تصعيد غير مسبوق ضد "غريفيث"..

الشرعية في مواجهة مفتوحة مع المبعوث الأممي

المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث

وكالات

أخذ التصعيد الذي تبناه ناشطون يمنيون أخيراً ضد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، منعطفاً جديداً دخل فيه الأخير في مواجهة مع قيادة الشرعية، على مستوى الحكومة ومجلس النواب (البرلمان)، وذلك على خلفية اتهامه بتدليل الحوثيين ومباركة وجهة نظرهم لتنفيذ اتفاق السويد.
وفي هذا السياق، وجه البرلمان اليمني الحكومة بعدم التعاطي مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث، حتى يلتزم بعدم مخالفة القرارات الأممية ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2216، وتنفيذ اتفاق السويد نصاً وروحاً.
وجاء ذلك في رسالة بعثتها هيئة رئاسة مجلس النواب إلى رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك؛ حيث قالت إنها تأسف لجهة مباركة غريفيث «الانسحاب الصوري» للميليشيات الحوثية من موانئ الحديدة، معتبرة ما جرى في الحديدة يمثل تحدياً صارخاً للقرارات الأممية ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار 2216 واتفاق السويد.
وشككت الرسالة في السياسة المتبعة من قبل المبعوث، وقالت إنها «لا تساعد على الوصول إلى تحقيق السلام المنشود؛ بل ستؤدي نتائجها لإطالة أمد الحرب، وستحول دون استعادة الدولة ومؤسساتها».
ووصفت رئاسة البرلمان اليمني الانسحاب الحوثي الأحادي الأخير من الحديدة بأنه «مسرحية هزلية» واعتبرتها «تكراراً فجاً لمسرحية هزلية سابقة في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تم رفضها في حينه من قبل الجانب الحكومي، ومن قبل الجنرال باتريك كاميرت، نظراً لمخالفتها اتفاق السويد».
وأكدت رئاسة البرلمان أن اتفاق السويد يلزم الميليشيا الحوثية بالانسحاب من الحديدة وموانئها، وتمكين الشرطة التابعة لوزارة الداخلية من حفظ الأمن فيها، وإزالة كافة العوائق أمام السلطة لإدارة الشأن العام في المحافظة، كما أنه ينص على مشاركة جميع الأطراف في الإشراف على التنفيذ، والتأكد من الانسحابات وتسليمها للجهات الحكومية المختصة.
وفيما يتوقع سياسيون يمنيون أن تبعث الحكومة الشرعية خطاباً إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بخصوص الاتهامات الموجهة لغريفيث، لم يصدر عن الأخير أي ردة فعل أو تعليق رسمي. واستمراراً للمواجهة مع غريفيث، كان وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، قد دعا الحكومة البريطانية للتفريق بين مهمة المبعوث الأممي وجنسيته، خلال لقاء في لندن مع فريق من أعضاء مجلسي اللوردات والعموم البريطاني عن حزب المحافظين، برئاسة عضو البرلمان ووزير الدولة السابق لشؤون الشرق الأوسط، أليستر بيرت.
ووصف الوزير اليمني تصريحات عدد من المسؤولين البريطانيين حول الأحداث الأخيرة في محافظة الحديدة، وما رافقها من انسحابات أحادية الجانب من قبل ميليشيات الحوثي، بأنها لم تكن موفقة. وقال: «نأسف لعدم تحقق أي تقدم في تنفيذ اتفاقات استوكهولم، بعد مرور ما يزيد على خمسة أشهر على توقيعها، فالحكومة لا تزال هي الطرف الوحيد الذي يلتزم بالاتفاقات، ولا يمكن أن نسمح للميليشيات باستغلال رغبتنا في تحقيق السلام لتنفيذ أجندتها العسكرية».
وأشار الوزير إلى ما قامت به الميليشيات من ممارسات معيقة لعمل الموظفين الدوليين، بمن فيهم المبعوثون الأمميون ورؤساء فريق المراقبين الدوليين، مذكراً بمحاولة استهداف المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ، ورئيس فريق المراقبين السابق باتريك كاميرت، وكذلك عرقلة عمل رئيس فريق المراقبين الحالي الجنرال مايكل لوليسغارد، ومنعه من مغادرة صنعاء والعودة إلى الحديدة لفترة طويلة. وطالب الإرياني حكومة المملكة المتحدة بممارسة مزيد من الضغوط السياسية على إيران والميليشيات الانقلابية التابعة لها، للتوقف عن ممارساتها، وتنفيذ القرارات الأممية، والعودة للعملية السياسية التي توقفت نتيجة الانقلاب. وأوضح أن الموقف الحكومي ينادي بالسلام الدائم والمستدام، المبني على المرجعيات الثلاث، والذي ينهي الحرب ويستعيد مؤسسات الدولة، ويضمن عدم تكرار ما حدث في المستقبل، مثمناً دور تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية في عملية استعادة الدولة وإعادة بناء المؤسسات، وتقديم الخدمات، وتطبيع الحياة في المناطق المحررة، ودعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع الإنسانية.
في السياق نفسه، اعتبر رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، ما جرى في الحديدة من تسليم ميليشيات الحوثي الموانئ لأنفسهم، بمباركة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن ورئيس لجنة إعادة الانتشار، أمراً غير مقبول، ويخالف بشكل صريح نص وروح اتفاق استوكهولم.
وجاء الرفض الحكومي خلال لقاء رئيس الحكومة في الرياض بمساعد الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك؛ حيث اتهم الأول الميليشيات الحوثية بارتكاب مزيد من الانتهاكات، واحتجاز القوافل الإغاثية والدوائية، ومفاقمة معاناة اليمنيين في ظل صمت دولي. وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة إجراء تصحيح شامل لآلية العمل الإغاثي، من خلال انتهاج مبدأ اللامركزية في توزيع المساعدات، ومراجعة قوائم الشركاء المحليين والموظفين المحليين العاملين في تلك المنظمات، وضمان إيصال المعونات إلى مستحقيها دون تمييز. وناقش اللقاء - بحسب مصادر حكومية - آخر المستجدات بشأن اتفاق استوكهولم الذي لا تزال الميليشيا الانقلابية ترفض التنفيذ الجاد له، رغم مرور أكثر من 5 أشهر على إبرامه.
وجدد رئيس الوزراء اليمني رفض الحكومة اليمنية أي إجراءات أحادية من قبل الحوثيين، في تكرار للسيناريو ذاته، بتسليم الموانئ لعناصر أخرى تابعة لهم.
ويعتقد أن هذا الرفض الحكومي الرسمي اليمني لأداء غريفيث، قد يلقي بظلاله على المساعي الأممية؛ خصوصاً مع ضغوط الناشطين اليمنيين التي تدعو إلى إقالة الأخير من مهمته الأممية، بعد أن أخفق - على حد قولهم - في تحقيق أي تقدم في ملف الأزمة اليمنية، باستثناء تقديم الخدمات للجماعة الحوثية.
ويتهم المسؤولون اليمنيون غريفيث بأنه حرص على تجزئة اتفاق السويد الخاص بإعادة الانتشار من الحديدة وموانئها، دون تحقيق أي تقدم فعلي حتى الآن، وهو الاتفاق الذي كان قد ضغط لإبرامه، على الرغم من أن القوات الحكومية كانت قاب قوسين أو أدنى من تحرير المدينة ومينائها، وكسر الميليشيات الحوثية.