وقف تمديد الاعفاءات النفطية..

تقرير: كيف وجهت واشنطن ضربة قوية لاقتصاد ايران

انهيار العملة الإيرانية أمام الدولار الامريكي

د. وسام بسام

 بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عدم تجديد الإعفاءات على الدول المستوردة للنِّفط الإيراني والتي تبدأ في مايو المقبل، ما الذي يمكن أن ينجم عن هذا القرار فى المستقبل القريب؟

فالولايات المتحدة والسعودية والإمارات وافقوا على اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب لضمان تلبية الطلب العالمي مع خروج النِّفط الإيراني من السوق، حيث تعد هذه الخطوة مؤثرة ضمن إستراتيجية الضغوط القصوى التي تتبناها الإدارة الأمريكية؛ لإرغام طهران على تعديل سلوكها.

قيود سابقة على صادرات ايران النفطية 

لقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فى الرابع من نوفمبر 2018 عن دخول فى مرحلة جديدة من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ ، وما كانت تقصده بالطبع آنذاك هو تقييد حركة وشل الاقتصاد الايراني من خلال فرض حصار على صادرات النفط الايرانية ، وفرض قيود على التعديلات المالية الايرانية مع الدول الأخري، لقد منحت الولايات المتحدة الاستثناءات لتفادى تأثير خفض صادرات النِّفط الإيراني على أسعار النِّفط عالميًا، إضافةً إلى امتصاص ردود فعل هذه الدول التي تعتمد على النِّفط الإيراني وبعضها ندّ دولي للولايات المتحدة كالصين، إلى جانب إتاحة الوقت لتوفير مصادر بديلة أخرى بحيث لا تبدي هذه الدول عدم التزام بالعقوبات الأمريكية ولا يتعرض سوق النِّفط لضغوط لا تتحملها الولايات المتحدة والغرب.

 
تقرير: إيران تعترف بتعاملها مع تنظيم القاعدة الإرهابي 

على مدار ستة أشهر كانت الجهود الأمريكية تركز على محاولة الوصول لتوافقات مع الدول الثمان المستثناه، إضافة إلى العراق للضغط عليها من أجل وقف وارداتها من النِّفط الإيراني أو تقليله للحد الأدنى. وبالتوازي مع سياسة تقليل صادرات النِّفط، شددت الولايات المتحدة القيود في حصول إيران على عائداتها من المبيعات النفطية بصورة كاملة من هذه الدول واقتصر التعامل المالي مع إيران على السلع الأساسية والأدوية المستوردة.

كما و ضغطت الولايات المتحدة على عدد من دول جوار إيران وأجرت مشاورات مع حكوماتها من أجل عدم مساعدة إيران في تهريب نفطها، كما مارست وزارة الخزانة ضغوطًا على بعض الدول الآسيوية من أجل الالتزام ببرنامج العقوبات على صادرات النِّفط الإيرانية، وتحديدًا ماليزيا وسنغافورة اللتان تطلان على مضيق ملقا الذي تعتقد الولايات المتحدة أن نفط إيران المهرب لدول شرق آسيا يمر من خلاله بصورة مباشرة، أو عبر طرق غير مباشرة من خلال تغيير شركات الشحن واستخدام سفن تحمل أعلام دول أخرى وغيرها من طرق التهريب التي أطلعت عليها الولايات المتحدة هاتين الدولتين من أجل مساعدتها في تنفيذ العقوبات النِّفطية على إيران، وعلى ما يبدو أن ضغوطًا مماثلة حرمت ناقلات النِّفط الإيرانية من المرور بقناة السويس باتجاه سوريا لتقديم الدعم لبشار الأسد.

لقد مهدت الولايات المتحدة الأرض خلال الأشهر الستة الماضية لقرار عدم تمديد الإعفاءات على صادرات النِّفط الإيراني، وحصرت حدود استفادة إيران من عوائد بيع النِّفط، بل إنها نجحت في الإبقاء على أرصدة ضخمة لم تنجح إيران بالاستفادة منها إلا في نطاق التعاملات المسموح بها أمريكيًا، وبالتالي فإنَّ سياسة تقليل استفادة إيران من نفطها باعتباره مورد الاقتصاد الرئيسي، ومصدر الدخل القومي الأهم كانت أحد أهم جوانب إستراتيجية الضغوط القصوى التي تبنَّتها إدارة ترمب تجاه إيران، والقرار الأخير سيمثل اختبارًا مهمًا لإستراتيجية ترمب ولقدرة إيران على المواجهة كذلك.

 

ايران تهدد 

 
تحليل: كيف تساهم إيران في إفشال اتفاق ستوكهولم؟ 

على اثر القرار ، هددت إيران بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي إذا حاولت الولايات المتحدة خنق اقتصاد طهران من خلال وقف صادراتها النفطية.

وجاء تصريح  قائد البحرية التابعة للحرس الثوري الجنرال "علي رضا تنكسيري " إن إيران ستغلق مضيق هرمز (وهو ممر ملاحي استراتيجي لنقل النفط في الخليج) إذا تم منع طهران من استخدامه ، وأنه في حالة أي تهديد فلن يكون هناك أدنى شك في أننا سنحمي المياه الإيرانية وسندافع عنها".

أيضاً لقد أعلنت الخارجية الإيرانية إجراء اتصالات مع مؤسسات محلية وشركاء دوليين، من المعنيين بمسألة وقف إعفاءات شراء نفط البلاد، مؤكدة أنها لا "تكترث" لمنح هذه الإعفاءات أو رفعها.

"عباس موسوي " فى الخارجية الإيرانية اعتبر أنه "بالنظر إلى الآثار السلبية لهذه العقوبات، وإمكانية زيادة رقعة الآثار السلبية بسبب عدم تمديد الإعفاءات، فإن الوزارة على اتصال دائم بجميع المؤسسات المحلية المعنية ، وأنه نظرا لعدم قانونية العقوبات المفروضة على إيران، فإن الجمهورية الإسلامية لا تعير اعتبارا وقيمة، من حيث المبدأ، للإعفاءات الأمريكية الممنوحة لبعض الدول، بسبب العقوبات المفروضة على بلاده .

فى المقابل ، الإدارة الأمريكية  توضح بأن أي تحرك من إيران لإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي ردا على إنهاء الولايات المتحدة إعفاءات شراء النفط الإيراني لن يكون مبرراً ولا مقبولاً ، وأشار إلى أن المسؤولين الأمريكيين يبحثون الآن سبل منع إيران من الالتفاف على العقوبات النفطية القائمة.

هذا ومنحت الولايات المتحدة 8 دول إعفاءات من عقوباتها تجاه إيران، وسمحت لها باستيراد النفط، في اتفاق مؤقت ، هذه البلدان الثمانية هي: تركيا والصين والهند وإيطاليا، واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن الهدف من وقف الإعفاء يتمثل في الوصول إلى صادرات تبلغ صفر برميل من النفط الخام.

تركيا  ترد و تعتبر القرار.. " تجاوز للحدود

 

تركيا والتى تعد أكبر الدول المتضررة من قرارات ترامب، حيث تبلغ نسبة وارداتها من النفط والغاز من ايران 40%  ، وهو ما يشكل ضربة قوية للاقتصاد التركي أيضاً، فقد جاءت ردود فعل حكومة  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وقع الألم، حيث قالت تركيا إن قرار الولايات المتحدة وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني هو «تجاوز للحدود» معلنة معارضتها هذه الخطوة" غير الصحيحة " .

 
ترامب يلغي الإعفاءات حول استيراد النفط الإيراني 

الوزير التركي الذى اعتبر أن العالم لم يشهد من قبل موقفاً من هذا القبيل ، وأن تركيا تعارض " مثل هذه الخطوات والإملاءات " ، وبأن تصرف واشنطن خاطئ من الناحية التجارية والأخلاق السياسية، ومخالف لمبادئ منظمة التجارة العالمية ، أيضاً أن الولايات المتحدة ستعمل على معاداة إيران بدعم من إسرائيل، وستزيد مبيعات الدول التي تعمل معها بشكل وثيق من النفط" .

ترحيب من السعودية والإمارات والبحرين .. واعتبار القرار خطوة لازمة لصد التغلغل الايراني وسياساته  الداعمة للارهاب فى العالم. السعودية تدعو لمواصلة الضغوط على إيران غداة تشديد العقوبات الاميركية والبحرين ترحب بالقراروتعتبره خطوة ضرورية ومهمة، حيث دعت السعودية إلى مواصلة الضغوط الدولية على إيران لحثّها على وقف سياساتها “المزعزعة للاستقرار”، غداة إلغاء الولايات المتحدة الاعفاءات التي كانت منحتها لمجموعة من الدول لمواصلة شراء النفط الايراني.

أعرب وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف في بيان عن ترحيب بلاده “البالغ” بتشديد الولايات المتحدة عقوباتها على إيران، معتبرا انّها “خطوة لازمة لحمل النظام الإيراني على وقف سياساته المزعزعة للاستقرار، ودعمه ورعايته للإرهاب حول العالم”.

وشدّد على موقف المملكة “الثابت من ضرورة مواصلة الجهود الدولية لحمل النظام الإيراني على الالتزام بمبادئ القانون الدولي ووقف تدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ونشاطاته التي أدت إلى جلب الفوضى والخراب للعديد من الدول”.

وأوضحت السعودية ،إنها ستنسق مع منتجي النفط الآخرين بما يكفل إمدادات نفطية كافية وسوقاً متوازنة بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها ستُنهي إعفاءات منحتها لمشترين للنفط الإيراني.

 

حيث جاء تصريح  وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح" في بيان، إن المملكة  السعودية تراقب عمن كثبٍ التطورات في سوق النفط بعد البيان الصادر عن الحكومة الأمريكية في الآونة الأخيرة بشأن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيراني .

 
السعودية ترحب بالعقوبات الأمريكية على النفط الإيراني 

كذلك السعودية والإمارات اتفقتا على التحرك في الوقت المناسب بما يكفل تلبية الطلب العالمي مع حجب النفط الإيراني عن السوق بشكل كامل .

كما ورحبت البحرين  من خلال بيان نشرته بالقرار الأمريكي بشأن عدم تجديد الإعفاءات الممنوحة لبعض مستوردي النفط الإيراني  ، حيث جاء فى البيان "في خطوة ضرورية ومهمة من شأنها دعم وتعزيز الجهود الرامية لتجفيف منابع الإرهاب والتصدي للدور الخطير الذي تقوم به إيران في زعزعة الأمن والاستقرار ودعم التنظيمات والميليشيات الإرهابية في المنطقة"، تابع البيان: "وإذ تشيد مملكة البحرين بالدور الكبير والجهود المتواصلة للولايات المتحدة الأميركية والقرارات الاستراتيجية التي تتخذها في مواجهة مختلف أشكال العنف والتطرف والإرهاب وكل من يدعمه ويموله على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإنها تجدد موقفها الثابت والمتضامن مع الولايات المتحدة الأميركية والداعي إلى ضرورة تكاتف وتعزيز الجهود الدولية الهادفة لوقف أنشطة وسياسات النظام الإيراني التي تهدد الأمن والسلام والكف عن مساعيه لإثارة الفوضى في المنطقة وإجباره على احترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

الصين ..تعتبر القرار خارج اطار الشرعية الدولية

أما الصين، فإنها تعتمد سياسة تنويع وارداتها النفطية، وسبق أنها لم تلتزم بالعقوبات النفطية الأمريكية على إيران، كما أنها تعدّ سياسة ترامب والعقوبات الراهنة خارج إطار الشرعية الدولية ومن ثمّ فإنها ليست مضطرة للالتزام بها.

إن عدم تمديد الإعفاءات لأي من الدول يُبقي الجميع تحت تأثير العقوبات والضغوط الأمريكية وهو أمر تتحسب له الشركات والدول، ويكبد إيران خسائر كبيرة لأنها ستكون مضطرة لبيع نفطها بأسعار منخفضة وتكون عرضةً للابتزاز، كما أنها قد لا تتمكن من الحصول على عوائد بيع نفطها إلا وفق منظومة العقوبات الأمريكية.

وفى النهاية فنحن أمام سيناريوهين ، السيناريو الأول وهو الأقرب  يشير إلى زيادة الضغوط من أجل صفقة أمريكية ايرانية ، والسيناريو الثاني  هو توجيه ضربة عسكرية إلى ايران .

تقرير خاص بـ"اليوم الثامن"

23ابريل2019