أشهر العاملين في حقل الإعلام..

ما لا تعرفه عن الإعلامي السعودي عبدالله المديفر

الإعلامي السعودي عبدالله المديفر

الرياض

يعد الإعلامي السعودي عبدالله المديفر واحدًا من أشهر العاملين في حقل الإعلام في المملكة وخارجها اليوم، بعد أن جلبت له برامجه الحوارية التلفزيونية المستمرة منذ سنوات جمهورًا كبيرًا لم يعتد أن يشاهد ضيوفًا يتحدثون بجرأة قادت بعضهم إلى السجن أو حتى إيقاف البرنامج.

فخريج الشريعة الهادئ الملامح والطامح للحصول على وظيفة حكومية في هيئة التحقيق والادعاء العام التي أصبح اسمها لاحقًا ”النيابة العامة“، اتخذ لمسيرته العملية نهجًا آخر بدا فيه كما لو أنه محقق إعلامي قادر على إقناع ضيوفه بالإجابة عن أسئلته بكل صراحة مهما كانت نتائجها عليهم.

ولا تعد محطات العمل التي توقف فيها خلال مسيرته المهنية الممتدة منذ بداية الألفية، ذات قيمة، بالمقارنة مع يوميات كل محطة، ففي الغالب تكون كل حلقة حوارية يقدمها مثار جدل واسع يتعدى حدود المملكة، بينما تتعدى نتائج بعض الحوارات الجدل إلى إيقاف الضيوف أو التحقيق معهم أو حتى إيقاف البرنامج ذاته.

ومع ذلك فإن ذكر محطات عمل المديفر المهنية قد يوضح جزءًا من سيرته الذاتية، والتي بدأت بعمله في مجال الفن بشكل غير متوقع، لكن بما يتفق والصورة المحافظة التي اعتاد أن يوصلها للآخرين عنه.

ويقول رجا ساير المطيري، الكاتب السعودي المتخصص بالسينما والدراما والفنون التلفزيونية، عن تجربة المديفر ”قد لا يعلم كثيرون أن المذيع المتألق عبدالله المديفر بدأ مسيرته الإعلامية من بوابة الإخراج الدرامي حيث أخرج قبل نحو عشر سنوات (2002) فيلمين (إسلاميين) حصدا نجاحًا كبيرًا وكانا سببًا في انطلاق ما بات يُعرف بـ (الدراما الإسلامية المحافظة)“.

ويضيف المطيري في مقال قديم نُشر عام 2012 بصحيفة ”الرياض“: ”حتى ذلك الحين كان التمثيل يعتبر نوعًا من الكذب المنهي عنه، كما كان الفنان يُنعت بالحمار تنقّصًا وازدراءً، ووصلت الحملة ضد الفنون إلى ذروتها، لكن بمجرد مجيء عبدالله المديفر بفيلميه (اليتيم عماد) و(الحقد الأبيض) انقلب كل شيء وأصبح الفن مقبولًا ولم يعد التمثيل كذبًا ولم يعد الفنان حمارًا“.

لكن تلك التجربة التي راقت لتيار الإسلاميين آنذاك، لم ترق للمديفر فيما يبدو أو لم ترض طموحه، إذ سرعان ما ترك مجال الكتابة والإخراج وتوجه للحوارات التلفزيونية متسلحًا بما وصفه هو في منتدى إعلامي في الرياض عام 2012 بـ ”الإثارة“.

ويقول المديفر عن بدايات تجربته مع البرامج الحوارية، عندما كان يقدم برنامج ”لقاء الجمعة“ الذي كان يعرض عام 2012 على قناتي ”روتانا خليجية“ و“الرسالة“، إنه يضطر إلى عرض حواراته التلفزيونية مباشرة على الهواء رغم عدم الحاجة إلى الاتصالات أو التفاعل المباشر، ”ولكن هربًا من مقص الرقيب فقط“.

وتنقل المديفر في حواراته التلفزيونية بين أكثر من محطة وتحت أكثر من اسم لبرنامج متشابه المحتوى، يقوم على استضافة نخب سعودية ثقافية ودينية، وفي بعض الأحيان نخب من خارج المملكة، ويطرح عليها أسئلة جريئة غير معهودة في البرامج الحوارية في القنوات الخليجية.

وتتسم برامج المديفر الحوارية وفق تلك الجرأة والبث المباشر، بالإثارة فعلًا، وهو ما يضمن له جدلًا واسعًا حول كل حلقة وحديث كل ضيف وآرائه في قضايا سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية حساسة.

واستضاف المديفر أسماء كثيرة ذات شهرة في عالم السياسة والاقتصاد والدين والاجتماع والعلوم، خلال سنوات عمله في مجال البرامج الحوارية التي فاقت العشر سنوات، وكانت تحت أسماء ”نبض الكلام“ على قناة ”إم بي سي“ و“لقاء الجمعة“ و“في الصميم“ و“في الصورة“ و“الليوان“ على ”روتانا خليجية“.

وكثير ممن حاورهم المديفر يقبعون في السجن، وبينهم سلمان العودة وعوض القرني وصالح الشيحي ونخب سعودية عديدة محسوبة على تياري الإسلاميين والليبراليين.

كما انتهى برنامج ”في الصميم“ عام 2015 بالإيقاف النهائي والتحقيق مع مقدمه المديفر وضيفه المثير للجدل، الداعية محسن العواجي الذي امتدح يومها عهد الملك سلمان وانتقد عهد سابقيه قبل أن يتم إيقاف البرنامج بأمر مباشر من الملك سلمان شخصيًا.

وعُدّ حديث الكاتب السعودي زهير كتبي في برنامج ”في الصميم“ وانتقاداته الجريئة لقيادة بلاده، سببًا للتحقيق معه عام 2015 ومن ثم سجنه بسبب إجاباته عن أسئلة المديفر يومها.

ولم تغب الإثارة عن أحدث برامج المديفر، وهو ”الليوان“، حيث ابتدأه في شهر رمضان الحالي باستضافة الداعية السعودي المعروف عائض القرني، والذي اعتذر خلال الحوار عن دوره في ”فترة الصحوة“ التي كان أبرز رموزها، وأقر بخطأ تلك المرحلة وتبرأ من جماعة الإخوان المسلمين بجانب آراء أخرى وصل الجدل حولها إلى الصحافة العالمية.

وكان المديفر يُعد لحلقة مثيرة أخرى يوم الجمعة الماضي، لكن ضيفها الداعية الإماراتي وسيم يوسف اعتذر عن المشاركة قبيل موعد الحلقة بساعات، وتعهد بكشف السبب الذي ربطه بما أسماه ”مؤامرة صحونجية“، ليكون ذلك الانسحاب المفاجئ سببًا لجدل واسع حول حلقة لم تتم.

ورغم أن المديفر لا يتحدث عن الجدل الذي يسببه في حواراته وأسئلته الجريئة لضيوفه ومصيرهم، إلا أنه وعلى غير العادة كتب في توضيح ما لبث أن مسحه عن سبب انسحاب الداعية وسيم يوسف، أن اختيار الضيف كان ”خطأ“، فيما يترقب جمهور واسع أن يكشف إمام مسجد الشيخ زايد الكبير تفاصيل ما جرى في ذلك المساء كما وعد بذلك.

ومن غير المؤكد أن يستمر برنامج المديفر ”الليوان“ حتى نهاية شهر رمضان، وهو احتمال قد يصل برنامج ”في الصورة“ الذي سيعاود تقديمه بعد انتهاء الشهر الفضيل، وهو ما رافق تجاربه السابقة في البرامج الحوارية التي انتهت بقرارات رسمية أو بقرارات من المحطات التلفزيونية التي عمل فيها.

كما أن الجدل والانتقادات التي تعقب حوارات المديفر، تتجه دائمًا نحو ضيوفه وآرائهم وإجاباتهم، لكنه تعرض بشكل شخصي هذه المرة لانتقادات لاذعة بسبب الغموض الذي أحاط بحلقة استضافة الداعية وسيم يوسف، ووصفه له بـ ”الضيف الخطأ“ دون أن يوضح سبب تعامله ذلك مع ضيفه.

ويقول الكاتب السعودي ناصر الصِرامي في وصف برنامج زميله المديفر ”.. الحوارات السابقة (في الصميم) للزميل عبدالله المديفر أغرت الحزبيين.. ومعه يتحدثون بمواربة ورسائل فوق وبين السطور، يبدو أن وجه الزميل المديفر الملتحي والهادئ والمصنف من البعض بأنه القريب للتيارات الإسلامية المختلفة وفق أدبيات تصنيف الإسلاميين أنفسهم كان فخًا لم يدركوه، فخًا قاد بعضًا منهم أو آخرهم للتمادي بشكل غير مسبوق!“.

ويضيف الصرامي في مقال نُشر بصحيفة ”الجزيرة“ المحلية إبان فترة بث برنامج ”في الصميم“ عام 2015: ”نجاح عبدالله هو في الوصول إلى الجميع، ومنحهم الفرصة للفضفضة التي يشتهونها، وفي لحظات قد ينسون أنهم في مواجهة الملايين من الآذان والأعين، وليس في الاجتماعات المغلقة أو بين قطيع الأتباع، أو يعتقدون أنها فرصة، لكنها سرعان ما ترتد فاضحة المعدن والتجاوز.. وهنا يكمن الفخ، ليظهر الصوت الحقيقي كاشفًا كلَّ الغموض والتقية والتنظير، لتصل المناورة إلى نهايتها“.

يُشار إلى أن المديفر – وهو ابن مدينة بريدة في منطقة القصيم، معقل المحافظين السعوديين – لم يغب عن الصحافة المكتوبة، وواظب بين عامي 2012 و2015 على كتابة مقالات رأي في صحيفة ”اليوم“ السعودية تناول فيها مختلف القضايا العامة وأحداثًا يومية وجزءًا مما يدور في برنامجه آنذاك ”في الصميم“.

لكن تلك المقالات ومن قبلها بداياته المهنية في مجال الفن والسينما، لا تكاد تذكر مقارنة بتاريخه في الحوارات التلفزيونية التي يجلب بعضها مشاهدين جددًا حتى اليوم رغم مرور سنوات طويلة عليها.