جبهة الضالع..

إنتصار المقاومة الجنوبية يفضح مخطط السيطرة على عدن

المقاومة الجنوبية في الضالع

جهاد الحجري

لا بخفى على أحد بأن العاصمة الجنوبية عدن، تشهد استقراراً مطرداً خلال الآونة الأخيرة ، نتيجة تعاون مشترك بين المجلس الانتقالي وقوات الحزام الأمني الجنوبي، في ضبط الأمن العام للعاصمة.
وقد نجح هذا التعاون في إفشال مخططات إجرامية كبرى، تهدف إلى زعزعة الأمن في المدينة وضواحيها. وهو ما شهدت به صحف ووكالات أنباء عالمية، أثنت على دور الأجهزة الجنوبية في حفظ الأمن وتأمين حياة المواطنين، ما جعل الحياة والسياحة تعود إلى وجه العاصمة بعد غياب استمر لسنوات.
ورغم أن ذلك الهدوء الأمني ليس أقصى ما يطمح إليه المواطن الجنوبي، إلا أنه أقصى ما يمكن الوصول إليه في ظل المؤامرات القائمة ضد الجنوب وشعبه.
وعندما أدرك تنظيم الإخوان المسلمين أن المجلس الانتقالي قد قطع الاذرع الارهابية التابعة له، قام باختلاق نوع آخر من الصراع ، حتى لا يكون الأمن في عدن والجنوب مستداماً وملائماً للاستقلال، فعمد إلى تسليط ميليشيا الحوثي الارهابية على محافظة الضالع، وهو مخطط إجرامي آخر كانت الشرعية تسعى لتعميمه على المحافظات الجنوبية بالكامل، ونجح الجنوبيون في كبح جماحه ودحره إلى خارج المحافظة.
وتزامن ذلك الاجتياح الحوثي مع ترهيب إعلامي غير مسبوق، صوَّر الحوثي وكأنه البعبع الذي لا تصمد أمامه أي مقاومة، وأن عدن باتت عما قريب على موعد مع الشر الذي لا يُرد، وسيجتاحها الحوثي في القريب العاجل.
ولم تكن فزاعة الحوثي تلك رغم هشاشتها، إلا لتبرير الحشد الاخواني في عدن بذريعة الاستعداد للدفاع عنها، وكأن الحوثي لا يأتمر بأمر تلك الجماعة الارهابية التي تتمركز في مارب وتطلق على نفسها لقب “شرعية”.
ومر الشهر والشهران ولم يحقق الحوثي أمل الشرعية في الوصول إلى عدن، فاضطرت إلى الكشف عن وجهها القبيح المتمثل في السعي إلى تفجير الوضع أمنيا في العاصمة عدن.
وقد روجت وسائل إعلام الاخوان وعلى رأسها قناة الجزيرة القطرية، لحملة تشويه ممنهجة تزعم أن المجلس الانتقالي يسعى لانقلاب انفصالي في عدن بهدف طرد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
وهو أمر يستحيل حدوثه في ظل انشغال الجنوب العربي قيادة وشعباً بما يدور على الجبهات الشمالية والحدودية مع اليمن، ولكن إعلام الإخوان ربما أدرك أنها الساعة المناسبة للانقضاض على المقاومة الجنوبية وطعنها في الظهر، حتى تتشتت قواتها بين مطرقة الحوثي وسندان الشرعية.
ولأن القيادة الجنوبية ممثلة في الرئيس عيدروس الزبيدي تدرك طبيعة حساسية المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن، فقد أجَّلت الرد على ذلك التصعيد حتى لا تتحول عدن ساحة للإرهاب الاخونجي، الذي يُعد له منذ أشهر، وتحديداً منذ أن أطلق الحوثي أولى رصاصاته على محافظة الضالع بداية شهر أبريل الماضي.
ورغم أن الانتقالي مهيأ وبلا شك لحسم المعركة في عدن، إلا أنه فضَّل المهادنة، كي لا ينعكس ذلك على جبهة الضالع، وأي جبهات أخرى محتملة يخطط لها العدو، خاصة وأن عيون الشرعية اليوم على محافظة شبوة المحررة، والغنية بالنفط.
ونستطيع أن نجزم بأن الوضع لا يزال على المحك، فالمقاومة الجنوبية لم تستنفد كل أوراقها بعد. فهي تقاتل في الضالع والأصبع على الزناد في عدن، والرد على حزب الاصلاح وشرعيته لن يكون بأقل من الرد على الحوثي وميليشياته.
إلا أن التطورات الأمنية في عدن، وحشد الاصلاح إليها، ولغته الاعلامية المستفزة ضد الجنوب، تجعلنا نتسائل، أين كل تلك العنتريات عندما يتعلق الأمر بالحوثي؟
لماذا فعلاً، لا نشاهد الشرعية اليوم تطالب كما في الأمس بالعودة إلى صنعاء، أم أنها ترى شرعيتها بأمان في كنف الحوثي هناك، ولم يتبق إلا فرض هيبتها الهشة في عدن.
لا نستطيع أن نقرأ خطاب الشرعية التحريضي ضد الجنوب، بمعزل عن التصعيد الميداني الحوثي، فالواقع يثبت أنهما من بوتقة واحدة، وأن معارك الحوثي في الضالع هي معارك الاصلاح في عدن، وليس كل ذلك بمعزل عن حزب المؤتمر الشعبي، الشريك اليمني الثالث لاحتلال الجنوب ويمثله اليوم في عدن أحمد الميسري وزير الداخلية الشرعجي.
تتداعى قوى الشر اليوم على الجنوب العربي، في ظل ارهاصات كثيرة وكبيرة ، تنذر بمتغيرات جذرية لابد من تطويعها لصالح استقلال الدولة الجنوبية، مالم فإنها ستذهب لصالح المحتل اليمني، إذا ما تهاونا بحجم المؤامرة وخطورة جميع الأطراف الضالعة فيها، والمتمثلة في ثلاثي الشر: الحوثي – الإخواني – العفاشي ، ولكل منهم دوره التاريخي في مناصبة العداء للشعب الجنوبي ونهب ثرواته وقمع حريته.