الاحتجاجات العارمة في السودان..

لماذا رفض السودانيون بن عوف وقبلوا بعبد الفتاح البرهان؟

الجيش سيحافظ على النظام ولن يسمح بالاضطرابات

الخرطوم

بعد أن تطورت الأمور في السودان حتى وصلت إلى النقطة الحالية التي يقف الوضع عندها، أصبح السؤال الأهم الآن؛ ما الذي جعل الشارع السوداني يرفض الفريق أحمد عوض بن عوف، وفي الوقت نفسه يقبل بالفريق أول عبد الفتاح البرهان؟!

 

يُعد الفريق أول عبد الفتاح  البرهان شخصًا مقبولًا؛ للأسباب التالية:

أولًا: لتمتعه بنزاهة عالية ونظافة يد خلاف كل شركاء البشير الذين تلوثت أيديهم بالمال والمتهمين بالفساد وبالمشاركة الفعلية والمسؤولية الجنائية مع البشير في ما حل بالشعب السوداني من ظلم.

ثانيًا: البرهان لا يوجد في سجله أية تهم جنائية أو دولية تلوث تاريخه العسكري، بخلاف الكثير من قادة الجيش السوداني المتهمين والمطلوبين كمجرمي حرب مع الرئيس السابق عمر البشير في التهم المنسوبة إليهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

ثالثًا: عبد الفتاح البرهان من أسرة متدينة تنتمي إلى الطريقة التيجانية والمؤيدة للحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني؛ أي أنه يصعب أن يكون من الخلايا النائمة التابعة لـ”الإخوان” أو مشتقاتها، في حين أن كثيرًا من رجال المجلس العسكري من المظلة الإسلامية، سواء أكانوا تابعين لـ”الإخون المسلمين” أم تابعين لـ”المؤتمر الوطني” (الحاكم) أم “المؤتمر الشعبي” (المعارض)، وهؤلاء بأفكارهم مرفوضون في نظر الشعب (كيزان).

رابعًا: البرهان هو مَن تحلَّى بالشجاعة الكافية وأخبر عمر البشير بعزل القوات المسلحة له، حسب ما أعلنته وكالة “الأناضول“، وأن مطالب الشارع عادلة، وأنه لم يعد رئيسًا. وحسب ما جاء في قناة “الحرة” فهو مَن كان سيُعلن خبر عزل عمر البشير، وبالفعل حضر إلى مبنى الإذاعة ليلقي بيان العزل؛ لهذا استجاب الشارع في البداية وانصرف من محيط الاعتصام ثقةً في عبد الفتاح البرهان، لكنه عاد إلى التظاهر بعد ظهور وزير الدفاع أحمد عوض بن عوف، المحسوب على البشير.

خامسًا: رفضه السابق أي منصب سياسي، فقد سبق أن عرض عليه الرئيس المخلوع عمر البشير، منصبًا رفيعًا؛ لكنه رفض حسب ما أعلنته  قناة “الحدث“، ما هدَّأ من مخاوف الشارع السوداني من تكرار تمسُّك رجال الجيش بالسلطة.

سادسًا: قدرته على التحاور مع المحتجين والسياسيين المعارضين، وحسب ما أعلنته قناة “BBC” فإن المتحدث باسم القوات المسلحة قال يوم الجمعة  الماضي: إن الجيش لا يريد السلطة، وإن مستقبل السودان يصنعه المحتجون، ولكنه أضاف أن “الجيش سيحافظ على النظام ولن يسمح بالاضطرابات”.

 

مَن هو رئيس المجلس الانتقالي الجديد؟

وُلِد عبد الفتاح البرهان عام 1960 في قرية قندتو بولاية نهر النيل الواقعة شمال السودان، لأسرة دينية تُدين بالولاء للطريقة الختمية؛ وهي إحدى الطرق الصوفية في السودان، والمؤيدة لحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تزعمه محمد عثمان الميرغني. درس البرهان المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مدارس قريته، ثم انتقل في وقت لاحق إلى مدينة شندي؛ ليُكمل تعليمه قبل أن ينضم إلى الكلية الحربية السودانية ضمن ضباط الدفعة 31.

عقب تخرجه في الكلية الحربية، عمل عبد الفتاح في العاصمة الخرطوم ضمن وحدات الجيش السوداني؛ فضلًا عن مشاركته في جبهات القتال في حرب دارفور، وكذا في جنوب السودان ومناطق أخرى. سافر في ما بعد إلى مصر ثم إلى الأردن؛ لتلقِّي دورات تدريبية في مجاله العسكري، إلى أن عُيِّن عام 2018 قائدًا للقوات البرية للجيش.

شغل عبد الفتاح البرهان منصبَ قائد القوات البريِّة في الجيش السوداني في فبراير 2018، قبل أن يشغل منصب المفتش العام للجيش لفترة من الزمن. بحلول 26 فبراير عام 2019 وإبان الاحتجاجات العارمة التي عمَّت البلاد والتي طالبت بإسقاط نظام عمر البشير؛ رَقَّى الأخير البرهان من رتبة الفريق الركن إلى رتبة الفريق أول.

وظهر الرجل يوم الجمعة الماضي في ميدان الاعتصام أمام مقر القوات المسلحة، وانتشرت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتحدث إلى رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق، إبراهيم الشيخ (معارض)، الذي كان يهتف مع المعتصمين بسقوط النظام.

Qposts