بيئة خصبة ومناسبة لتجنيد الشباب وضمهم للتنظيم الإرهابي..

تقرير: تاريخ وجود تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت

بيئة خصبة ومناسبة لتجنيد الشباب وضمهم للتنظيم الإرهابي

محافظة حضرموت، جنوب شرقي البلاد، كبرى محافظات الجمهورية، صُنفت ولفترة طويلة معقلاً آمناً لعناصر تنظيم القاعدة الذين نشطوا فيها بفعل المساحة الجغرافية الجبلية الواسعة التي انطلقوا منها في تنفيذ أعمالهم الإرهابية للمساس بأمن واستقرار ما تمليه عليهم قياداتهم ومعتقداتهم الفكرية المتطرفة.

واعتبرت حضرموت في الثلث الأول من العام 2015، بيئة خصبة ومناسبة لتجنيد الشباب وضمهم للتنظيم الإرهابي، ويرتكز تواجد التنظيم بشكل جوهري في وادي حضرموت الذي هيأ لهم مناخات آمنة، بالإضافة إلى احتوائه على مناطق جبلية كبيرة المساحة تمتد على طول النظر.

ومنذ سيطرته في بداية أبريل 2015 على مدينة المكلا، عاصمة إقليم حضرموت، قوبل تنظيم القاعدة بازدراء شعبي واسع في المجتمع الحضرمي، إذ لم يستطع التنظيم أن يتعايش مع السكان، على الرغم من محاولات التودد المستمرة من قبلهم لاستمالة السكان، الذين لم يجدوا دولة تقوم بواجبها تجاه التنظيم، فاكتفوا بفرض العزلة المجتمعية عليه.

وزعم تنظيم القاعدة بعد سيطرته التامة على المكلا، أنه جزء من "المقاومة الشعبية" في المواجهات الجارية ضد الحوثيين، آنذاك، ليكسب تعاطف الناس، وليبدو كطرف مظلوم ومستهدف أمام الرأي العام دون أن تكون له أي مبررات لذلك.

تصفية قيادات

لم تتصور قيادات تنظيم القاعدة أن سيطرتها على ساحل حضرموت أو الخروج منه سيمر مرور الكرام، إذ إنها دفعت ثمناً باهظاً مقابل ذلك، حيث كان الثمن استهداف قياداتها البارزة الواحد تلو الآخر جراء الغارات التي شنّتها الطائرات المسيرة.

خسائر فادحة

أكد محللون سياسيون أنه منذ نشأة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة لم يخسر التنظيم مثل هذا العدد من قياداته في المدة الزمنية ذاتها، بينما اعتقد آخرون أنّ سيطرة التنظيم على المكلا وانتقال معظم قياداته إلى المدينة بداية الحرب، كشف تحركاتهم للطائرات الأميركية التي استمرت طلعاتها في حصد العديد من قادة الصف الأول للتنظيم.

وكان من أبرز من تم استهدافهم من قيادات التنظيم في أوقات سابقة ومتفرقة: زعيم التنظيم ناصر الوحيشي، والقادة: نصر الآنسي، ومأمون حاتم، وإبراهيم الربيش، وأبو صهيب، وغالب باقعيطي، والقيادي الميداني البارز جلال بلعيدي الذي قتل بغارة جوية في أبين، وأبو نور الكثيري الذي قتل في اشتباكات مع "المقاومة الشعبية" على مدخل عدن بعد خروجه من مدينة المكلا.

وبعد دحر عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي من ساحل حضرموت في الـ24 من أبريل 2016، على أيدي النخبة الحضرمية وبدعم وإسناد من قوات التحالف العربي الداعم للشرعية فرت العناصر المتطرفة إلى وديان حضرموت للاحتماء بها ولتعويض الخسارة، وكان من أبرز تلك الأماكن وادي المسيني الواقع غرب المكلا ووادي حجر، بالإضافة إلى عدة مناطق ومديريات في وادي حضرموت والتي اعتبرت حصناً منيعاً للقاعدة وأكثر أماناً لها مقارنة بالساحل الذي تنتشر فيه قوات المنطقة العسكرية الثانية وقوات النخبة الحضرمية بشكل مكثف.

وفي الـ18 من فبراير 2018، أعلنت قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية انطلاق معركة "الفيصل" لاجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه بشكل مطلق من وادي المسيني وساحل حضرموت، وبالفعل نجحت المعركة وحققت فيها هزائم ساحقة في صفوف التنظيم وأسر الكثير منهم، ما دفعهم للهرب باتجاه وادي حجر الذي لا يبعد كثيرا عن المنطقة وتنفيذ مجزرة عدائية راح فيها 10 أفراد تابعين للنخبة كردة فعل يائسة لتعويض خسارتهم في المسيني.

وفي الـ28 من أبريل 2018، بعد حوالى شهرين ونصف من عملية مماثلة شنتها قوات المنطقة العسكرية الثانية، منتصف شهر فبراير/شباط الماضي، أعلنت قيادة المنطقة انطلاق عملية "الجبال السوداء" لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في المناطق الشمالية لمحافظة حضرموت، بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي عقب رصد تجمعات وتحركات لعناصر التنظيم الإرهابي في "الحيسر قارة الفرس والضليعة ولبنة"، حيث لجأ إليها التنظيم بعد تطهير مناطق ساحل حضرموت".

وأكدت قيادة المنطقة العسكرية الثانية عقب انقضاء يوم من انطلاق عملية "الجبال السوداء" في وادي حضرموت بسط سيطرتها الكاملة على كافة المناطق الشمالية الغربية بحضرموت.

وفي الـ18 من أغسطس 2018، أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الثانية تفكيك ما يزيد عن 2052 عبوة ولغماً أرضياً، زرعها تنظيم القاعدة الإرهابي، بوادي المسيني في أماكن متفرقة، وعلى جنبات الطرق المؤدية للوادي.

تجدر الإشارة إلى أن محافظة حضرموت هي كبرى محافظات الجمهورية، وتمثل ثلث البلاد من حيث المساحة، وتنقسم إداريًا وعسكريًا إلى منطقتين، هما: مدن ساحل حضرموت وتتكون من 12 مديرية. أما المنطقة الثانية فهي مدن وادي وصحراء حضرموت وتتكون من 16 مديرية.

نيوزيمن