مراوغة على العقوبات الأميركية..

صادرات زيت إيرانية تنقل الوقود بأوراق مزورة

توثيق عمليات الاحتيال على العقوبات

سنغافورة

أظهرت بيانات تتبع السفن ومعلومات من الموانئ أن ناقلتين على الأقل تمكنتا من نقل شحنات من زيت الوقود الإيراني إلى آسيا خلال الأشهر الماضية، في اختراق للعقوبات الأميركية المفروضة على مثل تلك الشحنات.

وتم تحميل الشحنات في الناقلات بموجب مستندات تظهر أن زيت الوقود عراقي، لكن 3 مصادر في قطاع النفط العراقي أكدت أنها مزورة.

وتُظهر التحويلات أنه تم الاتجار بتلك الشحنات على الأقل، رغم أنها مشمولة بالعقوبات التي فرضتها واشنطن في نوفمبر الماضي للضغط على طهران للتخلي عن برامجها النووية والصاروخية وسياساتها المزعزعة لدول المنطقة.

وتكشف عن إحياء طهران وبعض التجار للأساليب التي سبق استخدامها في مراوغة العقوبات السابقة على إيران في الفترة من 2012 إلى 2016.

وقال بيتر كيرنان كبير محللي الطاقة لدى وحدة معلومات الإيكونومست “سيرغب بعض المشترين بالنفط الإيراني، بصرف النظر عن الأهداف الأميركية وستجد طهران وسيلة للحفاظ على تدفق بعض الكميات”.

ومنحت واشنطن إعفاءات مؤقتة من العقوبات لثماني دول لمشتريات محدودة من النفط الإيراني، لكنها لا تغطي المنتجات المكررة، وبضمنها زيت الوقود، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في تشغيل محركات السفن الكبيرة.

وتتضمن مستندات أرسلها ملاك سفن إلى رويترز، قيام الناقلة العملاقة جريس 1 بتحميل زيت وقود من البصرة بين 10 و12 ديسمبر الماضي لكن جداول التحميل التي راجعتها رويترز، أظهرت أن الناقلة لم تكن في ميناء البصرة خلال تلك الفترة. وأكد ذلك مصدر عراقي مطلع على عمليات الميناء.

وفحصت رويترز بيانات 4 مزودين لمعلومات تتبع السفن، ريفينيتيف وكبلر وآي.أتش.أس ماركت وفيسيل فايندر، لتحديد موقع جريس 1 أثناء تلك الفترة، فأظهرت جميعها أن الناقلة أغلقت نظام التتبع بين 30 نوفمبر و14 ديسمبر، وهو ما يعني أن موقعها لم يكن معلوما.

وأظهرت البيانات أن الناقلة ظهرت مجددا قرب ميناء بندر عسلوية الإيراني، وهي محمّلة بالكامل. وتم نقل الشحنة إلى سفينتين أصغر حجما في مياه الخليج في يناير، وسلمت إحداهما زيت الوقود إلى سنغافورة في فبراير.

وأظهرت مستندات الشحن البحري أن نحو 284 ألف طن من زيت الوقود تم نقلها في الشحنات التي تتبّعتها رويترز، وتبلغ قيمتها حوالي 120 مليون دولار بالأسعار الحالية.

وترفع جريس 1 علم بنما وتديرها شركة آي شيبس مانجمنت ومقرها سنغافورة، والتي لم ترد على طلبات التعليق. وعند زيارة

عنوان مكتبها تبيّن أنها انتقلت منه قبل عامين.

وتم نقل الشحنة إلى ناقلتين أصغر حجما قامت إحداهما وهي كريت آيلاند وطاقتها 130 ألف طن، بتفريغ زيت الوقود في سنغافورة، في 5 فبراير. ولم تتمكن رويترز من معرفة اسم المشتري لزيت الوقود الذي تم تخزينه في سنغافورة.

وقال جورج مايلوناس رئيس شركة أفين انترناشونال التي تدير الناقلة كريت آيلاند إن بلوتايد، ومقرها سنغافورة، استأجرت الناقلة كريت آيلاند في رحلتها إلى سنغافورة. وأكد أنها أخذت زيت الوقود من جريس 1.

وليس هناك ما يشير إلى أن أفين كانت على دراية بنقل زيت وقود إيراني. وقال مايلوناس إن شركته اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لضمان شرعية منشأ الشحنة. وعرض على رويترز شهادة منشأ تظهر أن جريس 1 قامت بتحميل زيت الوقود في البصرة.

وأكد أن المستأجرين أبلغوه بأن جريس 1 توقفت فقط قبالة ساحل إيران في أواخر ديسمبر وأوائل يناير “لإصلاح عطل في مولدات الديزل”.

وتقول المستندات التي قدمها مايلوناس إن شركة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو) منحت جريس 1 شهادة معتمدة في ديسمبر تتضمن تحميل 284 ألف طن من زيت الوقود العراقي.

120 مليون دولار قيمة شحنة زيت الوقود الإيراني على الناقلة جريس 1 والتي بيعت على أنها عراقية

لكنّ مسؤولا في سومو قال إنها “مزورة وغير صحيحة تماما” وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب سياسة الاتصالات في الشركة. وأكد مصدران في قطاع النفط العراقي أيضا أن المستند مزور.

وأكد المصدران أن المستند يحمل توقيع مدير لم يكن يعمل في ميناء البصرة في الأوقات المذكورة، ويتضمن أيضا تواريخ متعارضة، ففترة التحميل من 10-12 ديسمبر بينما توقيعه بتاريخ 12 يناير 2018.

وأظهرت البيانات أن الناقلة الثانية التي نقلت إليها جريس 1 شحنة، هي مارشال زد، وطاقتها 130 ألف طن أيضا، وكانت متجهة إلى سنغافورة في النصف الأول من فبراير، لكنها غيّرت مسارها لترسو غرب ماليزيا.

لم تتمكن رويترز من معرفة مالك مارشال زد، أو مستأجرها. وفي 25 فبراير، نقلت مارشال زد شحنتها إلى سفينة أخرى اسمها “ذا ليبيا” تملكها وتديرها الشركة الوطنية العامة للنقل البحري، ومقرها طرابلس، والتي أكد متحدث باسمها أن الناقلة استأجرتها بلوتايد وهي ذات الشركة السنغافورية التي استأجرت كريت آيلاند.

وقال بشير سيد مساهم بلوتايد الوحيد ومديرها وهو مواطن سنغافوري إنه متقاعد وليس في موقف يسمح له بالتعقيب على نشاط الشركة، في حين قال المتحدث إن الشركة الليبية “لم تكن على دراية، في أي مرحلة، بأن الشحنة مرتبطة بأي حال بإيران”.

وأكد أن شركة يخت انترناشونال لخدمات النقل البحري هي التي أصدرت شهادة منشأ تظهر أن الناقلة مارشال زد كانت محمّلة بزيت وقود عراقي أثناء النقل من سفينة إلى أخرى في مياه الخليج في 23 يناير.