تحجيم إيران مفيد للعرب..

تحليل: إلى أي مدى سيطول الصراع في حرب اليمن؟

حصول تحولات كثيرة في الولاءات والجبهات

إسلام محمد

- ليس هناك علاقة تربط بين العقوبات الأمريكية والتوسعات الإيرانية في العالم العربي

- إسرائيل تسعى لاستغلال المخاوف العربية من المشروع الإيراني

- الحالة السورية مختلفة عن باقي الحالات الأخرى مثل العراق ولبنان واليمن

- التلاعب الإيراني في أطراف اللعبة السياسية العراقية مستمر

- أي تحجيم للدور الإيراني فيه إفادة للأطراف العربية

 

تحدث الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المتخصص فى الشأن الإيرانى محمد الشاعر، في حوار لـ«المرجع» عن المشهد الإقليمي العربي في ضوء محاولات التوغل الإيراني في المنطقة العربية.

ويلقي «الشاعر» الضوء على تأثير العقوبات الأمريكية الأخيرة على المشروع الإيراني، ويبين الحجج والمبررات التي يتذرع بها نظام الملالى لتوسيع نفوذه، ودعم أذرعه التخريبية داخل الدول العربية، كما يناقش آفاق الأزمة اليمنية في ظل التطورات الميدانية على الأرض وفرص إنهاء الحرب بين ميليشيات الحوثي المدعوم من إيران والحكومة الشرعية، على النحو التالى:

هل تمثل العقوبات الأمريكية الأخيرة على طهران بداية النهاية للتوسعات الإيرانية الأخيرة في العالم العربي؟

أعترض على وصفها بالتوسعات الإيرانية، ولكن يمكن أن نطلق عليها التدخلات الإيرانية في الشأن العربي أو في البلدان العربية، سواء كانت تدخلات سياسية أو دعمًا عسكريًّا لبعض أذرعها داخل المنطقة العربية، مثل جماعة الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي وبعض الكتل الشيعية في العراق، ولا أعتقد أن هناك علاقة سببية تربط بين العقوبات الأمريكية الأخيرة والتدخلات الإيرانية في العالم العربي، ولكن قد تكون العقوبات الأمريكية الأخيرة أحد العوامل المؤثرة في تقليص الدور الإيراني إلى حد بسيط وليس إلى حد كبير، لأن دولة الملالي في إيران تنتهك سياسة مدروسة من حيث التدخلات فتتحزب لكتل سياسية محددة داخل كل قطر تتدخل فيه يزداد نفوذها يومًا بعد يوم في المناطق المستهدفة.

يروج نظام الملالي لفكرة أن رفض مشروعه في المنطقة هو انصياع للمشروع الإسرائيلي، كيف ترى هذه الادعاءات؟

بالفعل إسرائيل تسعى لاستغلال المخاوف العربية من المشروع الإيراني وتحاول تحقيق أقصى استفادة ممكنة من ذلك، وتسعى لاستثمار هذه المواقف، ما أمكنها ذلك ولكن النظام في طهران يردد باستمرار أن برنامجيه النووي والصاروخي، إنما يهدفان لخدمة وحماية الدول الإسلامية، ولو كان ذلك صحيحًا لكان هناك تعاون مثمر بين إيران وبعض الدول العربية في تطوير الأسلحة والشؤون العسكرية بصفة عامة وهذا بخلاف الواقع.

الميليشيات الشيعية في العالم العربي تحاول شرعنة جودها بشتى الطرق، فهل نجحت في ذلك؟

الحالة السورية مختلفة عن باقي الحالات الأخرى مثل العراق ولبنان واليمن، ففي سوريا توجد أعداد كبيرة من مقاتلي الحرس السوري الإيراني وميليشيات «الباسيج» والمرتزقة الشيعة من باكستان وأفغانستان ولبنان ومن سوريا نفسها، تحت غطاء أنهم مستشارون عسكريون يساعدون النظام السورى، وليسوا قوات احتلال وهذه الميليشيات العاملة في سوريا تعمل كورقة ضغط إيرانية تستخدمها طهران في مفاوضاتها مع الغرب. 

ونجح نظام الملالي في عقد معاهدة دفاعية مع نظيره السوري واستخدمها كإطار شرعي لوجود ميليشياته وقواته على الأراضي السورية وبذلك حصلت على دعم من دمشق وموسكو في آن واحد، لأن الروس يستفيدون من الوجود الإيراني على الأرض لاستخدامه في المعارك، أما عن الوجود الإيراني في العراق ولبنان واليمن فهو يختلف عن الحالة السورية التي تعللوا فيها بتأييد النظام، كمبرر لوجودهم هناك، فالوجود الإيراني بدأ بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وذك تحت مبرر تأمين الحوزات والمراقد الشيعية وتأمين الحجاج الإيرانيين وتنامى الدور الإيراني في العراق مع ظهور «داعش»، فكانت أول دولة تقدم مساعدات عسكرية للعراق للقضاء علي تنظيم «داعش» الذي كان الذريعة الرئيسية للوجود الإيراني على الأرض. 

واستمر وجودها ونفوذها السياسي والعسكري في العراق، فيما بعد عندما تقلص دور «داعش»، فالتلاعب الإيراني في أطراف اللعبة السياسية العراقية مستمر بشكل كبير حتى الآن، فالانتخابات الأخيرة تمخضت عن مكاسب كبيرة لطهران، كان أبرزها فوز محمد الحلبوسي برئاسة البرلمان وهو من الشخصيات التابعة للنظام الملالي رغم أنه سني.

هل تعتقد أن نجاح ترامب في إجبار الإيرانيين على الجلوس على مائدة التفاوض سيصب في مصلحة العرب؟

أي تحجيم للدور الإيراني فيه إفادة للأطراف العربية لكني لا أعتقد أن البرنامج الصاروخي الإيراني سيتم تحجيمه لأنهم يعتبرونه مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم، لأن الحرب الحديثة بخلاف الشكل التقليدي القديم للحروب لم يعد الوجود البري فيها هو الأهم، فالآن أصبحت الصواريخ والطائرات بدون طيار علامة فارقة في الحروب الأخيرة فقد يمكن التوصل إلى صيغ جيدة للاتفاق النووي لكني أستبعد أن تسهم في تحجيم التطلعات الإيرانية فيما يتعلق بالبرنامج الصاروخي.

هل يمكن أن نشهد نهاية قريبة للصراع في اليمن؟

في اعتقادي أن النزاع في اليمن سيطول لأبعد مدى ممكن، ومن الصعب أن يتم حسمه قريبًا لعدة أسباب: سياسية وعسكرية وداخلية، لأن طبيعة القبائل اليمنية نفسها تعد جزءًا من المشكلة، فبعضها كان مع الرئيس علي عبدالله صالح ثم انقلبوا عليه عندما تحالف مع الحوثي، ثم انقلب هو شخصيًّا على الحوثي، فهناك تحولات كثيرة في الولاءات والجبهات وكل هذا مما يعرقل إنهاء النزاع في اليمن.

هل يمكن أن نشهد سقوط النظام الإيراني قريبًا بسبب الاحتجاجات الداخلية؟

من المستبعد أن تؤدي هذه المظاهرات إلى سقوط النظام لأنه اتخذ لنفسه أسلوبًا فريدًا من نوعه فيما يتعلق بتراتبية السلطة، فكل سلطة هناك فوقها سلطة أعلى منها في شبكة معقدة تجعل من الصعب إسقاطها، بالإضافة إلى أن الحرس الثوري الإيراني يضع يده على جميع مفاصل البلاد ويمارس القمع ضد أي حركة معارضة أو حتى مع المختلفين معه داخل النظام نفسه، كما حدث مع موسوي ونجاد وغيرهما من أقطاب النظام السابقين الذين لا يعارضون نظام ولاية الفقيه من الأساس.

وماذا عن المعارضة من الخارج؟

بالنسبة للمعارضة الإيرانية في الخارج مثل حركة «مجاهدي خلق»، فنفوذها على الأرض تقلص بشدة منذ انتقالها إلى الخارج بعكس وضعها في السابق، عندما كانت تسبب صداعًا كبيرًا لهم، فالتظاهرات قد تزيد من مشكلات النظام لكنها مازالت بعيدة عن مسألة إسقاطه.

وماذا عن المنظمات المقاومة التي تعبر عن الأقليات المضطهدة داخل إيران؟ هل يمكن المراهنة عليها؟

الأقليات مختلفة فيما بينها اختلافات جذرية، ولا يوجد رابط يجمعهم وينسق جهودهم معًا، نظرًا للاختلافات الكثيرة بينهم، الجغرافية والثقافية والمذهبية والفكرية، فحتى الآن لا تستطيع إحداث تغيير هيكلي داخل النظام.