انتعاش مفاجئ لـ"ثقة الشركات"..

اقتصاد ألمانيا يتنفس الصعداء

أظهر مؤشر «ثقة الشركات» ذو الثقل النسبي في ألمانيا تحسناً مفاجئاً

وكالات (لندن)

أظهر مسح أمس الاثنين، أن ثقة الشركات الألمانية تحسنت على نحو غير متوقع في مارس (آذار) الجاري بعد تراجعها لست مرات متتالية، مما يشير إلى أن أكبر اقتصاد في أوروبا من المرجح أن ينمو خلال الأشهر المقبلة بعد أن تفادى ركوداً في العام الماضي بصعوبة.
وعقب نشر نتائج التقرير، عاود العائد على سندات الحكومة الألمانية طويلة الأجل صعوده أعلى مستوى الصفر مرة أخرى خلال تعاملات أمس الاثنين، بعد الارتفاع المفاجئ في معنويات المستثمرين.
وبعدما تضررت من التقارير السلبية بنهاية الأسبوع الماضي، صعدت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 0.006 في المائة أمس. كما ارتفع اليورو مدعوماً بتراجع فرص الركود في أكبر اقتصاد أوروبي.
وكانت عوائد سندات الحكومة الألمانية تراجعت دون مستوى صفر للمرة الأولى منذ عام 2016 خلال تعاملات الجمعة، بفعل تزايد إشارات التباطؤ الاقتصادي في منطقة اليورو إلى جانب النظرة الحذرة التي تتبناها البنوك المركزية العالمية. وتفاعل سوق السندات في ألمانيا مع النظرة القاتمة حيال أكبر اقتصاد في أوروبا، ليتكالب المستثمرون على السندات، مما دفع العائد على تلك الديون إلى النطاق السالب للمرة الأولى في سنوات.
وبالأمس قال معهد إيفو، ومقره ميونيخ، إن مؤشر مناخ الأعمال ارتفع إلى 99.6 من مستوى معدل بالرفع بلغ 98.7 في الشهر الماضي. وتفوق القراءة متوسط التوقعات البالغ 98.5.
وقال كليمنس فوست رئيس المعهد: «الاقتصاد الألماني يبدي متانة». ويظهر المسح أن رضا الشركات زاد عن وضع الأعمال في الوقت الحالي، وأنها أصبحت أكثر تفاؤلاً بشأن آفاق أنشطتها خلال الأشهر الستة المقبلة.
ويعتبر مؤشر إيفو لمناخ الأعمال من أهم مؤشرات المناخ الاقتصادي في ألمانيا. ويستند المؤشر إلى استطلاعات تشمل نحو 9 آلاف شركة. ويعتبر المؤشر مقياساً تقديرياً جيداً للنمو الاقتصادي المستقبلي للبلاد. وكانت بيانات مثبطة عن الانتعاش الاقتصادي في ألمانيا وفرنسا أثارت يوم الجمعة الماضي مخاوف من الركود على مستوى العالم.
على صعيد متصل، أشارت توقعات خبراء اقتصاديين إلى أن أعداد العاطلين في ألمانيا ستسجل في مارس الجاري، تراجعاً بسبب تحسن الطقس في فصل الربيع الحالي. وحسب الاستطلاع الذي أجرته وكالة الأنباء الألمانية، بين الخبراء التابعين لمصارف ألمانية كبرى، فإنه من المتوقع أن يصل عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في الشهر الجاري إلى نحو 2.28 مليون شخص بتراجع بمقدار نحو 86 ألف شخص، مقارنة بعددهم في فبراير (شباط) الماضي، وبمقدار نحو 170 ألف شخص، مقارنة بمارس من عام 2018.
وحسب الخبراء، فإن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى زيادة التوظيف، ولا سيما في مجال البناء والتشجير والمطاعم، مما يجعل البطالة تنخفض سنوياً في هذا الوقت من السنة.
ومن المنتظر أن تعلن الوكالة الاتحادية للعمل رسمياً أعداد العاطلين عن العمل في البلاد يوم الجمعة المقبل.
من جانبه، أعرب ميشائيل هولشتاين، الخبير في مصرف «دي زد بنك» عن اعتقاده باستمرار التوجه الإيجابي في سوق العمل رغم تراجع وتيرة الحالة الاقتصادية وقال هولشتاين: «لدينا طلب جيد على العمالة».
وكانت معاهد اقتصادية خفضت بصورة ملحوظة من توقعاتها لنمو الاقتصاد الألماني في العام الحالي، وذلك نظراً لضعف وتيرة النمو في قطاع الصناعة والاقتصاد العالمي، وخفض معهد «إيفو» من توقعاته لنمو الاقتصاد الألماني إلى 0.6 في المائة، كما خفض «حكماء الاقتصاد الألماني» توقعاتهم إلى النصف لتصل إلى نحو 0.8 في المائة.
ورأى الخبراء أن أكبر بواعث القلق بالنسبة للاقتصاد الألماني لا تزال تتمثل في النزاعات التجارية الناجمة عن سياسة الولايات المتحدة وقرب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى ضعف الطلب القادم من الصين.
وتوقع الخبراء بالنسبة للشهور المقبلة تزايد حركة التوظيف وتراجع أعداد العاطلين، لكن بوتيرة أقل مما كانت عليه في 2018. وأشارت توقعات معهد أبحاث العمل والتوظيف التابع للوكالة الاتحادية للعمل إلى أن أعداد العاطلين عن العمل في ألمانيا ستتراجع في 2019 بمقدار 140 ألف شخص، مقارنة بالعام الماضي.
وفي منتصف الشهر الجاري، كشف المعهد الألماني لأبحاث الاقتصاد «دي أي دبليو» عن توقعات جيدة للغاية للعام المقبل بالنسبة للوضع الاقتصادي في ألمانيا على نحو أفضل كثيراً مما توقعته معاهد أخرى.
وأوضح المعهد أنه يتوقع انخفاض عدد العاطلين، واستقرار الأسعار وزيادة القوة الاقتصادية، مضيفاً أنه يتوقع أيضاً تحقيق نمو بنسبة 1 في المائة فقط للعام الجاري. وأشار إلى أنه يتوقع أن يزيد إجمالي الناتج المحلي في العام المقبل بنسبة 1.8 في المائة مجدداً.
وقال رئيس قسم التوقعات الاقتصادية بالمعهد كلاوس ميشلزن: «لدينا رياح معاكسة، ولكننا سنسير نحو الأمام»، مشيراً إلى أنه رغم تراجع الطلب حالياً على آلات ومعدات ألمانية الصنع في بعض الدول، فإن الألمان لا يزالون ينفقون الأموال بقوة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وأشار إلى أن الازدهار في قطاع البناء سوف يستمر، وأن معدل البطالة سينخفض العام المقبل إلى أقل من 5 في المائة لأول مرة منذ إعادة توحيد ألمانيا.
وأضاف الخبير الاقتصادي الألماني أن الصادرات سوف تزداد مجدداً عندما تظهر تأثيرات برامج التحفيز في الصين مثلاً، مشيراً إلى احتمالية حدوث خروج غير منظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن تسفر عن انكسارات كبرى، مثلما كان متوقعاً قبل عام.