ترميم البنية التحتية في لبنان..

تقرير: السعودية والإمارات تُعيدان بناء لبنان.. وإيران تهدمه

الدعم غير المحدود من السعودية والإمارات، في ظل الدور الذي يلعبه “حزب الله” في التسفيه من شأن تلك الم

بيروت

دأبت قيادات السعودية والإمارات على التعامل مع ملف دعم لبنان بوصفه ملفًّا مهمًّا ومؤثرًا وضروريًّا، بينما قيادات لبنان نفسها منقسمة أمام هذا الدعم غير المحدود من السعودية والإمارات، في ظل الدور الذي يلعبه “حزب الله” في التسفيه من شأن تلك المساعدات.

 

وأشار موقع “روسيا اليوم” إلى أهمية الدعم السعودي المقدم إلى لبنان منذ اتفاق الطائف عام 1989، ونشر تقريرًا حول حجم المساعدات المالية والاقتصادية المقدم إلى لبنان بين عامَي 1990 و2015، الذي وصل إلى 70 مليار دولار دعمًا من المملكة للاقتصاد اللبناني والمشاركة في إعادة الإعمار بعد الاعتداءات الإسرائيلية، وقروض ميسرة وودائع في البنوك؛ بخلاف أن هناك 10% من الودائع في البنوك اللبنانية تعود إلى مستثمرين سعوديين.

وفي الوقت الذي كشفت فيه تقارير صحفية عن حجم الدعم الإيراني لميليشيات حزب الله، والتي كانت تصل إلى 700 مليون دولار سنويًّا، لم تقدم طهران ولا حزب الله ذاته أية مشاركة حقيقية إلى الاقتصاد اللبناني، ونرى مبالغ هزيلة تقدمها إيران مقارنة بما تقدمه إلى حزب الله؛ إذ قدَّمت 25 مليون دولار لإعادة بناء طرق وترميم البنية التحتية في لبنان عام 2007، وبعض الأغطية والمساعدات الغذائية والمعونات الإنسانية عن طريق حزب الله.

 

دعم واستثمارات كبيرة

ويبلغ عدد المشروعات المشتركة بين السعودية ولبنان 200 مشروع. وأشار مجلس الأعمال السعودي اللبناني إلى أن حجم الاستثمار بين كلا البلدَين وصل إلى نحو 12 مليار دولار؛ حيث إن حجم الاستثمار بين البلدين خلال 2015 بلغ 736 مليون دولار.

 

أما الدعم الإماراتي في لبنان فقد بدأ منذ السبعينيات على يد الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، بتقديم الدعم بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، ونرى بعض الأمثلة من هذا الدعم في إنشاء صندوق دعم عربي للبنان، وبعده تقديم 30 مليون دولار مساعدات عاجلة. وقدم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضًا بقيمة 52 مليون دولار أمريكي؛ لتمويل مشروع إعادة إعمار وبناء المساكن في لبنان، وفي 1998 أودعت دولة الإمارات مبلغ 100 مليون دولار أمريكي في المصرف المركزي اللبناني، وفي 2003 اكتتبت الإمارات العربية المتحدة سندات خزينة بقيمة 300 مليون دولار أمريكي؛ لدعم الخزينة اللبنانية، وبعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 وضمن إدارة المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان، قدمت نحو ثلاثة آلاف طن من المساعدات الغذائية والأدوية والمواد التموينية التي وزّعت في القرى اللبنانية؛ إضافة إلى خطة استكمال إزالة الألغام والقنابل العنقودية، وبناء المدارس وترميمها في الجنوب، وقد وصلت إلى 511 مدرسة، وترميم المستشفيات وإعمارها. أما الاستثمارات الإماراتية في لبنان فقد بلغت 26.9 مليار درهم؛ بينما يزيد حجم الاستثمارات اللبنانية في الإمارات على 5.5 مليار درهم.

تجاوزات “حزب الله”

وبسبب التجاوزات من جانب حزب الله والمسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة العربية السعودية، أعلنت المملكة في فبراير 2016 وقف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وتقدر بنحو أربعة مليارات دولار سنويًّا. لكن أكدت السعودية وقتها أنها ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني؛ معتبرة أن المواقف في المؤتمرات العربية والدولية “لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق”، وفي نوفمبر 2017 حذرت السعودية والإمارات والبحرين والكويت مواطنيها من السفر إلى لبنان؛ بسبب الأوضاع الأمنية بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، نتيجة تدخلات حزب الله في السياسة اللبنانية وتهديد جميع القوى اللبنانية بالسلاح الذي يملكه من إيران .

ولم تستمر الأزمة كثيرًا، وقررت المملكة السعودية عودة العلاقات الطبيعية مع لبنان، وقدم السفير السعودي وليد اليعقوبي، أوراق اعتماده إلى الرئيس اللبناني في يناير 2018، وفي فبراير 2019 أعلن السفير السعودي الحالي في بيروت، وليد عبدالله البخاري، رفع السعودية التحذير على مواطنيها المسافرين إلى لبنان، بعد التطمينات الأمنية التي وصلت من الجانب اللبناني.

وأعلن سفير الإمارات لدى بيروت، حمد سعيد الشامسي، عقب لقاء مع وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، في 7 مايو، أن رفع الحظر عن سفر الإماراتيين إلى لبنان أصبح قريبًا، وأن فريقًا من دائرة الطيران المدني الإماراتي يجتمع مع نظرائه اللبنانيين؛ لدراسة الأمور الفنية.

الاحتياجات الرئيسة

وأعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في أبريل 2018، تقديم 200 مليون دولار دعمًاللجيش اللبناني والقوى الأمنية، بخلاف ذلك تقوم السعودية والإمارات بمساعدة لبنان في توفير الاحتياجات الرئيسة للاجئين السوريين على أراضيها. وأكد السفير وليد البخاري، أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بتوزيع المساعدات على كل الأشقاء السوريين في كل القرى اللبنانية. أما دولة الإمارات فتعدّ أكبر دولة تقدم مساعدات إلى اللاجئين السوريين، سواء في لبنان أو الأردن، وقد بلغت قيمة المساعدات التي قدمتها خلال الفترة من 2012 إلى يناير 2019، نحو 3.59 مليار درهم (976.4 مليون دولار).

وكان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، أكد أنه بسبب القرار الخليجي انخفض عدد القادمين من السعودية والإمارات الذي كان له تأثير بالغ على قطاع السياحة في لبنان، أهم ركائز الاقتصاد اللبناني.

وسط كل ذلك لا يبالي حزب الله بقرارات دول الخليج لمساعدة الدولة اللبنانية، ويظهر الأمين العام حسن نصر الله، في خطابات متكررة؛ لمهاجمتها تنفيذًا للقرارات التي تصدر له من طهران، بخلاف تهديداته كثيرًا من المسؤولين الذين يسيطر عليهم في البرلمان والحكومة؛ لتنفيذ الرؤية الإيرانية من ضرر أي مصلحة عربية مشتركة مع لبنان، وأصبحت يد إيران العليا تسيطر على السياسة اللبنانية بخلاف سيطرتها على كثير من المنصات الإعلامية؛ سواء أكانت التليفزيونية أم الصحفية، وأصبحت السعودية والإمارات بعد كل هذا الدعم للدولة اللبنانية أمام خطابات كراهية ضدهما، ولكن على الرغم من ذلك لايزال الشعب اللبناني له الأولوية بالنسبة إليهما برغم السياسة غير الشرعية التي يمارسها حزب الله وأتباعه.

الفاشلون يهاجمون

وفي تعليقه لـ”كيوبوست”، قال أمجد طه، الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط: “إن دول الخليج السعودية والإمارات والبحرين، طالما قدمت المساعدات على كل الأصعدة إلى شعب لبنان، وكانت سببًا في تطوره الاقتصادي، ومَن يهاجم هذه الدول الخليجية من لبنان وخارجها يحاول إبعاد لبنان عن حضنه العربي، ورميه بشكل كامل في نار طهران”. 

وأكد طه أن مَن يهاجمون السعودية والإمارات والبحرين وأصولهم قد ترجع إلى لبنان أو فلسطين، لا يمثلون أبناء فلسطين أو لبنان، بل يمثلون يد إيران في هذه الأراضي، فلا يهاجم دول الخليج المعتدلة إلا الفاشلون أو الذين يؤيدون صوت الدمار ويقفون ضد البناء والتطور. وأوضح الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط أن السعودية والإمارات ترسلان المساعدات الإنسانية إلى الشعب اللبناني، وهما تدركان أن الشعب رهينة بيد ميليشيات حزب الله الإرهابية، لكن المؤكد هو أن الصيف سيكون ساخنًا جدًّا على حزب الله، وقد يشهد ضربة قوية تجعل شعب لبنان يتنفس الحرية بعيدًا عن قبضة هذا الحزب الإرهابي.