقف الديمقراطيين تتغير بسرعة".

ويقول ديهل بأن حرب نتنياهو مع الديمقراطيين تعود إلى أكثر من عقدين من الزمن، والخطأ يقع فيها على كلا الجانبين "فعندما ترشح نتنياهو لرئاسة الوزراء عام 1996، أيد كلينتون شيمون بيريس الأكثر اعتدالاً. وبعد انتصار نتنياهو، شاب التوتر اجتماعه الأول في البيت الأبيض، حيث أخبر كلينتون مستشاره دينيس روس بأنه يعتقد أنه هو القوة العظمى، وأنه علينا تنفيذ كل ما يطلبه".

ويضيف ديهل "لقد مضى نتنياهو إلى تخريب عملية السلام مع الفلسطينيين، من خلال عرقلة وإرجاء كل خطوة ممكنة. ويُعتقد أن علاقاته السيئة مع واشنطن قد ساهمت في فشله في انتخابات عام 1999. لكن كلينتون فشل في إبرام اتفاق لإقامة دولة فلسطينية، وذلك بسبب تعنت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وبعد أن شن الفلسطينيون حملة من التفجيرات الانتحارية وبعد أن رفض خليفة عرفات، محمود عباس، عرضاً آخر لإقامة دولة فلسطينية، صوَّت الإسرائيليون على إعادة نتنياهو مرة أخرى إلى منصب رئيس الوزراء في أوائل عام 2009 ".

ويدعي ديهل أنه "ليس من الغريب أن أوباما استقبل نتنياهو، في ضوء ذلك التاريخ، بشك، سرعان ما تحول إلى عداء، إذ صورت إدارته الزعيم الإسرائيلي على أنه العقبة الرئيسية أمام السلام، بينما التمست لعباس العذر بسخاء رغم تعنته. وعندما تقدم نتنياهو للفوز بولاية جديدة في انتخابات عامي 2013 و2015، بذل أوباما قصارى جهده ليكرر ما فعله كلينتون لإخراجه من منصبه. ولكنه فشل في ذلك -ورد نتنياهو من خلال دعم ميت رومني خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2012" .

ويلفت الكاتب في نهاية مقاله إلى أنه "يبدو أن نتنياهو، الذي احتفظ بمنصبه بعد رحيل كلينتون وأوباما، بات ينظر إلى الديمقراطيين على أنهم فاشلون لا يستطيعون إلحاق الأذى به. وتشير تصرفاته إلى رهان على أن ترامب، أو شخص يشبهه كثيراً، سيسيطر على البيت الأبيض لأجل غير مسمى، وأن ما سيحدث لنتنياهو خلال الانتخابات القادمة في ربيع العام الجاري (9 نيسان) سيكون له تأثير في علاقات الحزب الديمقراطي الأميركي مع إسرائيل، أكثر من أي شيء تفعله إلهان عمر أو رشيدة طليب. فإذا ظل في منصبه، فمن المؤكد أن العلاقة المضطربة بالفعل ستزداد سوءاً".