باحث من عدن يكشف معلومات لأول مرة

من هو الذي حرم الغناء في عدن؟

الدكتور يحيى قاسم السهل

خاص (عدن)

قال الدكتور يحيى قاسم السهل مؤلف عدة كتب فنية تعني بالأغنية العدنية واللحجية "ان تحريم الغناء في الجنوب جاء من تعز وتحديدا امامها عندما اوعز لعلي محمد باحميش بتأليف كتاب عن تحريم الغناء طبع تحت اسم "الشيخ الهندي الا ان محمد سعيد جرادة قال انه باحميش ذاته.
وجاء في نص كلمة د. يحيى السهل التي القاها في ندوة عن الاغنية العدنية اقيمت بمركز عدن للبحوث الاستراتيجية والاحصاء: "ان اصالة الفن اليمني ليس بحاجة الى تعريف ( فعرب الحجاز ما يزالون يعترفون بان موسيقى اليمن هي احسن الموسيقى العربية واقربها الى طبع العرب ) لذلك انتشرت الاغنية اليمنية ليس على المستوى العربي بل ودولياً ( رسالة اليونسكو في عام 1964م للموسيقار محمد عبد الوهاب بشان ايقاع استخدمه في احد مقاطع اغنية ( انت عمري ) وبالتحديد في ( يا اغلى من ايامي ... يا احلى من احلامي ) وهو الايقاع اليمني المعروف في اليمن بالمقسوم ..)
وما سبق يجسد مكانة الموسيقى في اليمن وعراقتها واصالتها وتماهيها مع وجدان الناس وتعبيرها عن اشواقهم واحلامهم في افراحهم واتراحهم ولذلك لا غرو في فخر اليمنين بثراتهم الغنائي بألوانه المختلفة وايقاعاته المتعددة وتوارثهم له من جيل الى جيل شفاهه , حاملينه معهم في حلهم وترحالهم مفاخرين بعراقته وتفرده كقول صاحب سلافة العصر : ولأهل اليمن نظم يسمونه الموشح غير موشح اهل المغرب .
وعلى الرغم من الواقع المتزمت الرهيب الموغل في الرجعية والتخلف استطاع الفنان اليمني بعد كفاح شاق ومرير ان يضرب بأوهام الجامدين عرض الحائط امثال الفنان ( بأحسن ) الفقيه القاضي الاديب المؤرخ الملحن عبدالله بن محمد باحسن ( جمال الليل ) الذي انشا فرقة فنية للغناء الصوفي والغناء الطربي وادخل عليها بعض الآلات الايقاعية كالطار والدف والهاجر والمرواس وبعض الآلات الموسيقية كالقنبوس والمدروف والسمسمية والعود وذلك في مدينة الشحر حوالي 1885م وهي الفترة التي دخل فيها العود الى مدينة الشحر لأول مرة .
وبعد وفاة بأحسن بعشر سنوات أي في عامي 1938 – 1939 بدا المطربون اليمنيون تسجيل الاغاني القديمة على الاسطوانات في عدن , واصبحت الاغنية في متناول الناس في بيوتهم ولم يساعد ذلك فحسب على الحفاظ عليها وحمايتها وانتشارها بل والتجديد فيها بوصفها اصبحت مناط للدراسة والبحث من قبل المختصين والمهتمين من اليمنيين وغيرهم , وقد تزامن ذلك مع تكوني النوادي الثقافي والادبية وظهور الصحافة في الاربعينيات ففي 1 يناير 1940 صدر اول عدد من جريدة ( فتاة الجزيرة ) , ولاشك كان لظهور الصحافة اثرها البالغ في النهوض الثقافي والحوار الفكري الذ دار بين العائدين من الطلاب الذين اكملوا دراستهم في الخارج اذ ان الابتعاث الى الخارج بدا في الثلاثينات وبصرف النظر عن المناخ السياسي القائم فقد كان للثقافة والادب نصيبهما وشهدت الصحف معرك نقدية حول العديد من القضايا الادبية والفنية ومنها الموسيقى والغناء ومثال ذلك ما شهدته عدن في الاربعينيات حول ( تحريم الغناء والعزف والفن الموسيقي بأجمعه ) وبصرف النظر عن ما سبق فقد تكونت اول ندوة موسيقية برئاسة الفنان الرائد خليل محمد خليل في عام 1984 وهي (الندوة الموسيقية العدنية ) وفي عام 1951م , اسس الاستاذ محمد عبده غام ( الرابطة الموسيقية العدنية ) وانتشرت الفرق الموسيقية وغيرها من الجمعيات المدنية المهتمة بمجال الغن مثل ( جمعية مولفي الاغاني ) التي تكونت في عام 1956م على يد علي امان .. الخ
.وبموازاة ما يعتمل في مدينة عدن , تكونت في لحج ( الندوة اللحجية ) الموسيقية على يد الامير عبده عبد الكريم عام 1955 وفي 1958 م , اسس عبدالله هادي سبيت ( ندوة الجنوب الموسيقية ) وفي حضرموت ظهرت ( فرقة محمد جمعة خان ) و ( الندوة الموسيقية الحضرمية ) وفي ابين تشكلت ( الندوة الفضلية ) عام 1958م .
وبميلاد الدولة الوطنية المستقلة بتحقيق الاستقلال الوطني 1967م تشكل واقع جديد سياسياً وافتصادياً واجتماعياً وثقافياً ولاشك ان وظيفة الفنان بل والخطاب الني اخذ ابعاد اخرى , تتوائم والمتغيرات الجديدة , وتشكلت للثقافة وزارة للاهتمام بالفنون ورعايتها ومنها الغناء اوالموسيقى وهذا ما سيلاحظه القارئ في هذا العمل الذي لا يهدف الا الى محاولة توثيق جهود المشتغلين في مجال الغن والغناء والموسيقى الذي اعتمدت على لم شتاته من كل ماله صله به من خلال هذه المفردات : ( غناء , موسيقى , لحن ، نغم ، فنان ، نشيد ، موشح ، طرب ، ايقاع ، عود ) فكل وثيقة او عمل او نشاط فني او فعالية ورد في عنوانها احدى تلك المفردات كانت مناط لهذا الجهد المضني .
وأيا كانت اهميته او فائدته او الهدف منه في تقديري فالق بتحريم الفن اول مرة ول الفصل في ذلك للقارئ فهو وحده الذي يملك ان يقيم ما يقرا.