اربع نقاط تشرح معاني ودلالات نشر شائعات مغرضة..

تقرير: خفايا واسرار مزاعم سحب الإمارات قواتها من جنوب اليمن؟

متظاهرون جنوبيون ينددون بحملات التطاول على الإمارات - ارشيف

د. يحيى شايف الشعيبي

ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تروّج فيها وسائل الإعلام الزيدية بشقيها (الحوثي والإخواني) ضد الإمارات العربية المتحدة دون غيرها من دول التحالف وهذه الظاهرة لها عقدها المتجذرة وأسبابها الأنانية وأهدافها الخبيثة وآخر هذه الترويجات الكاذبة (الانسحاب الإماراتي من الجنوب) ولمعرفة معاني ودلالات هذه الشائعات المغرضة سنخضع الموضوع للقراءة الاستنطاقية على النحو الآتي:


أولا: عقدة الترويج بالانسحاب الإماراتي من الجنوب


تشغل عقدة نجاح النموذج الإماراتي حيزا كبيرا في الذهنية اليمنية الزيدية الحاكمة، إذ تشكلت تلك العقدة من خلال الآتي:
1 ـ النموذج الإماراتي يعد نموذجا فاضحا للنموذج الزيدي في اليمن لهذا أصبحت عقدة النجاح الإماراتي نقطة ضعف عند النظام الزيدي بدليل الآتي:
ٲ ـ عندما دعت السلطة الزيدية إلى الوحدة طبقتها باحتلال الجنوب بينما الإمارات قدمت أنجح نموذج اتحادي في المنطقة.
ب ـ عندما دعت السلطة الزيدية إلى قيام الدولة دمرتها بتسليم السلطة للقبيلة بينما الإمارات غادرت مربع القبيلة إلى مربع الدولة المدنية.
ج ـ عندما تبنت السلطة الزيدية محاربة الإرهاب أصبحت الموطن الأول للإرهاب في المنطقة بينما قدمت الإمارات نموذجا طاردا للإرهاب في العالم.
د ـ عندما دعت السلطة الزيدية إلى تطبيق القوانين عطلتها بتأسيس منظومة الفساد كبيئة خصبة للإرهاب بينما الإمارات تعد أفضل نموذج عالمي في مكافحة الفساد.
هذا التناقض بين النموذجين ساهم في سرعة كشف مخاطر السلطة الزيدية على اليمن والجنوب والخليج معا مما دفع بهذه السلطة الإرهابية إلى حشد كل طاقاتها منذ التسعينات إلى الآن لإفشال النموذج الإماراتي الناجح ضمانا لنجاح نموذجها القبلي الإرهابي الفاسد.
2 ـ كان للموقف المتميز الذي تفرد به الزعيم العربي المرحوم الشيخ زايد آل هيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قبل غيره والداعي إلى رفض الوحدة بالقوة في العام 1994 م أثر صادم في ذهنية السلطة الزيدية إلى يومنا هذا.
3 ـ أحدثت المكانة المتميزة التي تحظى بها الإمارات العربية المتحدة - عربيا وإقليميا ودوليا - صدمة قوية في العقلية اليمنية المتخلفة بفعل التقدير العربي والعالمي للرؤية الإماراتية والاقتداء بها في حل مشاكل المنطقة بما فيها الرؤية الثاقبة للدفاع عن المشروع العربي وحمايته من مخاطر الغزو الإيراني والإخواني حلفاء السلطة الزيدية.


ثانيا: أسباب الترويج بالانسحاب الإماراتي من الجنوب.


كثيرة هي الأسباب التي دفعت طرفي السلطة الزيدية في صنعاء وخارجها والمتمثلة في التحالف (الحوثي الإخواني) إلى تبني حملة إعلامية ظالمة ضد الإمارات العربية منذ العام 2015 إلى الآن كان آخرها الترويج الكاذب لانسحاب الإمارات من الجنوب، وتتجسد أبرز تلك الأسباب في الآتي:
1 ـ امتعاضهم من الدعم الإماراتي للمقاومة الجنوبية بكل أشكالها في العام 2015 في إطار عاصفة الحزم ضد الحوفاشيين ودحرهم من الجنوب محققة أول نصر على المشروع الإيراني في المنطقة.
2 ـ انزعاجهم من قيام الإمارات بتنظيم المقاومة الجنوبية المتمثلة في ألوية العمالقة المشاركة مع التحالف في دحر المشروع الحوفاشي وملاحقته إلى العمق اليمني في الساحل الغربي والبقع وصعدة ومريس بغية طرد المشروع الإيراني من الجنوب واليمن معا.
3 ـ تذمرهم من تشكيل الإمارات للقوات الجنوبية المتمثلة بالحزام الأمني والنخب لمحاربة الإرهاب واجتثاثه من المناطق المحررة بهدف الحفاظ على المصالح الجنوبية واليمنية والخليجية والعربية والإقليمية والدولية.
4 ـ انزعاجهم من لملمة الإمارات للقوى السلمية لشعب الجنوب الثائر في كيان سياسي تمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد عيدروس الزبيدي المفوض شعبيا من أجل تقرير مصير شعب الجنوب الثائر الذي تم إعلانه للملأ في العام 2007 باستعادة دولته المستقلة ودفع ثمنه غاليا إلى اليوم، إذ تمت هذه اللملمة وفق هندسة جديدة شملت ولأول مرة كل مربع يوجد به الجنوبيون سواء في (السلطة أو المعارضة أو المقاومة أو الحراك) وتمكين المجلس من قيادة الفعل السياسي والعسكري والدبلوماسي داخليا وخارجيا وصولا إلى أروقة دول مجلس الأمن ذاته، والعمل على تفعيله ليتسع لكل الجنوبيين في الداخل والخارج دون استثناء أحد في عملية حوارية مفتوحة ومستمرة.
5 ــ استيائهم من إعداد الإمارات لألوية الصاعقة وألوية الدعم والإسناد الجنوبية وغيرها من القوات المسلحة للدفاع عن محافظات الجنوب المحرر من محاولة إعادة احتلال الجنوب من قبل الإصلاحوثيين الموالين لمشاريع الإرهاب الإيرانية والتركية والقطرية.
6 ـ امتعاضهم من الإسهام الإماراتي المستمر في تقديم الدعم الشامل للشعب الثائر في محافظات الجنوب المحرر في كل مجالات الحياة تقديرا لدوره المستمر في محاربة الفساد والإرهاب وتحرير الجنوب وأهم المناطق في اليمن من المشروع الإيراني الإخواني الرامي إلى تدمير المشروع العربي والمصالح الدولية بشكل عام.


ثالثا: أهداف الترويج بالانسحاب الإماراتي من الجنوب


الأهداف التي تخطط لها السلطات الزيدية ضد الإمارات والجنوب كثيرة وسنورد أبرزها ممثلة في الآتي:
1 ـ التهيئة المسبقة لارتكاب أعمال إرهابية في الجنوب بحجة الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الإماراتية بدليل الخلايا التي تم القبض عليها من قبل الأمن قبل يومين في المعلا بقيادة اللواء شلال علي شايع مدير أمن عدن.
2 ـ رفع المعنويات المنهارة للشعب اليمني في المحافظات الشمالية المحتلة بهدف الدفع بهم نحو احتلال الجنوب للمرة الثالثة، بعد أن بدأ اليأس يهيمن عليهم بفعل المقاومة الجنوبية الشرسة المدعومة من قبل التحالف وما تحقق من انتصارات أرهبت العامة من أنصار الحوثيين.
3 ـ تعتيم المشهد السياسي داخليا وخارجيا بمثل هذه الترويجات الكاذبة بهدف إرباك الموقف الدولي المنفتح على المجلس الانتقالي وعرقلة قياداته من استكمال زيارة ما تبقى من دول مجلس الأمن في الأيام القريبة القادمة.
4 ـ محاولة خلق حالة من اليأس عند المقاوم الجنوبي حين يسمع بانسحاب القوات الإماراتية بهدف حدوث ثغرة في أي جبهة كي يتسللوا منها إلى الجنوب المحرر.
5 ـ محاولة خلق حالة من الإحباط عند الجنوبيين بفعل الترويج بالانسحاب الإماراتي المفاجئ من الجنوب عله يساعد في بروز أي ردات فعل سلبية تجاه الإمارات يشتغلوا عليها بهدف شرخ الصف الجنوبي تسهيلا لتفكيكه وتدمير تماسكه حتى يتمكنوا من العودة إلى الجنوب المحرر.
6 ـ محاولة خلق حالة من التشظي في بنية التحالف العربي ولاسيما بين السعودية والإمارات كي يتوغلوا من خلالها لإرباك التحالف بهدف خلق تحالفات جديدة لصالح السلطة الزيدية في اليمن والجنوب.
7 ـ محاولة إظهار الإمارات وكأنها قوات احتلال يتطلب رحيلها من الجنوب.


رابعا: نتائج الترويج الكاذب لانسحاب الإمارات من الجنوب


من كل ذلك نستنتج بأن تلك الترويجات كاذبة جملة وتفصيلا كما تؤكدها النتائج الآتية:
1 ـ بما أن الإمارات العربية دولة حليفه للجنوب المحرر من المشروع الإيراني، والحليف يتوجب بقاؤه لنصرة وحماية الأهداف المشتركة لهذا من غير المعقول أن يغادر الحليف ويترك الإنجازات المشتركة لأعداء الجنوب والعرب معا.
2 ـ الإمارات العربية لم تعلن رسميا بأن خطر المشروع الحوثي الإخواني على اليمن والجنوب والخليج قد انتهى حتى تنتهي مهمتها مما يدل على عدم مصداقية الترويج الإصلاحوثي .
3 ـ قوات التحالف لم تعلن رسميا انتهاء عاصفة الحزم لتنتهي مهمة القوات الإماراتية والتحالف بشكل عام مما يدل بأن الإمارات لم تنسحب.
4 ـ مجلس الأمن لم يتخذ قرارا يحدد زوال خطر الإرهاب على المصالح الدولية في المنطقة حتى ينهي بموجبه دور القوات الإماراتية من الجنوب واليمن مما يدل على أن الترويج الزيدي فاقدا للمصداقية.
5 ـ الشعب الجنوبي الثائر لم يطالب بانسحاب الإمارات من الجنوب بل يطالب بقوة في بقائها كونها حليف استراتيجي دفاعا عن المصالح الجنوبية والعربية المشتركة.
6 ــ المقاومة الجنوبية بكل أشكالها في كل الجبهات تؤكد على أن الانتصارات المستمرة تتحقق بفضل استمرار الشراكة بين القوات الجنوبية وقوات التحالف ولاسيما القوات الإماراتية مما يدل على أن الترويجات اليمنية كاذبة.
7 ـ المجلس الانتقالي الجنوبي بكل مؤسساته بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي يؤكد دائما على ضرورة استمرار الشراكة مع التحالف ولاسيما الإمارات العربية المتحدة في كل المجالات وكل الجبهات وتنسيق المواقف المشتركة داخليا وخارجيا بين المجلس والتحالف وفي مقدمته المملكة والإمارات بالذات حتى تحقق عاصفة الحزم كل أهدافها وإعادة ترتيب الأوضاع وفقا والواقع المفروض على الأرض مما يدل بأن ترويجات الانسحاب كاذبة.
8 ـ اتضح بأن ذلك الترويج الكاذب عمل استباقي من قبل العصابات الزيدية لأي خطوة قد تقدم عليها الإمارات بهدف اجتثاث الفساد في الجنوب حفاظا على ما تحقق من انتصارات، وهذا ما سيقرب من زوالهم ولذلك لجؤوا إلى هذه الدعايات الكاذبة.
9 ـ يتضح أن الإصلاحوثيين أدركوا بأن هناك جهودا تبذل من قبل دولة الإمارات بهدف تحصين الجنوب من عودة المشروع الحوثي الإخواني وحلفاؤهما في إيران وتركيا والمخدوعة قطر إلى الجنوب ولهذا روجوا بانسحاب الإمارات من الجنوب بهدف إفشال الجهود الإماراتية قبل أن تصبح أمرا واقعا على الأرض وقد أصبحت موجودة بالفعل وسقطت الترويجات الزيدية الكاذبة.
10 ـ يتضح بأن العصابات الزيدية قد تيقنت من نجاح الدبلوماسية الإماراتية الرافضة للمشروع الإيراني، وبدأت تحس بأن هناك تفهمات دولية تجري من خلف الكواليس بهدف اتخاذ قرارات إقليمية ودولية لصالح المشروع العربي في الجنوب لهذا لجأت إلى تبني هذه الشائعات الكاذبة بهدف عرقلة تلك الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنصاف المشروع العربي في الجنوب.

* رئيس المركز العلمي الجنوبي.