فى ذكرى اغتيال مارتن لوثر كينج..

التاريخ يؤكد: "أوباما" ليس الوريث

مارتن لوثر كينج

وكالات

"لدى حلم بأن يوما من الأيام أطفالى الأربعة سيعيشون فى شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوى عليه أخلاقهم".. هكذا قال الزعيم الأمريكى القس مارتن لوثر كينج، فى خطبته الشهيرة فى مسيرة ضمت أكثر من 250 ألف شخص متجهين نحو البيت الأبيض، عرفت فيما بعد بأكبر مظاهرة فى تاريخ الحقوق المدنية.

 

"مارتن لوثر كينج" تحل اليوم ذكرى اغتياله التاسعة والأربعين، على يد أحد القناصة، بينما كان يتأهب لقيادة مسيرة فى ممفيس لتأييد إضراب (جامعى النفايات) الذى كاد يتفجر فى مائة مدينة أمريكية.

 

"كينج" أحد أبرز مناهضى العنصرية، وأهم من ناضلوا من أجل الحرية وحقوق الإنسان، حتى صار زعيما وملهما للكثيرين ممن يناضلون من أجل نيل الحرية.

 

كان لـ مارتن لوثر كينج مواقف كثيرة حتى أنه قال فى خطاب هاجم فيه الحزبين السياسيين الرئيسيين (الجمهورى والديمقراطى) وردد صيحته الشهيرة "أعطونا حق الانتخاب"، ونجحت مساعيه فى تسجيل خمسة ملايين من الأمريكان ذوى الأصول الأفريقية فى سجلات الناخبين فى الجنوب خلال عام 1963، بعدما صدر قانون حقوق التصويت الانتخابى الفيدرال. كما برز فى عقد الستينيات العديد من الزعماء السود، أمثال هيوى نيوتن، مالكوم إكس، وإلدريدج كليفر.

 

اعتبر الكثيرون أن حلم مارتن لوثر ورسالته لنيل الحرية تحققت، بفوز الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، والتى جعلت العديد يشعرون بفخر كونه أول رجل من أصول أفريقية، يصل إلى مقعد رئيس أكبر دولة فى العالم، لكن ذهبت تلك التكهنات بعيدا بعدما تولى أوباما الرئاسة الأمريكية، خاصة فى فترته الرئاسية الثانية والتى شهدت اضطرابات عنصرية واسعة، حتى أن المدعى العام فى مدينة ديترويت قال: "العلاقات العرقية أصبحت أكثر اضطرابا من أى وقت مضى"، مضيفا: "أعتقد أنه عندما انتخب الرئيس باراك أوباما أصبحت العنصرية أكثر علنية".

 

وشهد عهد أوباما العديد من الحوادث العرقية، خاصة ضد السود وكأن وجود رئيس أفريقى لم يكن كافيا لعلاج العنصرية الأمريكية التى اعتبرها البعض انتهت فى عصر "كينج" وكان أبرز تلك الوقائع فى عام 2012، عندما أطلق رجل شرطة أبيض فى ولاية فلوريدا النار على شاب أسود (17 عاما) بينما كان فى طريق العودة إلى منزله بعد شراء حلوى، وذلك فى نفس توقيت استعداد أوباما، لتولى فترة رئاسية ثانية.

 

كما أن عدة احتجاجات وتوترات عرقية شهدتها مدن أمريكية عدة بعد رفض هيئتى محلفين فى كل من "ميزورى ونيويورك" توجيه الاتهام لشرطيين مسئولين عن مقتل رجلين أسودين أعزلين، فيما عرف بأحداث "دالاس" والتى قطع خلالها أوباما زياته لأوروبا، حيث انفجرت الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بالعدالة، والتى لم تخلو من المواجهات العنيفة التى مرت بحرق المتظاهرين لبعض المنشآت وصولا إلى إعلان حالة الطوارئ فى إحدى الولايات التى سادتها حالة من الفوضى العارمة، ولليلة الثانية على التوالى، احتشد أكثر من 1500 شخص مساء الخميس، فى شوارع نيويورك للاحتجاج، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "حياة السود هامة" و"العنصرية تقتل".

 

كان هناك أيضا حادث مقتل الشاب الأسود مايكل براون على يد شرطى أبيض، بضاحية سانت لويس فى مدينة فيرغسون بولاية ميزورى فى التاسع من أغسطس من عام 2014، له تأثير كبيرا فى تفجير عدة احتجاجات أخرى، ضد الممارسات الشرطية ضد الأمريكان السود.

 

كل ذلك أكد أن أوباما لم يكن خليفة لكينج بل إنه أطاح بأحلامه حول مجتمع خال من العنصرية، حتى أن المؤرخ البروفيسور جزيل ال جومرد تحدث عن ملامح سياسة أوباما، لحظة تسليمه لملفاته الأخيرة قبل خروجه من البيت الابيض قائلا "الرئيس غير الأبيض، أكثر بياضا مما نتوقع"، وهى الجملة نفسها التى قالها من قبل الشاعر الكبير سعدى يوسف "أوباما الرئيس الأشد بياضا".