صبر الجيش الجزائري ينفذ يريد حلاً في "أقرب وقت"..

بوتفليقة يتعنّت: أنا باق في الحكم!

بوتفليقة يرفض التنازل

وكالات

 أربعة أيام من الصمت منذ أن ضاقت أنهج الجزائر وأزقتها بالمتظاهرين، يخرج بعد طول انتظار الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة ليقول: أنا إلى جانبكم وفي خدمتكم حتى انتخاب رئيس جديد!

وأكد الرئيس بوتفليقة الاثنين بما لا يدع مجالا للشكّ أنه باق في الحكم بعد انتهاء ولايته الرابعة في 28 أبريل، إلى حين تسليم السلطة الى رئيس منتخب بعد "ندوة شاملة" وتعديلات دستورية، بحسب رسالة نشرتها وكالة الانباء الرسمية (واج).

يقول بوتفليقة في رسالته: "تشهد الجزائر عما قريب نقلة سلسة في تنظيمها، وتسليم زمام قيادتها إلى جيل جديد لكي تستمر مسيرتنا الوطنية نحو المزيد من التقدم والرقي في ظل السيادة والحرية".

وتابع في رسالته بمناسبة عيد "النصر" المصادف لوقف اطلاق النار في 19 مارس 1962 وانتهاء حرب "التحرير" من المستعمر الفرنسي: "تلك هي كذلك الغاية التي عاهدتكم أن أكرس لها آخر ما أختم به مساري الرئاسي، إلى جانبكم وفي خدمتكم".

وكان بوتفليقة أعلن في 11 مارس إنه سيسلم السلطة لرئيس منتخب، بعد "ندوة وطنية"، وهو الأمر الذي رفضه الشارع واحتج ضدّه مئات الآلاف كونه صار "غير لائق" للحكم بسبب مرضه وتقدّمه في السنّ، وعجزه عن تلبية طموحات الجزائريين طيلة عقود من الحكم شبه الفرديّ.

واعتبر بوتفليقة أن "مهمة هذه الندوة حساسة لأنها ستتخذ القرارات الحاسمة (...) مـن خلال تعديل دستوري شامل وعميق (...) يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتداه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي البلاد برئيسها الجديد" ما يؤكد بقاءه في الحكم الى ما بعد 28 أبريل.

وأشار الى دور الجيش في الحفاظ على "أمن البلاد واستقرارها" إلا ان ذلك يحتاج كذلك "إلى شعب يرقى إلى مستوى تطلعاته (...) ويحرص على استجماع ما يسند به ويعـزز ما يبذله جيشنا حاليا في سبيل حماية الجزائر من المخاطر الخارجية".

وقبل ذلك، دعا رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إلى "التحلي بالمسؤولية" لإيجاد "الحلول في أقرب وقت" للأزمة السياسية التي تشهدها الجزائر منذ نحو شهر وتجلت خصوصا في تظاهرات حاشدة ضد تأجيل الانتخابات وبقاء بوتفليقة في الحكم.

واوضح أنه "على يقين تامّ أن الشعب الجزائري، الذي لطالما وضع مصالح البلاد فوق كل اعتبار، يحوز ويملك من الإمكانيات الضرورية لجعل بلده يتفادى أيّ وضع صعب من شأنه أن يستغل من قبل أطراف أجنبية لإلحاق الضرر به".

وقال إن "الأمل في أن تبقى الجزائر دائما وأبدا فوق كل التحديات، هو أمل قائم ودائم (...) يحمل في طياته البشرى بغد أفضل (...) يفتخر الجيش الوطني الشعبي بأنه من صنّاعه".

ومن المتوقع حسب معاينات الأولية أن تلقى رسالة بوتفليقة سخطا وحنقا في أوساط معارضيه، كونه لم يستجب لمطالب الحشود المتظاهرة ولم يضع حدا للغموض الذي يكتنف تمديد ولايته الرابعة بشكل غير دستوري.

صبر الجيش ينفذ

دعا رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الاثنين إلى "التحلي بالمسؤولية" لإيجاد "الحلول في أقرب وقت" للأزمة السياسية التي تشهدها الجزائر منذ نحو شهر والتي تجلت خصوصا في تظاهرات حاشدة ضد النظام الحاكم.

وقال رئيس الاركان في خطاب أمام الضباط العاملين في بشار، جنوب غرب الجزائر، إن "كل ذي عقل وحكمة، يدرك بحسه الوطني وببصيرته البعيدة النظر، بأن لكل مشكلة حلا، بل، حلولا، فالمشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل، وملائمة".

واضاف الفريق المنتمي الى الدائرة المقربة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يكابد لعدم التخلي عن الحكم رغم مرضه، والذي يعتبر أحد انصاره الأوفياء "نؤمن أشدّ الإيمان بأنها (الازمة) تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت"، بعدما تعهّد أن "الجيش الوطني الشعبي سيكون دوما، وفقا لمهامه، الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال".

وحيا قايد صالح، الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع، في الشعب الجزائري "حسّا وطنيّا بل وحضاريّا بالغ الرّفعة" خلال التظاهرات المستمرة منذ 22 فبراير للمطالبة برحيل النظام الحاكم.

واوضح أنه "على يقين تامّ أن الشعب الجزائري، الذي لطالما وضع مصالح البلاد فوق كل اعتبار، يحوز ويملك من الإمكانيات الضرورية لجعل بلده يتفادى أيّ وضع صعب من شأنه أن يستغل من قبل أطراف أجنبية لإلحاق الضرر به".

وقال إن "الأمل في أن تبقى الجزائر دائما وأبدا فوق كل التحديات، هو أمل قائم ودائم (...) يحمل في طياته البشرى بغد أفضل (...) يفتخر الجيش الوطني الشعبي، بأنه من صنّاعه".

وظل الجيش الجزائري القويّ والنافذ، يلعب دوره المؤثر في السلطة من وراء الكواليس لكنه تدخل في وقائع محورية. وفي أوائل التسعينات ألغى قادة الجيش انتخابات كان من المتوقع أن يفوز بها حزب إسلامي مما أسفر عن حرب أهلية أودت بحياة نحو 200 ألف شخص.

ثلاثاء غاضب

لم يطفئ التنازل الذي قدمه بوتفليقة للمتظاهرين الأسبوع الماضي فورة الاحتجاجات والتي من المتوقع استمرارها يوم غد الثلاثاء الذي يوافق عطلة عيد الاستقلال.

ودعا أطباء الجزائر لاحتجاجات حاشدة ضد الرئيس اليوم الثلاثاء في تصعيد للضغوط على الرئيس المريض الذي يتشبث بالسلطة.

وحثت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين في بيان يوم الاثنين طلاب الطب على المشاركة في الاحتجاجات وإدانة ”العصابات الحاكمة“.

وفي تنازل جديد، أخطرت وزارة الشؤون الدينية في الجزائر أئمة المساجد يوم الأحد بأنه لم يعد يتعين عليهم إخطار السلطات بالخطب التي سيلقونها على المصلين للحصول على موافقة عليها. وعبر أحد كبار رجال الدين عن معارضة للحكومة الأسبوع الماضي.

ومنذ عودته من العلاج الطبي في سويسرا، خسر بوتفليقة بعض حلفائه في الأيام القليلة الماضية ومن بينهم أعضاء كبار في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.

وفي أحدث ضربة للنخبة الحاكمة، رفضت 13 نقابة جزائرية مستقلة دعم مساعي رئيس الوزراء المعين حديثا نور الدين بدوي لتشكيل حكومة.

رسالة بوتفليقة 

"بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين

وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين

أيتها السيدات الفضليات,

أيها السادة الأفاضـل,

نحتفي اليوم بعيد النصر, عيد أطلق عليه شعبنا تسمية هو حقيق بها إذ كان يوم 19 مارس 1962 يوم انتصارنا, حسا ومعنى, على الاستعمار حين أذعن واعترف بحقنا الشرعي في الاستقلال و السيادة.

لقد كان هذا الانتصار تتويجا لمقاومة مريرة, مقاومة دامت أزيد من قرن بين طغيان المحتل المدجج بقـدرات عسكرية عالمية, و شعب أعـزل ولكن متسلح بإرادة فولاذية, و بإيمانه بالنصر.

لقد أخفق المستعمر, رغم وحشيته, في إبادة شعبنا من فوق أرضه في القرن التاسع عشر, كما أخفق, و لله الحمد, في طمس هويتنا و تغييبها في بلادنا رغم كل ما جنده و جلبه من أجناس مختلفة للاستيطان في الجزائر, و ما سلطه من قمع و تجويع و تجهيل على أبناء الجزائر.

أجل, لقد فشلت الوحشية الاستعمارية في كسر تصميمنا على انتزاع الحرية و إن كلف ذلك شعبنا الأبي مجازر مثل مجزرة يوم النصر العالمي على النازية, يوم 08 مايو 1945 التي خلفت عشرات, إن لم نقل, مئات الآلاف من الشهداء و الضحايا من رجال و نساء وأطفال.

خلافا لما حلم به المستعمر, أصبحت مجازر 1945 وقودا قويا للهيب الذي اشتعل يوم أول نوفمبر 1954 في خضم ثورة زعزعت ضمائر العالم, وكلفت الشعب الجزائري تضحيات جساما, ثم توجت بالنصر والحرية و الاستقلال.

ففي هذه الذكرى, أترحم بخشوع و إجلال على أرواح شهدائنا الأمجاد, كما أتوجه بتحية أخوية حارة إلى من بقي على قيد الحياة من رفقائي المجاهدين والمجاهدات داعيا بالجنة و المغفرة لمن رحلوا إلى جوار ربهم منذ الاستقلال إلى اليوم.

أيتها السيدات الفضليات,

أيها السادة الأفاضــل,

إن المناسبات التذكارية مثل التي تجمعنا اليوم هي فرص للتمعن في المسيرة التي قطعناها و التطلع نحو المستقبل الذي يليق بالجزائر.

على ذكر المسيرة هذه, أكتفي بالاعتزاز بكل ما أنجزته الجزائر المستقلة, بفضل عزم شعبها الأبي, من بناء و تشييد و ما أبدته من قدرة على التغلب على المحن و المآسي و ترجيح الجنوح إلى التآخي والوئام والمصالحة من أجل الجزائر.

إن بلادنا مقبلة على تغيير نظام حكمها و تجديد منهجها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي على يد الندوة الوطنية الجامعة التي ستعقد في القريب العاجل بمشاركة جميع أطياف الشعب الجزائري.

إن مهمة هذه الندوة مهمة حساسة لأنها هي التي ستتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا و خاصة أجيالنا الشابة, القفزة التي ستتجسد مـن خلال تعديل دستوري شامل وعميق سيبت فيه الشعب عن طريق الاستفتاء, تعديلا يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتداه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي البلاد برئيسها الجديد.

أيتها السيدات الفضليات,

أيها السادة الأفاضــل,

سيخول للندوة الوطنية الجامعة أن تتداول, بكل حرية, حول المستقبل الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد, مستقبل مثقل بالتحديات في هذا المجال, مستقبل في حاجة حقا إلى إجماع وطني حول الأهداف والحلول لبلوغ تنمية اقتصادية قوية و تنافسية, تنمية تضمن الاستمرار في نمطنا الاجتماعي المبني على العدالة والتضامن.

إن هذا النهج سيسهم, لا محالة, في تحرر الجزائر من التبعية للمحروقات, و من تذبذب السوق العالمية لهذه الثروة.

كما أن تعزيز بلادنا اقتصاديا و اجتماعيا سيجعلها تقوى أكثر فأكثر على الحفاظ على سلامة ترابها وأمنها في محيط مباشر ملتهب, و في عالم مثقل بمخاطر الأزمات المتعددة الأشكال.

صحيح أن للجزائر جيشا وطنيا شعبيا سليل جيش التحرير الوطني, جيشا يتميز بالإحترافية العالية, وبروح التضحيات المثالية, إلا أن أمن البلاد واستقرارها في حاجة كذلك إلى شعب يرقى إلى مستوى تطلعاته الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية, ويحرص على استجماع ما يسند به و يعـزز ما يبذله جيشنا حاليا في سبيل حماية الجزائر من المخاطر الخارجية, لكي يتمتع هو بالعيش في كنف الاستقرار والسكينة.

ذلكم هو المستقـبل الذي يكون, بعون الله, أفضل عرفان تقدمه بلادنا لشهدائها الأمجاد و لمجاهديها الأشاوس.

تلكم هي كذلك الغاية التي عاهدتكم أن أكرس لها آخر ما أختم به مساري الرئاسي, إلى جانبكم و في خدمتكم, لكي تشهد الجزائر عما قريب نقلة سلسة في تنظيمها, و تسليم زمام قيادتها إلى جيل جديد لكي تستمر مسيرتنا الوطنية نحو المزيد من التقدم و الرقي في ظل السيادة والحرية.

عاشت الجزائر, المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

والسلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته".