قوات "الحشد الشعبي" تفوق الحوثيين عتاداً..

تحليل: جيش الإخوان.. كيف صنعت قطر ذراعاً عسكرية لها في اليمن؟

لقا سابق يجمع زعماء الإخوان بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي العا 2014م - ارشيف

القسم السياسي

لم تكن احداث تعز التي شهدتها كبرى المدن اليمنية خلال الأشهر الماضية، وخلفت عشرات القتلى اغلبهم مدنيون، مجرد حملة أمنية لتعقب عناصر خارجة عن النظام والقانون، او قتال القوات المحسوبة على تيار السلفيين، بل جاءت ضمن اجندة إقليمية، بدأت في تعز وانتقلت إلى مأرب، التي شهدت هي الأخرى احداث مشابهة دفعت الى واجهة الجيش الإخواني الذي يتشكل بدعم قطري تحت مسمى الجيش الوطني وقوات الحشد الشعبي.

وبالتزامن مع تمدد الجيش الإخواني في المدن المحررة من الحوثيين في شمال اليمن، الا ان الأعين لحلفاء قطر وتركيا تتجه صوب الجنوب، وتحديدا عدن وحضرموت وشبوة.

يحشد الإخوان وبدعم قطري وتركي لإسقاط عدن في قبضة قوات موالية، بهدف إزاحة القوى الجنوبية التي تشكل عائقا أمام مشروع الإسلام السياسي.

استغل الإخوان الدعم الذي قدمته السعودية لبناء قوات عسكرية موالية للتنظيم، يعتزم ان يفرض بها سيطرته على الجنوب الغني بالثروات، وذلك في اعقاب التقارب مع الحوثيين الذين ترعاهم إيران.

وتؤكد معلومات حصلت عليها صحيفة "اليوم الثامن" ان قوات الإخوان في مأرب وتعز باتت لديها اسلحة وعتاد عسكري ضخم يفوق ما يمتلكه الحوثيون الموالون لإيران، ناهيك ان التنظيم الممول قطريا يعد المصدر الرئيس للحوثيين الذين تصل اسلحتهم عبر مأرب وتدخل الى صنعاء.

ووثق تقرير أوروبي متخصص في مكافحة الإرهاب والتطرف، عملية بناء مليشيات إخوانية في اليمن بتمويل قطر.

وذكر مركز "عين أوروبية على التطرف" في تقرير نشره على موقع الالكتروني - أن قطر تقدم الدعم لحزب الإصلاح في اليمن، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، بهدف إنشاءِ جناحٍ عسكري للجماعة؛ من شأنه أن يعزز قدرة حزب الإصلاح على توسيع نفوذه للهيمنة على الدولة؛ سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا.

وقال المركزي في تقرير –تعيد اليوم الثامن نشره –"إن أي علاقة تربط بين قطر وحزب الإصلاح يجب أن تتم رؤيتها ضمن سياسات الدعم القطري طويل الأمد للإخوان المسلمين، وغيرهم من الإسلاميين، في مناطق الصراع المختلفة في الشرق الأوسط".

وأكد المركز الأوروبي أن قيادات في حزب الإصلاح اليمني، تعمل على توسيع النفوذ الإقليمي في اليمن، حيث حاولتِ الدوحة تعزيزَ دورها الإقليمي عقب اندلاع الربيع العربي، عبر دعم أفرع الإخوان المسلمين في دول عدة من تلك التي شهدت ثورات، لا سيّما تونس ومصر وليبيا.

وهناك دلائل كثيرة تشير إلى أن هذا النهج القطري يمتد إلى اليمن.

 ففي كلمة له في أبريل 2011، قال الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح: “نستمد شرعيتنا من قوة الشعب اليمني العظيم، وليس من قطر، التي نرفض مبادرتها”.

والأمر الذي بعث على هذا الرفض العلني القاسي للمساعي القطرية هو دعم قطر لحزب الإصلاح، الذي كان يلعب دورًا قياديًا في الجهود التي كانت جاريةً، وقتئذٍ، للإطاحة بصالح.

تعني سياساتُ الدوحة المتهورة؛ المتمثلة في إغداق الأموال على المتمردين الإسلاميين، أن المنظمات الإرهابية قد استفادت، في نهاية المطاف، من سخاءها. وتُعد سوريا حالة بارزة في هذا الصدد، إضافة إلى ليبيا ومالي.

 بل إن هناك تلميحًا من دائرة الاستخبارات العسكرية الفرنسية في عام 2013، بأن قطر قد ذهبت إلى أبعد من ذلك وأن قواتها الخاصة تقوم بتدريب مقاتلين على صلةٍ بجماعة “أنصار الدين”، فرع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل.

وليس من المستغرب أن نجد جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة يعملان معًا ويضغطان في نفس الاتجاه. ذلك أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قد دافع علنًا عن الاتحاد مع جماعة الإخوان المسلمين للعمل معًا ضد الغرب.

 وكما هو الحال مع العديد من الجهاديين المصريين، انضم الظواهري إلى التطرف الإسلامي من خلال سيد قطب، مُنظّر جماعة الإخوان المسلمين، الذي كتب عنه بشكل إيجابي في كتابه «فرسان تحت راية النبي».

 لذا، فقد تتسرب أموال قطر وأسلحتها بسهولة من جماعة الإخوان المسلمين إلى القوات المرتبطة بالقاعدة.

في ليبيا، دعمتِ الدوحةُ “لواء طرابلس” التابع لعبد الحكيم بلحاج. وكان بلحاج أمير “الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة”، التابعة لتنظيم القاعدة، إلى أن ألقت وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية القبض عليه في بانكوك في عام 2004. وعندما حوّل بلحاج جماعته إلى حزب سياسي، أسماه “الوطن”، وتنافس في الانتخابات الليبية لعام 2012، فعل ذلك بدعم مالي قطري هائل.

 ورغم هذا الدعم، جاء أداء بلحاج سيئًا، ولم يحظ سوى بنسبة 3% فقط من أصوات الناخبين، وبالتالي لم يحصد مقاعد في مجلس النواب.

علاوة على ذلك، فقد دعمت الدوحة حزب العدالة والبناء الليبي؛ جماعة إسلامية تابعة للإخوان.

وقد وصف مسؤولون أمريكيون الإسلاميين الليبيين بأنهم “متطرفون غير ديمقراطيين”، وأعربوا عن استيائهم من دعم قطر لهم. فعلى سبيل المثال، منعت الحكومة الأمريكية شركة أسلحة، تتخذ من ولاية أريزونا مقرا لها، من بيع أسلحة إلى قطر على أساس أنها ستذهب إلى الإسلاميين الليبيين.

 

وفي سوريا، قدمت قناة الجزيرة الفضائية التي تسيطر عليها الدولة تغطيةً إيجابية لجبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، وحاول بعض المسؤولين القطريين تصوير جبهة النصرة على أنها قوة معتدلة، مما وفّر تغطية واسعة -وساذجة- لإعلان جبهة النصرة أنها انفصلت عن تنظيم القاعدة.

غير أن جهود قطر لتغيير تصور الغرب عن جبهة النصرة قد فشل فشلًا ذريعًا، على الرغم من أن قطر لا تزال تحاول لعب دور الوسيط بين الغرب والقوى المتطرفة. ومنذ يونيو 2013، تستضيف الدوحة حركة طالبان، التي تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى يومنا هذا.

إضافة إلى استخدام الإسلاميين لتوسيع نفوذها، استخدمت قطر الإسلاميين لتقويض منافسيها. وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن رجل أعمال مقربًا من أميرٍ قطر يُدعى خليفة كايد المهندي، قد نسّق مع السفير القطري في الصومال لترتيب عملية لتفجير سيارة مفخخة يقوم بها مسلحون في بوصاصو، بهدف تعزيز مصالح قطر عبر طرد منافسها، الإمارات العربية المتحدة.

يمكن الاستماعُ إلى المهندي في مكالمةٍ هاتفية مع السفير في 18 مايو 2019، بعد قرابة أسبوع من التفجير، قائلًا: “نعرف من يقف وراء [الهجمات]”، مضيفًا: “أصدقاؤنا كانوا وراء التفجيرات الأخيرة”. وقال المهندي إن العنف كان “يهدف إلى دفع أهل دبي للهرب من هناك”.

 وأضاف: “دعهم يطردون الإماراتيين، حتى لا يجددوا العقود معهم، وسأحضر العقد إلى الدوحة”.

وقد أعلنت حركةُ الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال، مسؤوليتها عن الهجوم.

هذا التسجيل يضفي مصداقيةً على الاتهام الذي وجهه سفيرُ دولة الإمارات العربية المتحدة لدى روسيا، عمر سيف غباش وقتها، الذي يفيد بأن قطر تعاونت مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن. وفي هذ الصدد، قال غباش “لقد أبلغ (حلفاؤنا القطريون) القاعدة بموقعنا الدقيق وما كنا نخطط للقيام به”.

 وهنا، تجدر الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحركة الشباب أصبحا أكثر تشابكًا منذ عام 2011 على الأقل، وبالتالي فإن دعم أحدهما يمكن أن يفيد الآخر بسهولة".

في ضوء العواملِ المذكورة أعلاه، نجد أنه من المرجح أن قطر تحاول استغلالَ حزب الإصلاح لتحقيق مآربها في اليمن، ولن يكون مستغربًا الاعتقادُ بأن الدوحة تنخرط حتى مع قوى أكثر تطرفًا في محاولةٍ لتعزيز نفوذها في المجتمع والدولة في اليمن.