الهجوم على منشآتها النفطية..

الرياض تضاعف الضغوط على طهران وسط تحذيرات متزايدة

أعمال الحوثيين تضع الجهود السياسية على حبل المشنقة

الرياض

أنهت السعودية وعلى مستوى عال الشكوك بشأن الجهة التي تقف وراء استهداف منشآتها النفطية، ووجهت أصابع الاتهام إلى إيران معتبرة أن قرار الهجوم اتخذ في طهران وأن الحوثيين ليسوا سوى ذراع للحرس الثوري.

ويأتي هذا الاتهام ليزيد من الضغوط على السلطات الإيرانية التي سعت للاستفادة من تأخر نتائج التحقيقات بتعويم الأمور وقيد المسؤولية على جهات مجهولة مع أن مؤشرات كثيرة تقول إن لتهديدات إيران صلة مباشرة بما جرى، في وقت ترتفع فيه قائمة الدول المحذرة من الخطر الذي تمثله التهديدات الإيرانية.

واتهم الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي إيران الخميس بإصدار الأوامر بشن الهجوم بطائرات مسيرة مسلحة على محطتين لضخ النفط في المملكة الثلاثاء.

وقال الأمير خالد على تويتر إن هجوم الحوثيين على محطتي ضخ تابعتين لشركة أرامكو يؤكد أن الجماعة “ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران وخدمة مشروعها التوسعي في المنطقة”.

وأضاف “ما يقوم به الحوثيون من أعمال إرهابية بأوامر عليا من طهران، يضعون به حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية”.


ويرى محللون سياسيون أن السعودية تقول عبر شخصية رسمية ذات ثقل، أي ابن الملك وشقيق ولي العهد، بما لا يحتمل أي شك إن الهجوم بتدبير إيراني وتنفيذ حوثي، وهو ما يعني أن إيران خرقت المحظور ولا يمكنها بأي شكل التبرؤ من هذه الورطة أو الزعم بأن الحوثيين، وهم أقرب إلى المجموعة البدائية في إمكانيات ووعي قياداتها، هم من نفذ الهجمات دون مساعدة.

وجاءت تصريحات عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، لتؤكد تصريحات الأمير خالد بن سلمان بالتزامن والتوقيت مما يعني أنها ليست مجرد تصريحات لنائب وزير الدفاع، وأنها تعبر عن الموقف الرسمي للمملكة.

وقال الجبير إن الحوثيين جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني.

وكتب في تغريدة على تويتر “الحوثيون جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني ويأتمرون بأوامره وأكد ذلك استهدافهم منشآت في المملكة”.


وكتب مسؤولون سعوديون آخرون تغريدات مماثلة على تويتر في محاولة لتكثيف الضغوط على إيران في وقت تتزايد فيه التوترات بينها وبين واشنطن في أكثر من ملعب، وخاصة في الملعب العراقي.

وكشف فيلم لكاميرات المراقبة من الموقعين النفطيين الدقة البالغة في عملية الاستهداف مما يؤكد أن تقنيات إيرانية متطورة استخدمت في الهجوم وأن الحوثيين تلقوا تدريبا فنيا كافيا من خبراء إيرانيين أو من حزب الله اللبناني للوصول إلى هذا المستوى في التحكم بالطائرات المسيرة الحاملة للمتفجرات.

ويشير محللون إلى أن السعودية عملت على تحميل إيران المسؤولية الكاملة عن الهجمات، وهي خطوة مهمة خاصة في ظل استمرار دول أوروبية في المدافعة عن إيران والسعي لإنقاذها من بوابة الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس، ما يطلق يدها في استهداف إمدادات النفط طالما لم تتلق ردا قويا بعد هجمات الأحد والثلاثاء.


وحملت التصريحات السعودية تحذيرا قويا من أن الهجوم على محطات الضخ يمكن أن ينهي جهود السلام في اليمن، وهي رسالة إلى إيران كما إلى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يقارب الأزمة بشكل غير واقعي ويفصلها عن عمقها الإقليمي.

ومن شأن اتهام السعودية لإيران، وبشكل لا لبس فيه، أن يزيد من الضغوط على طهران التي تعمل على امتصاص الغضب الدولي المتصاعد على استهداف إمدادات النفط وتجنب ضربات أميركية خاطفة.

ويطلق المسؤولون الإيرانيون تصريحات متناقضة بشأن الأزمة وسط ميل إلى التهدئة واختيار المفردات بعناية ودقة، خاصة بعد الحشد الأميركي المتنوع باتجاه المياه الإقليمية، وما تبعه من دعوات إلى سحب الرعايا وإنهاء مهام فرق تدريب الجيش العراقي سواء من هولندا أو ألمانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارة إلى طوكيو الخميس إن “ما تقوم به الولايات المتحدة من تصعيد غير مقبول”.

وأضاف ظريف في مستهلّ اجتماع مع نظيره الياباني تارو كونو “نحن نتصرّف بأقصى درجات ضبط النفس (…) رغم انسحاب الولايات المتحدة” من الاتفاق النووي.

ومن الواضح أن إيران وقفت ولو بشكل متأخر على أن إطلاق التصريحات القوية لا يتناسب مع محدودية إمكانياتها، وأن رهانها على تحريك ميليشيات تابعة لها، لن يجعلها بمنأى عن ردة فعل أميركية قوية، وهو ما أشار إليه ليمان تيرم الباحث المختص بالشأن الإيراني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حين قال إن تصعيد الخطاب من الجانب الإيراني يتعارض مع الوسائل العسكرية المحدودة للجمهورية الإسلامية، مشددا على “صعوبة تنفيذ تهديدات باستهداف القوات العسكرية الأميركية في المنطقة”.

ويميل دان بلاش، من مركز الدراسات الدولية والدبلوماسية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، إلى أن إيران ستعمل على تعبئة نفوذها الإقليمي، في إشارة إلى أذرعها في العراق على وجه الخصوص. لكنه حذر من أن فتك القوات الأميركية، الذي يكمن في تدمير للبنية التحتية العسكرية والمدنية والسياسية والاقتصادية بسرعة، لا يقدر ويجب أن يؤخذ في إيران بعين الاعتبار كما يجب.

وانضمت بريطانيا إلى قائمة الدول التي تحذر من لجوء إيران إلى استعمال ميليشياتها في العراق في عمليات انتقامية، إذ رفعت مستوى التهديد الأمني لقواتها وموظفيها الدبلوماسيين في العراق بسبب “الخطر الأمني المتزايد من إيران”، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية، الخميس.

وأعلن جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني أن بلاده تتفق مع الولايات المتحدة في تقييم مستوى الخطر المتصاعد من إيران.


وكانت سفارة واشنطن لدى بغداد، حذّرت الأحد مواطنيها من ارتفاع حدة التوتر في العراق، ودعتهم إلى اليقظة.

وقال الكابتن بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي، في بيان، إن بعثة بلاده “في حالة تأهب قصوى الآن، ونواصل المراقبة عن كثب لأي تهديدات حقيقية أو محتملة وشيكة للقوات الأميركية في العراق”.

وقال مصدران بالحكومة الأميركية إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن إيران شجعت الحوثيين اليمنيين أو فصائل شيعية متمركزة في العراق على تنفيذ الهجمات.

وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية مشترطين عدم كشف هوياتهم إن التهديد يأتي من ميليشيا عراقية “يأمرها ويسيطر عليها” الحرس الثوري الإيراني، فيما أشار أحدهم إلى أنها مرتبطة بشكل مباشر بإيران، وتهديدات عدة مرتبطة بشكل مباشر بإيران.

ولفت آخر إلى أن هناك “تهديدا وشيكا لموظفينا (…) وطلب لمغادرة جزئية (من السفارة) هو الشيء المنطقي”.

وتحاول الميليشيات الحليفة لإيران التخفيف من حالة التركيز الكبرى على تحركاتها في العراق، ما قد يجعلها الهدف الأول لأي ضربات أميركية.

وأكد فصيلا “عصائب أهل الحق” و”حركة النجباء” المنضويان في ميليشيا الحشد الشعبي الخميس أن حديث واشنطن عن وجود تهديدات لمصالحها في العراق ليس إلا “ذرائع”.

وأكد هذان الفصيلان أن واشنطن “تحاول صنع ضجة في العراق والمنطقة تحت أي ذريعة”.