يهاجمون الصحافيين..

مركز أبحاث تركي يقدم معلومات كافية لاستهداف الصحافيين

صرخة الصحافيين الدائمة في تركيا

أنقرة

أعلن اتحاد الصحافيين الأتراك أنه سيتقدم بدعوى قضائية ضد مركز أبحاث موال للحكومة يتّهمه بأنه يحرّض ضد صحافيين يعملون لصالح وسائل إعلام أجنبية. وذكر الاتحاد على تويتر الأحد، أنه سيتقدم بشكوى قضائية ضد مؤسسة الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية أمام محكمة إسطنبول.

ويشارك في التحرك القضائي للاتحاد عدد من الصحافيين الذين يُعتقد أن المركز يحرّض ضدهم في تقرير نشره يتألف من 202 صفحة. وقال الاتحاد، “سنتقدم بشكوى ضد مؤسسة الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية مع زملائنا المدرجين على القائمة السوداء. نراكم في المحكمة” مرفقا التغريدة بهاشتاغ “الصحافة ليست جريمة”.

ويتناول التقرير الذي نشر الجمعة تغطية وسائل إعلام دولية مثل شبكة الـ“بي.بي.سي” البريطانية وقناة “دويتشه فيله” التلفزيونية الألمانية الأحداث في تركيا في خدماتها الناطقة بالتركية بما في ذلك تغطية أحداث كبرى، مثل الانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد في عام 2016.

وتضمّن التقرير معلومات مفصّلة عن صحافيين وتاريخهم الوظيفي وتعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وأدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” ومقرّها باريس التقرير، واعتبرت على تويتر أنه “يرفع المضايقات التي يتعرّض لها مراسلو وسائل الإعلام الأجنبية إلى مستوى جديد”.

وتابعت “ندين بحزم محاولة الترهيب الجديدة هذه ونقف بجانب زملائنا المستهدَفين”. ونفى المركز في بيان الانتقادات الموجّهة إليه، مؤكدا أن تقريره مبني على مصادر متاحة “ولا يحتوي على أي معلومات باستثناء أنشطتهم الصحافية”.

لكن العديد من الصحافيين الأتراك يتعرّضون في الآونة الأخيرة إلى اعتداءات، ويحمّل أكثرهم مسؤولية تدهور الأوضاع للسياسيين الذين غالبا ما يهاجمون الصحافيين. وسبق بأن ألقى الصحافي يافوز سليم ديميراغ، بمسؤولية الاعتداء الذي تعرض له لإعلان نشره “حزب الحركة القومية” اليميني الشريك في الائتلاف الحكومي على صفحة كاملة.

وورد اسم ديميراغ الصحافي المعارض الذي يعمل في يومية ينيتشا، مع أسماء نحو عشرة صحافيين آخرين في إعلان تحت عنوان “افتراء، ادعاءات، شكاوى” نشر في عدد من الصحف واسعة الانتشار بعد الانتخابات العامة التي أجريت العام الماضي.

وتعرّض اثنان على الأقل ممن وردت أسماؤهم في الإعلان لاعتداءات. وتقول الحكومة إن أحدا لم يتم توقيفه بسبب عمله الصحافي، إلا أن منظمة “مراسلون بلا حدود” تؤكد إن أعمال العنف ضد العاملين في وسائل الإعلام غالبا ما تمر من دون عقاب وأحيانا من دون تنديد.

ورفض “حزب العدالة والتنمية” الحاكم وشريكه في الائتلاف الحكومي طلبا بإنشاء لجنة تحقيق برلمانية في الاعتداءات الأخيرة. ويقول الصحافي إدريس أوزيول المقيم في أنطاليا الواقعة على الساحل الجنوبي إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو اتصل به وواساه بعد تعرّضه لاعتداء. لكنه قال إن الوزير حمّل “حزب الحركة القومية” الشريك في الائتلاف الحكومي مسؤولية الاعتداء، مما زاد من غضبه.

وأضاف “ذراع حكومية تعتدي، وأخرى توجّه رسائل تقول فيها ‘نحن حزانى جدا'”، مشبّها الأمر بلعبة تبادل الأدوار. ويقول إيرول أونديروغلو من “مراسلون بلا حدود” إن الوضع ينطوي على “نفاق كبير” نظرا إلى انتقاد تركيا للسعودية بعد جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول العام الماضي.

بدوره يواجه أونديروغلو اتهامات بممارسة “الدعاية الإرهابية” لدعمه صحيفة مؤيدة للأكراد ويقول “نحن بحاجة إلى تدخل شخصية سياسية بارزة لوضع حد لهذه الأجواء العدائية… (لكن) من الصعب جدا توقّع حصول أي شيء”.

ويعتقد الصحافي هاكان دينيزلي الذي لا يزال يتعافى من إصابته بعد اعتداء تعرض له في مايو الماضي، أن مقالاته حول الفساد هي السبب وراء ما يتعرّض له من اعتداءات متكررة، لكنّه يؤكد أنه لن يرتدع. ويقول “أنا أحاول فقط القيام بعملي بأفضل ما يمكنني”.

بالإضافة إلى رد الفعل المحلي على الانتهاكات والتهديدات التي يتعرض لها الصحافيون الأتراك، فقد حشدت المنظمات الصحافية الدولية من أجل حماية الصحافيين في تركيا، وفقا لما ذكره الكاتب سيركان ديمرتاش، في مقال له بجريدة حرييت ديلي نيوز التركية.

وفي أعقاب الهجمات الأخيرة التي تعرض لها الصحافيون الأتراك، دعت رسالة موقّعة من 20 منظمة دولية، بقيادة المعهد الدولي للصحافة ولجنة حماية الصحافيين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إدانة الاعتداءات والتأكد من تقديم الجناة إلى العدالة.

واعتبر ديمرتاش أن “هذه الموجة الأخيرة من الهجمات ضد الصحافيين في تركيا ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة، لكن يبدو أن الهدف منها هو خلق أجواء من الخوف والترهيب والردع ضد الصحافيين، خصوصا في ظل التضييق المتزايد على الإعلام والصحافة في تركيا، وفي ظل التوتر السياسي المتزايد، وعلى وجه التحديد في أعقاب الانتخابات البلدية التركية الأخيرة”. وختم بالقول أن “حماية كل صحافي والحفاظ على حريته في التعبير، مساوية لتأمين النظام العام والقيم الديمقراطية من أجل مجتمع صحي”.

وتحتل تركيا المرتبة 157 من أصل 180 في ترتيب حرية الصحافة لعام 2018 الذي وضعته منظمة “مراسلون بلا حدود” غير الحكومية. وتقول المنظمة إن عدد الصحافيين المسجونين في تركيا هو الأكبر في العالم.

ويفيد الموقع الإلكتروني لحرية الصحافة “بي 24” يبلغ عدد الصحافيين الذين يقبعون في السجون التركية 142 صحافيا، أوقفوا بغالبيتهم بموجب حال الطوارئ التي فُرضت لعامين بعد محاولة انقلاب شهدتها البلاد في صيف عام 2016.