تمر بوضع اقتصادي سيئ..

حماس توطد علاقتها مع إيران وعينها على "الجزرة" الأميركية

القادم أصعب

غزة

أعلن مصدر في حركة حماس الفلسطينية الجمعة أن وفدا رفيعا من قادتها سيصل إلى العاصمة الإيرانية طهران خلال أيام في زيارة وصفها بـ”الهامة جدا”.

وتستشعر حماس حالة من القلق من إمكانية أن تطالها “الجزرة” الأميركية بعد زيادة واشنطن ضغوطها في الفترة الأخيرة على أبرز أذرع إيران في المنطقة وفي المقدمة حزب الله اللبناني الذي انضاف أحد مسؤوليه الجمعة وهو سلمان رؤوف سلمان، المتهم في تفجيرات بيونس آيرس في عام 1994، إلى قائمة الإرهاب، بالتزامن مع إعلان الخارجية الأميركية عن مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه (سلمان).

وتمر حماس بوضع اقتصادي سيء، وتخشى أن تواجه هي الأخرى حزمة عقوبات تسرّع من خطوات انهيارها، ويفضل قادتها سياسة الهروب إلى الأمام عبر تعزيز علاقتهم بما يسمى “محور الممانعة”.

وأوفدت حماس هذا الأسبوع ممثلين عنها بقيادة رئيس مكتب العلاقات الدولية بالحركة موسى أبومرزوق إلى روسيا في سياق البحث عن مظلة لدعمها، مع توجه قادتها نحو تكريس التقارب مع إيران، وهو ما يشكل مخاطرة كبيرة خاصة وأن الولايات المتحدة أكدت أنها لن تتسامح مع أي مكون أو طرف ينساق خلف المخططات الإيرانية، ولكن الحركة تعتبر أن الخيارات البديلة لا تبدو مشجعة.

وتشعر الحركة الفلسطينية بأن الرهان على قطر وتركيا لحمايتها من أي توجه أميركي إسرائيلي لتشديد الضغوط عليها ليس مضمونا بالمطلق، وسط اعتقاد بأن الدوحة تتلاعب بمصيرها لصالح إسرائيل، وسبق أن انتفضت قبل أشهر رافضة المال القطري.

وتصنف الولايات المتحدة حركة حماس منظمة إرهابية، ولكنها لم تتخذ بحقها أي إجراءات فعلية حتى الآن بيد أن مراقبين يرون أن هذا الوضع قد يتغير. وقال المصدر الحمساوي الذي طلب الاحتفاظ باسمه، إن وفد حماس الذي يزور طهران سيترأسه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري ويضم عددا من كبار قادة الحركة على أن يلتقي عددا من المسؤولين الإيرانيين. وأوضح المصدر أن وفد حماس سيبحث تطوير العلاقات الثنائية مع إيران خاصة على صعيد دعمها السياسي والمالي لـ”المقاومة” الفلسطينية في مواجهة إسرائيل.

وكان من المقرر أن يقود هذا الوفد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية بيد أنه اصطدم بتحفظات من القاهرة على هذه الزيارة.

حماس تعتبر الزيارة المقبلة إلى طهران "الأهم" منذ تراجع العلاقات مع إيران على إثر اختلاف المواقف من الثورة السورية

ويرى متابعون أن حديث المصدر عن أن هدف الزيارة هو الحصول على دعم مالي من طهران، لا يبدو متسقا مع الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران، معتبرين أن الهدف الأقرب من هذه الزيارة التنسيق بين الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في ظل تدحرج الصراع الأميركي الإيراني بسرعة نحو نقطة اللاعودة. وبحسب المصدر، فإن حماس تعتبر الزيارة المقبلة إلى طهران “الأهم” منذ تراجع العلاقات مع إيران على إثر اختلاف المواقف من الثورة السورية عام 2011 وخروج قيادات حماس من دمشق.

وكان وفد من حماس برئاسة نائب رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية أسامة حمدان اجتمع الخميس مع المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران حسين أمير عبداللهيان في مقر سفارة إيران في بيروت.

وسبقت ذلك اللقاء عدة لقاءات أخرى بين مسؤولين في الحركة وطهران خلال الأشهر الأخيرة، ما يؤشر على أن العلاقات بين الطرفين باتت تتخذ بعد استراتيجيا.

وكان عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبومرزوق قد أكد خلال زيارته لروسيا قبل يومين على “متانة العلاقة” بين حماس وإيران، داعيا الدول الكبرى إلى مساندة طهران في وجه ما أسماه بـ”الحصار الأميركي”.

وأعلنت حماس في السنوات الأولى من الحرب السورية مواقف مساندة للمعارضة ونقلت قيادتها في الخارج من دمشق إلى قطر بعد أشهر من بدء الأزمة الداخلية في ذلك البلد ما أدى إلى تراجع كبير في علاقاتها مع طهران.

وعلى وقع تزايد الشكوك لديها في صوابية الرهان على الدوحة وأنقرة بدأت الجماعة في إجراء مراجعة ذاتية، لتخرج قيادتها الجديدة ممثلة في رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية وقائد غزة يحي السنوار بقناعة أنه من الضروري العودة إلى الحضن الإيراني، مع ترميم العلاقات مع الدول العربية المؤثرة مثل مصر.

وتحدث مسؤولون في حماس بعد منتصف عام 2017 عن فتح صفحة علاقات جديدة في العلاقات مع طهران بما في ذلك استئناف الدعم المالي من إيران للجناح العسكري للحركة كتائب عزالدين القسام.

وقد عمدت حركة حماس مع الجهاد الإسلامي إلى تصعيد الوضع العسكري مع إسرائيل في أكثر من مناسبة منذ العام الماضي فيما بدا خدمة لأجندة إيران، التي تتخذ من استهداف إسرائيل ورقة للي ذراع الإدارة الأميركية التي تعتبر أن أمن الأخيرة أولوية لها في المنطقة.

ويعتبر مراقبون أن حماس قررت العودة وربط مصيرها بإيران، وقد تكلفها الأخيرة في الفترة المقبلة بلعب أدوار عسكرية كزيادة الضغط على إسرائيل من الجبهة الجنوبية، في سياق صراع حافة الهاوية مع الولايات المتحدة التي حسمت أمرها باتجاه الذهاب بعيدا في مساعيها لإجبار إيران على تغيير سياساتها الهدامة في المنطقة وفي مقدمتها وقف دعمها للميليشيات المسلحة.