"طريق الأمل" فكَ العزلة وأطلق قطار المشروعات الحيوية..

صحيفة إماراتية: الإمارات.. تاريخٌ ناصع بدعم التنمية في موريتانيا

تبرز قصة إنشاء «طريق الأمل» الرابط بين غرب وشرق البلاد على مسافة تزيد على 1000 كيلومتر

صحيفة البيان

عُرفت دولة الإمارات العربية المتحدة، أرض زايد الخير، بأنها دولة رائدة في دعم الأصدقاء والأشقاء والوقوف معهم في جميع الظروف والأحوال، وكانت مواقفها في هذا المجال مشهودة ومعروفة لدى الجميع منذ عهد الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعتبر موريتانيا من بين البلدان العربية التي ساندتها الإمارات ودعمها بقوة، ووقفت معها منذ مرحلة التأسيس وحتى الآن، وتبرز قصة إنشاء «طريق الأمل» الرابط بين غرب وشرق البلاد على مسافة تزيد على 1000 كيلومتر، كأحد الشواهد العديدة على ذلك.

غداة الاستقلال عن فرنسا في عام 1960، وجدت حكومة المختار ولد داداه، أول رئيس لموريتانيا، نفسها أمام بلد يفتقر للبنية التحتية وتنعدم فيه الطرق المعبدة، فلم تجد بداً من أن تيمم وجهها شطر أشقائها العرب خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية بلدان الخليج، للحصول على العون المادي لإطلاق بعض المشاريع الحيوية التي لا غنى عنها لقيام الدولة.

في لقاء مع صحيفة البيان الإماراتية يتذكر الوزير السابق «حسني ولد ديدي»، كيف بدأ الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه، رحمه الله، في التواصل مع أشقائه العرب للحصول على تمويل لإنشاء طريق معبد يربط العاصمة نواكشوط ببقية الولايات الداخلية، أطلق عليه «طريق الأمل». يقول الوزير ولد ديدي إن الأوروبيين رفضوا تمويل الطريق واشترطوا لذلك أن يمر جنوباً بمحاذاة الحدود الموريتانية السنغالية، ولأسباب موضوعية لم يقبل الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه بهذا الشرط، فقرر بدلاً من ذلك التوجه نحو بلدان الخليج العربي، وكانت دولة الامارات العربية المتحدة من أهم البلدان التي تعوّل عليها الحكومة الموريتانية في دعم جهودها الرامية إلى تحقيق مشروعها الطموح والضروري في تلك المرحلة من عمر الدولة.

استقبال كبير

ويؤكد الوزير ولد ديدي أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لم يخيّب ظنهم فبعد وصول الوفد الموريتاني الرئاسي إلى أبوظبي نهاية شهر أبريل من عام 1974، استقبلهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، استقبالاً حاراً ونظّم لهم زيارة خاصة لمدينة العين، وأثناء المحادثات اطلع على موضوع ملف الطريق فتعهّد للوفد الموريتاني الزائر بالمساهمة الفاعلة في تمويله، كما قبل بدعوة الرئيس الموريتاني برد الزيارة في أقرب الآجال.

ويضيف الوزير ولد ديدي أنه على مدى ثلاث سنوات، وهي فترة تشييد الطريق، استمر وصول المعونة الإماراتية تباعاً إلى موريتانيا حتى تم إنجاز القسم الأكبر من الطريق وهو القسم الرابط بين العاصمة نواكشوط ومدينة كيفة وسط البلاد. وساهم إلى جانب الإمارات عدة دول خليجية أخرى بالإضافة إلى الصندوق العربي للتنمية. ونوّه الوزير ولد ديدي بموقف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مشيداً بدعمه السخي لها وحبه الكبير لشعبها، مضيفاً أن ذلك تجسد في زيارته إلى موريتانيا بعد أشهر قليلة من زيارة الرئيس المختار ولد داداه إلى الإمارات، حيث استمرت زيارته ثلاثة أيام استقبل خلالها بحفاوة كبيرة من طرف الشعب الموريتاني والقيادة الموريتانية في كل من العاصمة نواكشوط ومدينتي انواذيبو وشنقيط.

إنجاز المشروع

ولفت الوزير ولد ديدي إلى أن إنجاز طريق الأمل كان أهم مشروع تم بناؤه في موريتانيا بعد الاستقلال، حيث فك العزلة عن عشرات القرى والمدن الموريتانية ضمن 6 ولايات، كان سكانها يعانون من صعوبة التواصل مع العالم الخارجي. وأردف: «تفاقمت الأوضاع في المدن الداخلية بعد موجة الجفاف التي ضربت البلاد في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، لكن طريق الأمل ساهم في تخفيف معاناة المواطنين الموريتانيين وأنقذ حياة العديد منهم، حيث أصبح بالإمكان وصول السلع والمواد الأساسية ونقل المرضى للعلاج».

يذكر أن الإمارات لم تكتفِ فقط بالمساهمة في إنجاز القسم الأول من طريق الأمل «نواكشوط – كيفة» بل قررت تقديم قرض مالي معتبر لشقيقتها موريتانيا في عام 1979م بلغ 40 مليون درهم لتشييد القسم الثاني الرابط بين مدينتي كيفة والنعمة في أقصى الشرق الموريتاني، والممتد على مسافة تزيد على 400 كيلومتر.

علاقات تاريخية

وقال المحلل السياسي والكاتب الموريتاني أبادو محمد أمصبوع إن العلاقات التاريخية بين البلدين ظلت نموذجاً يُحتذى به، بفضل الاهتمام الخاص من الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وقف إلى «جانب هذا البلد في العديد من المواقف التاريخية التي ستبقى حاضرة في وجدان كل موريتاني.

وأشار أمصبوع إلى أن حرص الإمارات على مواكبة مشاريع التنمية ورعايتها للمشاريع والمبادرات الثقافية في موريتانيا، يعد تعبيراً صادقاً عن موقف أخوي وإحساس بالمسؤولية تجاه الأشقاء العرب، معتبراً أن هذه العلاقات تقدم اليوم النموذج المأمول دائماً للأخوة بين الدول العربية. وتتطابق وجهات نظر البلدين حول أبرز القضايا الإقليمية والعالمية، كما تدعم الإمارات الكثير من المشاريع التنموية والمبادرات الثقافية في نواكشوط، وموّلت هناك إنشاء كلية محمد بن زايد للدفاع، التي تتولى تكوين وتأهيل قوات من دول الساحل الأفريقي لمكافحة الإرهاب.