مع تصاعد التوتر الأمريكي – الإيراني..

معهد الشرق الأوسط: هل باتت منطقة الخليج على أعتاب حرب؟

رفضت إدارة ترامب تمديد الإعفاءات الممنوحة لصادرات النفط الإيرانية

رؤية الإخبارية

منذ أن رفضت إدارة ترامب تمديد الإعفاءات الممنوحة لصادرات النفط الإيرانية، والتي انتهت مهلتها في الثاني من مايو، انخرطت الولايات المتحدة وإيران في دوامة متصاعدة من التهديدات والأفعال. ردًّا على تشديد الولايات المتحدة لعقوباتها النفطية وسعيها لـ "تصفير" صادرات النفط الإيرانية، استغل وزير الخارجية الإيراني "جواد ظريف" زيارته لنيويورك في أواخر إبريل لتسليط الضوء علنًا وسرًا على تصميم إيران على مقاومة الضغوط الأمريكية والرد في حال دُفعت بلاده لحافة الهاوية.

أخبر "ظريف" الجمهور الحاضر في لقاء نظمته "جمعية آسيا" (Asia Society) في الرابع والعشرين من إبريل، أن إيران ستواصل بيع نفطها بالرغم من العقوبات الأمريكية، وحذر من أن واشنطن "ينبغي أن تستعد لمواجهة العواقب" لو حاولت منع مبيعات النفط الإيرانية. 

وفي اللقاءات السرية، تمسّك وزير  خارجية إيران بموقفه العلني الصارم، وأعاد التأكيد على رأيه بأن الرئيس ترامب يعتبر حملة "الضغوط القصوى" الأمريكية أداة مؤثرة لإجبار إيران على العودة لطاولة المفاوضات؛ وتعهّد بأن إيران لن تقبل "استنزافها حتى الموت".

منذ زيارة وزير الخارجية الإيراني، تصاعدت حدّة التوترات أكثر؛ إذ صعّدت الولايات المتحدة من ضغوطها القصوى على إيران عبر فرض المزيد من العقوبات على صادرات إيران من الحديد والصلب والألومنيوم والنحاس، وتُعدّ المعادن الصناعية ثاني أكبر الصادرات تحصيلاً للإيرادات بعد النفط والغاز.

ويبقى السؤال: هل تؤشّر قعقعة السيوف في المنطقة على أن الانزلاق نحو صراع مع إيران بات أمرًا وشيكًا ولا رجعة فيه؟ ربما لا. الأهم من كل هذا أن كل الأطراف المنخرطة مباشرة في هذا الصراع ربما تعتبر أن الدخول في صراع مفتوح ليس في صالحها الآن:

•بالرغم من عمليات الانتشار الجوية والبحرية التي قامت بها في المنطقة، لا تملك الولايات المتحدة حاليًا الأرصدة التي قد يطلبها الجيش الأمريكي للقيام بأكثر من ردّ محدود. لكن التجربة الممتدة لعقود في العراق وسوريا توضح أن مثل هذه الحملات المحدودة لا تؤدي لتحقيق نتائج سياسية مهمة، وأقرّ الرئيس ترامب أنه في حال قررت الولايات المتحدة تعزيز وضعها العسكري في المنطقة "فإننا سنرسل عددًا أكبر بكثير" من رقم 120 ألف جندي الذي تناقلته التقارير. بالإضافة إلى هذا، تُشير ردود الفعل الأوروبية والتوترات المتصاعدة في الخليج إلى أن الولايات المتحدة ستخوض هذه الحرب من دون دعم مهم من حلفائهاـ كما تفيد تقارير أخرى أن ترامب نفسه يضع حدًّا لأحاديث الدخول في صراع مع إيران. 

•من جانبه، أوضح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أن إيران مصممة هي الأخرى على تجنب الصراع في المنطقة، واعترف في تصريحات له في لقاء خاص أن الإيرانيين ربما بالغوا في قدراتهم العسكرية. يفهم الإيرانيون أنهم، وبغض النظر عن النتيجة النهائية للصراع مع الولايات المتحدة، سيعانون حتمًا من تداعيات القتال، وربما دفع هذا الموقف أيضًا المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" للتقليل من أهمية اندلاع صراع أمريكي – إيراني، ووفقًا لما أوردته صحيفة "إيران" الحكومية، فقد أخبر خامنئي مسؤولين رفيعين أنه "لا نحن ولا هم يسعون للحرب". وبالرغم من وصف خامنئي لإمكانية التفاوض مع ترامب بأنها "سمّ"، غير أنه ما يزال من غير المؤكد ما إذا كان الإيرانيون سيرفضون العودة لطاولة المفاوضات في حال سمحت الظروف بذلك. 

•أخيرًا، كان السعوديون والإماراتيون حذرين نسبيًّا في ردودهم على حوادث ميناء الفجيرة والهجوم على أنبوب النفط السعودي.  بيد أن كل المؤشرات تدل على عدم رغبة السعودية والإمارات الانجرار إلى حرب مع إيران. كان الردّ السعودي على هجوم الحوثيين بطائرة مسيّرة متوقعًا، لكنه لم يتجاوز حدود الردود السابقة. حتى من دون تحذيرات ظريف الصريحة في نيويورك، والتي ربما عززتها عمليات التخريب وهجمات الطائرات المسيّرة في الأيام الاخيرة.

وبطبيعة الحال، فإن عدم رغبة اللاعبين الأساسيين في هذا التصعيد الأخير في أن تتطور الأمور نحو حرب، لا يعني أن خطر اندلاع حرب مفتوحة بات أمرًا غير مطروح؛ فالتصعيد المتبادل يمكن أن يخلق وضعًا خطيرًا ينشأ عنه سوء تقدير أو سوء فهم؛ ما قد يؤدي لإشعال مواجهة عسكرية أوسع نطاقًا. ومع توسيع الولايات المتحدة لحضورها العسكري في المنطقة، ستتصاعد مخاطر اندلاع هذا النوع من الحرب غير المقصودة. بالتالي، من المهم أن تتخذ الأطراف خطوات في الأيام المقبلة لتخفيف حرارة الصراع وكسر دوامة التصعيد.