إزالة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب..

الدور الإقليمي للإمارات يشجع على الاستقرار والسلم الأهلي

الإمارات تتحرك بمصداقية ووضوح في مجالها الحيوي

د. سالم حميد

يشن الذباب الإلكتروني القطري حملات متكررة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال تركيز تلك الحملات المغرضة على الدور الإقليمي الذي تقوم به الإمارات، والذي يبدو أنه يسبب القلق لكل من قطر وتركيا ومن خلفهما جماعات الإرهاب، التي لا تزدهر إلا في ظل الفوضى وانهيار الدول وتفكيكها. لذلك يزعجها الدور الإماراتي الذي يشجع على الاستقرار والتنمية والسلم الأهلي والتفكير تجاه المستقبل بتسامح وانفتاح.

ولا شك أن لكل دولة مرجعياتها التي تنطلق منها في تحركاتها الإقليمية وسياستها الخارجية. ومرجعيات الإمارات واضحة لأنها تنحاز باستمرار نحو محاربة التطرف ومساعدة شعوب وحكومات المنطقة العربية على تجاوز الأزمات والانتقال إلى استقرار مستدام. وبطبيعة الحال فإن مكانة الإمارات على المستويات الخليجية والعربية والدولية، تفرض عليها الانطلاق في سياستها وأدوارها الخارجية من مرجعيات وغايات تتوازى مع مكانتها، ومع ما يعول عليه الإقليم والعالم منها.

لذلك نستطيع القول للمشككين والناقدين إن سبب غضبهم يتعلق بوقوف الإمارات ضد أجندتهم الفوضوية. أما ما تفعله قطر فإنه يندرج ضمن دعم بؤر الفوضى وإخلاصها لتقوية المجموعات الإرهابية، وحرصها على أن تظل ساحات عربية عديدة من دون أنظمة ومن دون مؤسسات تضمن عودة السلم الأهلي. بينما تمضي الإمارات في التعامل مع كل ما يحيط بها من خلال وعيها بدورها كدولة، من أولوياتها أن يعم الخير والسلام والاستقرار محيطها القريب، لأن ذلك يخدم مصلحة الإمارات كما يخدم مصلحة شعوب المنطقة. بينما لا تجد قطر مصلحتها إلا في الانهيارات وأعمال العنف وتفكيك الدول وتمكين العصابات الإرهابية والمجموعات العنيفة من التحكم بالقرارات واستغلال الثروات لتنمية التطرف.

تجربة الإمارات في التنمية تقدم دليلا على أهمية الالتفات إلى منظومة من القيم، تتمثل في الاستقرار واستثمار الموارد، والعمل على احترام القانون، وبث التسامح وقيم التعايش

وهدف الدوحة يتركز في خدمة الإسلام السياسي وتحويله بواسطة المال إلى أداة مطيعة. لكن تزايد حوادث الإرهاب في العالم وترابط تنظيمات الإسلام السياسي يضعان قطر في دائرة الخطر، وأحدث تصريح للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بخصوص خطر الإسلام السياسي يمثل رسالة إنذار عالمية، وجاءت بالتزامن مع سلسلة الأعمال الإرهابية التي طالت سيريلانكا.

يجب أن يستقر في وعي من يغمضون أعينهم ويصدقون الإشاعات المغرضة التي تقوم بتعمد تشويه الدور الإماراتي، أن كل دور تقوم به الإمارات له أسس وغايات تستدعيها ظروف المنطقة. وقد يقول البعض كان بإمكان الإمارات أن تكتفي بكونها دولة مستقرة ومزدهرة اقتصادياً وتمثل وجهة للاستثمار والسياحة على المستوى العالمي، بدلا من مواجهة صداع المشاكل وما يترتب على المبادرات والتحركات من إنفاق مالي وجهود تتعرض للتشويه والتشكيك، كما يحدث في ملفات عديدة تساهم الإمارات ضمن المجتمع الدولي في المساعدة على حلها. والجواب على ذلك السؤال هو أن مبدأ تجاهل الدول لما يحيط بها من قلاقل وعدم استقرار ليس خيارا جيدا، لأن هناك من سيقوم باستغلال الفراغ لكي يفرض أجندته، تماما كما تحاول قطر وتركيا.

بالإضافة إلى ما سبق فإن الفوضى عندما تنتعش في مساحة جغرافية لا شك أنها تؤرق كل ما حولها. وبالتالي إذا كان هدف قطر وتركيا أن يستمر تمكين عصابات الإرهاب والتطرف، فإن موقف الإمارات مختلف عنهما ويقوم على أن يسود القانون والنظام بما يكفل للشعوب الأمن والرخاء، وبما يحد من تفشي الإرهاب ومسبباته.

إن الترابط الذي يشهده العالم يجعل لأي فقاعة إرهابية أو فوضى على الخارطة انعكاسات إقليمية وعالمية، ومن يستنكر جهود الإمارات الخارجية أو يسيء فهمها فإنه ينحاز إلى أجندة عبثية لها أضرارها الخطيرة. وليست مبالغة إذا ما قلنا إن النهج القطري على المستويين الإعلامي والسياسي يتناقض مع التوجهات الدولية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في العالم. ويبقى الفرق واضحا بين النهج القطري الذي يؤيد على سبيل المثال مجموعات إرهابية تريد أن تسيطر على ليبيا، وبين الدور الإماراتي الذي يتسق مع توجه دولي لبناء دولة حديثة في ليبيا لا تحكمها العصابات والميليشيات.

وفي مقابل التحرك الإماراتي الإيجابي الذي يهدف إلى نشر السلام وتعميم تجربة التنمية والنهوض وتقديم المساعدات وإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة التي تعود بالفائدة على الجميع، نجد أن هناك من يحاول استغلال الظروف السياسية الداخلية لبلدان وساحات عربية، القاسم المشترك بينها مرورها بمراحل انتقال سياسي، أو وضعتها ظروفها السياسية الداخلية في خانة البلدان التي تحتاج إلى جهود إقليمية لمساعدتها وتشجيعها على تجاوز إشكالياتها. وبينما تركز قطر من خلال ضخ أموالها على إغراق البلدان غير المستقرة في المزيد من الفوضى، تنهض توجهات الإمارات تجاه تلك الدول على مساعدتها لعبور الأزمات والانتقال الآمن إلى مرحلة البناء والنهوض والاستقرار الشامل.

مرجعيات الإمارات واضحة لأنها تنحاز باستمرار نحو محاربة التطرف ومساعدة شعوب وحكومات المنطقة العربية على تجاوز الأزمات والانتقال إلى استقرار مستدام

إن تجربة الإمارات في التنمية تقدم دليلا على أهمية الالتفات إلى منظومة من القيم، تتمثل في الاستقرار واستثمار الموارد، والعمل على احترام القانون، وبث التسامح وقيم التعايش. وبدلا من الكراهية والحروب والتطرف، لا بد أن تسود القيم الحضارية التي تفتح آفاقا للمستقبل. فنحن لسنا أبناء اللحظة الراهنة فقط بل من واجبنا أن نفكر في حياة الأجيال القادمة وماذا سنوفر لها. ومن يعملون على شيطنة الدور الإماراتي يكشفون أن مصلحتهم تقوم على بث الفرقة ونشر الكراهية وزراعة الأحقاد وتجاهل قيم الأخوة والتعاون.

كما أن أهم ما يبرر الدور الإماراتي الإيجابي على المستوى العربي، أن الإمارات تتحرك بمصداقية ووضوح في مجالها الحيوي للتعاون مع الأشقاء العرب، بهدف تأمين المنطقة وحماية أمنها القومي، وإزالة التوترات والأزمات السياسية وما تخلفه من تداعيات وانهيارات اقتصادية، تؤثر سلبا على حياة الشعوب.

وإذا ما أردنا أن نكون أكثر واقعية، فإن مصلحة الإمارات تقوم على إزالة الأسباب التي قد تؤدي إلى انتشار الإرهاب في الدول التي تعاني انعدام الاستقرار أو غياب الدور الحكومي في رعاية المجتمع وتوفير متطلباته في مجالات الغذاء والصحة والتعليم والعمل. لكننا نجد من يهرفون بما لا يعرفون، وينجرون وراء الحملة القطرية التي تمارس اللطم والعويل كلما اكتشفت أنها صرفت أموالها على جواد الإرهاب الخاسر.