النظام السابق وظفه لتحقيق اطماعه..

تقرير: "الارهاب في اليمن".. ما هي استرتيجية مواجهته؟

يحارب الجنوبيون جنبا إلى جنب مع التحالف العربي ضد التنظيمات الإرهابية

عدن

عانى اليمن من الإرهاب منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، في أعقاب عودة المئات من اليمنيين الذين كانوا يقاتلون في أفغانستان، ليتم دمجهم فيما عرف لاحقا بتنظيم حزب الإصلاح اليمني، وهو النسخة المحلية من تنظيم الإخوان الدولي، في تنفيذ عمليات إرهابية ضد من كانوا يعرفون بالمنتمين إلى الحزب الاشتراكي اليمني.
اليمنيون العائدون من كهوف أسامة بن لادن، شكلوا خلايا إرهابية لتصفية قيادات الحزب الاشتراكي الجنوبي، صاحب الميول اليسارية، بدعوى علاقته بالاتحاد السوفيتي الذي كانت تربطه علاقة بنظام دولة اليمن الجنوبية في عدن حتى منتصف الثمانينات.

 الوحدة اليمنية وتصفية قيادات الحزب

في مايو من العام 1990م، أعلن في عدن عن قيام دولة يمنية موحدة عاصمتها صنعاء، بعد اندماج وصف بالهش بين اليمن الجنوبية والجمهورية العربية اليمنية، لكن الاندماج لم يدم طويلاً، فلم يمضِ العام الأول من توقيع اتفاقية الوحدة حتى بدأ مسلسل الاغتيالات لقيادات دولة اليمن الجنوبية، بدعوى أنهم ماركسيون وشيوعيون، لتعلن في 1993 عن اغتيال نحو 150 مسؤولا جنوبيا في صنعاء ومدن يمنية أخرى، قُيّدت جميع العمليات ضد مجهول، لكن عدن أكدت أن الفاعل هو النظام اليمني في صنعاء، لتبدأ مرحلة صراع سياسي جديد، حاولت العديد من دول الإقليم احتواءه ومنها الأردن التي وقعت فيها عدن وصنعاء "وثيقة العهد والاتفاق"، لكن النظام اليمني في صنعاء، مضى في خوض حرب ضد الجنوب انتهت باحتلاله عسكريا، شاركت فيها - إلى جانب نظام صنعاء - مليشيات تنظيم الإخوان وقادة التنظيمات الإرهابية، بناءً على فتوى دينية أصدرها وزير العدل في حكومة صنعاء آنذاك الإخواني عبدالوهاب الديلمي، وهي الفتوى التي أجازت اجتياح عدن ومحاربة من وصفتهم الفتوى بالمرتدين والماركسيين.

 توظيف الإرهاب
بعد السيطرة على الجنوب عسكريا وظف النظام اليمني في صنعاء الإرهاب لتحقيق مطامعه السياسية والاقتصادية، فالإخوان شكلوا ذراعا قوية للنظام في بناء أمبراطورية مالية، مستغلين الدعم الأمريكي والإقليمي باسم محاربة الإرهاب.
وتفيد تقارير يمنية أن زعماء تنظيم الإخوان في اليمن - وأبرزهم عبدالمجيد الزنداني - خططوا لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالح أمريكية من بينها تفجير السفارة في صنعاء واستهداف المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول) في خليج عدن في أكتوبر 2000م.
يقول السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فايرستاين إن النظام اليمني السابق تاجر بالإرهاب للحصول على غاياته ومنها استفزاز العالم الغربي للحصول على الأموال والمساعدات من الدول الغربية المانحة.
وألمح السفير الأمريكي إلى تورط قيادات إخوانية في رعاية الإرهاب وتمويله وتحريكه.

* استراتيجية التحالف العربي في اليمن

تعتمد استراتيجية التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، على إعادة الأمن والاستقرار إلى البلد الذي لم يستقر منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، فشكل تدخله في دعم شرعية الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي أهمية استراتيجية كبيرة، فأبوظبي والرياض ومن خلفهما القاهرة والكويت والمنامة، يدركون أن الحرب في اليمن لا تعني محاربة الحوثيين الموالين لإيران وما يشكله إرهاب الذراع الإيرانية في اليمن من تهديد لليمن ودول الجوار فحسب، فهناك تهديد لا يقل خطورة عنه والمتمثل في التنظيمات الإرهابية.
فخاضت دول التحالف العربي حربين إحداهما ضد الحوثيين والأخرى ضد التنظيمات الإرهابية التي استغلت الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية لتعلن عن إقامة إمارات للتنظيمات في حضرموت وشبوة وأبين وعدن ولحج، التي جرى تحريرها من الحوثيين.
في مارس 2016م، دشنت القوات المسلحة الإماراتية، التي أشرفت على تأمين الجنوب المحرر، عملياتها العسكرية في عدن التي كانت أجزاء منها في قبضة التنظيمات الإرهابية، بالاعتماد على قوات الحزام الأمني التي تم تشكيلها لتنفيذ المهمة، ليتم تأمين عدن ولحج وأبين، قبل أن تطلق عملية عسكرية كبرى في حضرموت التي كانت فيها العاصمة الإقليمية "المكلا" تشكل أكبر إمارة للتنظيم في الجزيرة العربية.
في أبريل/ نيسان 2016م، انطلقت عملية تحرير ساحل حضرموت في عملية عسكرية كبرى اشتركت فيها مقاتلات التحالف العربي لدعم الشرعية وبإشراف عملياتي من القوات المسلحة الإماراتية وقيادات عسكرية تمتلك خبرة طويلة، من أبرزهم اللواء فرج البحسني، محافظ حضرموت الحالي وقائد المنطقة العسكرية الثانية، وكذا الجنرال أحمد سعيد بن بريك، محافظ حضرموت السابق، وقيادات أخرى.
وفي أغسطس/ آب 2016م، أطلق التحالف العربي عملية عسكرية كبرى لتأمين محافظة أبين التي كانت تنشط فيها الجماعات المتطرفة، وتستمر العمليات العسكرية والأمنية التي تحولت إلى عمل واسع وشامل انتهى بتأمين المدن المحررة بشكل كامل، وانطلقت العمليات العسكرية لملاحقة العناصر الإرهابية في الجبال والأودية في أبين وشبوة.
وفي العام الماضي، 2018م، أطلق التحالف العربي "السيف الحاسم" لتأمين محافظة شبوة، وهي العملية العسكرية التي حققت نجاحا كبيرا نظرا لصعوبة التضاريس الجبلية والأودية هناك، ولم يتبقَ اليوم إلا معقل أخير للتنظيمات الإرهابية والمتمثل في وادي حضرموت، حيث تنشط العناصر المتطرفة والتي ارتكبت العديد من العمليات الإرهابية كان آخرها مقتل نحو 8 جنود ومدنيين منذ منتصف الشهر الجاري.

الحوثيون يوفرون ملاذا آمنا للتنظيمات المتطرفة

تقول قوات الحزام الأمني والنخبة إن العناصر الإرهابية التي فرت من حضرموت وشبوة وأبين، لجأت إلى محافظة البيضاء، الخاضعة لسيطرة مليشيات جماعة الحوثي، قبل أن تفاجئ الجماعة الأخيرة الكل بالإفراج عن العشرات من العناصر الإرهابية التي تم اعتقالها خلال السنوات الماضية، في صفقة تبادل، كما أعلن عنها، لكنها في الحقيقة هي عمليات دعم للتنظيمات الإرهابية، خاصة بعد ظهور التحالفات القطرية الإيرانية إقليميا وإخوان اليمن والحوثيين محليا.
ومثلت البيضاء نقطة انطلاق للتنظيمات الإرهابية التي نفذت العديد من العمليات الإرهابية والتي أُحبط بعضها.

 المقاطعة لقطر جزء من الحرب على الإرهاب

في مطلع يوليو 2017م، أعلنت السعودية والإمارات ومصر والبحرين مقاطعة قطر المتورطة في دعم التنظيمات الإرهابية وإثارة الفوضى في العديد من البلدان العربية والإسلامية، لتشكل ضربة قاصمة للتنظيمات الإرهابية، قبل أن تلجأ قطر إلى المنظمات الدولية الحقوقية للدفاع عن الإرهابيين الذين تم ضبطهم.
فمولت تقارير كيدية من أبرزها نشر تقارير عن مزاعم السجون السرية وتعرض معتقلين للتعذيب والاغتصاب، قبل أن يتم تفنيد كل هذه المزاعم من قبل الحكومة اليمنية ووزارة الداخلية والمنظمات الحقوقية التي زارت أماكن الاحتجاز.

 استراتيجية السعودية والإمارات في محاربة الإرهاب

أخذت السعودية والإمارات، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، على عاتقهما محاربة الإرهاب والتطرف، وأُعلن في السعودية عن "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، والذي يعتمد محاربة الإرهاب عسكريا وفكريا وثقافيا وإعلاميا واقتصاديا، من خلال تجفيف كل موارده المالية والاقتصادية، للقضاء عليه بشكل نهائي.
وقد قوبل قيام التحالف العسكري الإسلامي بارتياح كبير لدى الكثير من البلدان التي تعاني من الإرهاب ومنها اليمن، التي أصرّ التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات أن تكون الحرب على الإرهاب من هذا البلد الذي احتضن ما عُرف بالأفغان العرب، وما تمثله بيئته الجغرافيا من حاضنة للتنظيمات المتطرفة.
ويعتمد التحالف العربي في الحرب على الإرهاب على القوات المحلية والنزعة القبلية الرافضة للتنظيمات الإرهابية في جنوب اليمن، والتي سبق لها وخاضت حروبا طويلة ضد التنظيمات، لعل أبرزها الحرب التي خاضعتها قبائل لودر ومكيراس ضد تنظيم القاعدة الإرهابي بمحافظة أبين في العام 2012م.
ويتطلع التحالف العربي إلى إعادة الاستقرار إلى المنطقة بالقضاء على كل أشكال الإرهاب، وهي مهمة ليست مستحيلة في ظل توفر كل الظروف والتي أبرزها الرفض الشعبي لكل أشكال التطرف والإرهاب.
-24