ارتفاع مستويات الديون يثير المخاوف..

موجة خفض أسعار الفائدة تنشط في الأسواق الناشئة

امتدت موجة خفض أسعار الفائدة إلى عدد من البنوك المركزية بالدول الناشئة ومن بينها إندونيسيا

نيويورك

انضمَّت عدة بنوك مركزية في دول الأسواق الناشئة أخيراً إلى الموجة العالمية الرامية إلى تيسير السياسة النقدية، في ظل تنامي المخاوف من استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي... وبينما يكشف تنامي توجه خفض الفائدة عن توقعات باستمرار موجة تدهور الصادرات، خصوصاً في آسيا، فإن ذلك يثير مخاوف الخبراء بشأن مدى فعالية تخفيضات أسعار الفائدة في ضوء ارتفاع مستويات الديون.
وقالت وكالة «بلومبرغ» إن جنوب أفريقيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية أعلنت خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، فيما حافظت تشيلي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير بعد الخفض غير المتوقع بمقدار نصف نقطة الذي أعلنت عنه الشهر الماضي.
وأوضحت الوكالة أن الخطوة التي اتخذتها اثنتان من أكبر الأسواق الناشئة في آسيا، والاقتصاد الأكثر تطوراً في مجال الصناعة في أفريقيا، تؤكد تزايد مخاطر التباطؤ العالمي، في الوقت الذي يملك كل منها سبباً وراء الاستجابة... فكوريا الجنوبية قلقة بشأن الاستقرار المالي بسبب ارتفاع مستويات ديون الأسر، وإندونيسيا تحتاج إلى عوائد أعلى لجذب المستثمرين الأجانب لتمويل عجز الحساب الجاري، فيما تحاول جنوب أفريقيا كبح جماح التضخم بالقرب من نطاقها المستهدف.
ولفت التقرير إلى أن هذه الموجة من خفض أسعار الفائدة ليست الأولى، فقد أعقبت النبرة الحذرة التي يوجه بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سياساته خلال الفترة الماضية، وهو ما دفع البنوك المركزية في أستراليا والهند وروسيا لخفض سعر الفائدة مؤخراً، كما فاجأت نيجيريا الأسواق في مارس (آذار) الماضي بعد أن أعلنت عن أول خفض في أكثر من ثلاث سنوات.
وقال ديفيد مان، كبير الاقتصاديين في بنك «ستاندرد تشارترد» في سنغافورة: «يبدو أن العالم في هذه المرحلة يتجه للتخفيض»، مستكملاً: «التضخم منخفض والنمو في تباطؤ واضح، وإن لم يكن سريعاً، ولكن المخاطر تزداد»، وتوقع أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً بواقع 3.4 في المائة هذا العام، منخفضاً من 3.8 في المائة في عام 2018.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن أكبر أسباب تزايد مخاوف التباطؤ العالمي هي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع وتيرة الازدهار التكنولوجي، وكذلك استمرار خسائر قطاع السيارات المزدحم عالمياً.
وقال فريدريك نيومان، الرئيس المشارك لأبحاث الاقتصاد الآسيوي في بنك «إتش إس بي سي» في هونغ كونغ: «العديد من الاقتصادات الآسيوية في طليعة الدورة الصناعية العالمية، وتخفيض أسعار الفائدة في المنطقة يكشف عن توقعات بأن تدهور الصادرات الحالية سوف يستمر»، مضيفاً أن هناك حاجة لمزيد من اليقين حول السياسات التجارية عالمياً، فضلاً عن سياسة مالية أكثر توافقاً بين أكبر الاقتصادات في العالم.
وكان بنك كوريا المركزي قد خفّض سعر الفائدة بالقرب من أقل مستوياتها على الإطلاق بنحو ربع نقطة مئوية، كما خفض البنك المركزي الإندونيسي سعر الفائدة للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، وتعهّد بمزيد من التسهيلات في المستقبل مع تحول التركيز إلى دعم النمو في أكبر اقتصادات في جنوب شرقي آسيا.
وقالت جوليانا لي، كبيرة اقتصاديي القطاع الآسيوي لدى «دويتشه بنك»: «المنطقة بحاجة إلى دعم السياسات الكلية النقدية والمالية على حد سواء لتعزيز استقرار النمو وسط حالة عدم اليقين التجارية المستمرة».
وجاء خفض جنوب أفريقيا لسعر الفائدة الرئيسي بعد أن راجع «البنك المركزي» توقعاته للنمو إلى نحو نصف توقعاته السابقة إلى 0.6 في المائة، فيما حذرت لجنة السياسة النقدية من أن تيسير سياستها يحتاج لأن يصاحبه إزالة القيود الهيكلية الأساسية من قبل الحكومة، ليكون له الأثر المرجو في تعزيز الاقتصاد.
وقالت «بلومبرغ» إن الاقتصاديين يشعرون بالقلق حيال المساحة المتاحة للبنوك المركزية للتخفيض، بالنظر إلى أن أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم عند أدنى مستوياتها التاريخية بعد سنوات من الجهود لدعم النمو في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
ولفتت الوكالة إلى أنه في الوقت نفسه، هناك مخاوف بشأن مدى فعالية تخفيضات أسعار الفائدة في ضوء ارتفاع مستويات الديون، الأمر الذي يعني أن البنوك المركزية وحدها لن تكون قادرة على إنقاذ اقتصاداتها.