مخاطر الخروج دون اتفاق..

المتنافسون على زعامة حزب المحافظين منقسمون بشأن بريكست

ملف بريكست أكبر مسألة في السباق على رئاسة حزب المحافظين

واشنطن

تعهد وزير التنمية الدولية البريطاني روري ستيوارت، أحد الساعين إلى خلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بأنه لن يخدم تحت رئاسة بوريس جونسون وأنه سيعارض أي محاولة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون اتفاق انسحاب، في تصريح ينبئ بمرحلة مثيرة للجدل للمحافظين قبل أن تتحدد هوية خليفة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، بعد منافسة ستستمر شهرين على رئاسة الحزب.

وقال ستيوارت، وهو من بين الاثني عشر مرشحا لخلافة ماي في رئاسة حزب المحافظين الحاكم، إنه “لا يمكنه العمل مع بوريس جونسون”، مشيرا إلى أنه تحدث مع جونسون بشأن البريكست في وقت سابق، عندما طمأنه وزير الخارجية السابق أنه لن يدفع بانسحاب دون اتفاق، “لكن يبدو الآن أنه يدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق”.

ملف الحسم
من المتوقع أن يكون ملف بريكست أكبر مسألة في السباق على رئاسة حزب المحافظين الذي سيبدأ رسميا في العاشر من يونيو. وتغادر ماي زعامة حزب المحافظين في 7 يونيو لكنها ستبقى رئيسة للحكومة حتى يقوم أعضاء الحزب باختيار خلف لها، وهو ما سيتم قبل 20 يوليو.

وأصبح وزير الصحة مات هانكوك أحدث المنضمين لسباق خلافة ماي بعد بوريس جونسون وزير الخارجية السابق وجيريمي هنت وزير الخارجية الحالي وروري ستيوارت وزير الدولة للتنمية الدولية وإيستر مكفي وزيرة العمل والمعاشات السابقة.

أيا كان الشخص الذي سيخلف ماي، فإنه سيواجه مثلها نفس الغالبية الضئيلة في البرلمان، واتحادا أوروبيا لا يعتزم تغيير عرض الخروج الذي رفضه النواب البريطانيون ثلاث مرات

ومن المتوقع أن يتنافس ما يصل إلى 12 شخصا بشكل إجمالي على المنصب حيث لم يستبعد وزير التجارة ليام فوكس ووزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي السابق ستيف بيكر إمكانية ترشحهما عند سؤالهما بهذا الشأن.

وتشير مكاتب الرهانات إلى أن جونسون، النائب المحافظ وقائد معسكر بريكست، المرشح الأكثر حظا لخلافة ماي في رئاسة الحكومة.

وردا على سؤال حول ما إذا كان سيتقدّم إلى منصب رئاسة الوزراء، قال وزير الخارجية السابق البالغ من العمر 54 عاما “سأفعل ذلك. بالطبع سأفعل ذلك”. قال جونسون ذلك بنبرة تظهر وكأنه أمر واضح.

وكأن أعلى درجة في السلطة البريطانية كانت في نهاية المطاف، دائما في باله. وهذا لأن ألكسندر بوريس دو فيفل جونسون، أو “بوجو” كما يلقب، رجل طموح جدا.

منذ سنّه المبكرة، كان يريد أن يصبح “ملك العالم”، حسبما قالت شقيقته ريتشل لكاتب سيرته الذاتية أندرو غيمسون. ولم يكن منصب وزير الخارجية الرفيع الذي شغله من 2016 حتى 2018، على الأرجح يشكل السقف الذي يريده لمسيرة مهنية شغل خلالها، بين عامي 2008 و2016، منصب رئيس بلدية العاصمة البريطانية.

وخلال تلقيه تعليما نخبويا، لم يكف الابن البكر لعائلة رزقت بأربعة أبناء، والمولود في نيويورك سنة 1964، عن تأكيد أحلامه بالعظمة، بعد أن حصل على منحة للدراسة في كلية أيتون العريقة وشغل المنصب الذي لا يقل أهمية وهو رئيس نادي النقاش “أكسفورد يونيون”.


بعد تخرجه من الجامعة، بدأ الرجل المعروف بشعره الأشقر الأشعث، العمل في الصحافة في صحيفة التايمز التي طردته بعد أقل من عام، لنشره اقتباسا والكذب حول حقيقة أنه اخترعه. من ثم عمل في صحيفة ديلي تلغراف التي أرسلته إلى بروكسل حيث عمل بين عامي 1989 و1994.

ومن خلال المبالغات وأحيانا حتى الحيل القذرة، أصبح بوريس جونسون “المراسل المفضل” لدى مارغريت تاتشر عبر تفصيله الأعمال الأكثر غرابة في المفوضية الأوروبية مثل حجم النقانق والمراحيض.

وفي بروكسل أيضا اقترن جونسون بزوجته الأولى أليغرا موستن- أوين التي التقاها في جامعة أكسفورد، قبل أن يتركها عائدا إلى صديقة الطفولة مارينا ويلر زوجته الحالية ووالدة أبنائه الأربعة. وانفصل عن ويلر في 2018 ومذاك يقيم علاقة مع امرأة شابة في الثلاثينات، وفق ما تقول الصحف.

انتُخب نائبا للمرة الأولى عام 2001، وبانتزاعه بلدية لندن من العماليين عام 2008 حصل على مكانة على المستوى الوطني. وفي العام 2016، اختار معسكر بريكست. ويتهمه منتقدوه بأنه يتصرّف بدافع المصلحة الشخصية وليس من منطلق قناعاته.

أثناء حملة الاستفتاء، لعب جونسون، الملقب بـ”ترامب بريطانيا”، دورا حاسما واعدا البريطانيين بمملكة متحدة مشرقة خارج الاتحاد الأوروبي.

بعد أن ضمن بريكست، كان جونسون الأوفر حظا لتولي منصب رئيس الوزراء. إلا أنه تخلّى عن الترشّح وأفسح المجال لتيريزا ماي، بعد أن تعرّض لطعنة في الظهر من حليفه مايكل غوف الذي سحب دعمه له وقدّم ترشيحه شخصيا.

غير أنه عُيّن وزيرا في حكومة ماي التي كانت تسعى إلى إعطاء ضمانات للمشككين بجدوى الاتحاد الأوروبي في الحزب المحافظ. تميزت فترة عمله وزيرا للخارجية بعدم القدرة على ممارسة الجدية واتباع نهج متعمد للتفاصيل. لقد لبس قناع العنف الهزلي الذي أمتع من خلاله جمهوره المحلي، لكنه حيّر وأغضب بقية العالم.

وأثار ضجة كبيرة إذ أن منصب كبير الدبلوماسيين لا يبدو أبدا متوافقا مع مزاجه الذي لا يمكن التنبؤ به. وأشار مركز دراسات شاتام هاوس إلى أنه “عندما كانت خطورة التفاصيل والتحكم بها ضروريين، لم يدل جونسون سوى بهراء”. على سبيل المثال، في مايو 2017، دعا جونسون إلى تصدير الويسكي إلى الهند في حرم معبد للسيخ وهي ديانة تحارب تناول هذا المشروب.

في أعقاب ذلك، اعتبر أن ليبيا قد تصبح بلدا مستقطبا للسياح إذا تمكنت من “التخلّص من الجثث”، قبل أن يكشف عن فكرة أقلّ ما يمكن القول عنها إنها مفاجئة؛ وهي بناء جسر بين المملكة المتحدة وفرنسا. لكن تصريحاته حيال تيريزا ماي وأوروبا كانت الأكثر حدة.

وفي ما يتعلّق بمليارات الدولارات التي قد يتحتّم على المملكة المتحدة دفعها بسبب التزاماتها كعضو في الاتحاد الأوروبي، قال “يمكنهم السعي دائما إلى ذلك”.

وقبل أيام من خطاب مهمّ لرئيسة الوزراء، تجاوز جونسون تيريزا ماي عبر نشره في الصحافة “رؤيته” للخروج من الاتحاد الأوروبي، ملمحا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يتفاوض بشكل أفضل مع المفوضية الأوروبية. واستقال من الحكومة في يوليو 2018. وبعد مرور عام، يعود إليها لكن هذه المرة، على رأسها.

بريطانيا

وقال أستاذ العلوم السياسية في كلية لندن للاقتصاد توني ترافيرس “جونسون بالتأكيد سيكون من اختيار أعضاء الحزب لكن ليس بالضرورة من اختيار أعضاء البرلمان”، فيما أشار بروبرت شريمسلي، الكاتب في صحيفة فايناينشل تاميز، إلى أنه “عندما يصوت المحافظون، سيصوتون بناءا على فكرتين أساسيتين: من هو الأكثر انسجاما مع وجهات نظري ومن سيحافظ على مقعدي الانتخابي. وإذا اعتبر الكثيرون أن جونسون هو الجواب على السؤال الأخير، فإن فرصة فوزه بالانتخابات تبقى مرتفعة”.

وأضاف أن “هذا لا يعني التنبؤ بأن جونسون سيصبح رئيسا للوزراء، ولكن من المتوقع أن يكون هذا العام عاما حاسما بالنسبة إليه. حيث من خلال قوة شخصيته وانتهازيته، استطاع جونسون أن يبقي نفسه داخل اللعبة. صحيح أنه فقد مساحة كبيرة كان يشغلها في فترة ما، لكنه ما زال موجودا على الطاولة.

لكن أيا كان الشخص الذي سيخلف ماي، فإنه سيواجه مثلها نفس الغالبية الضئيلة في البرلمان، واتحادا أوروبيا لا يعتزم تغيير عرض الخروج الذي رفضه النواب البريطانيون ثلاث مرات، إضافة إلى مؤيدين ومعارضين لبريكست لن يقدموا تنازلات.