هجمات دموية متزامنة..

صحيفة دولية: هجمات عدن.. إرهاب حوثي له بصمات القاعدة

التنسيق مشترك بين الحوثيين والقاعدة

صالح البيضاني
كاتب وباحث وسياسي يمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.

زادت المجزرة المروعة التي حدثت في عدن، والتي تمت بهجمات دموية متزامنة، من قناعة الكثير من اليمنيين بوجود تنسيق قوي بين الحوثيين وتنظيم القاعدة لإرباك أداء الحكومة اليمنية ومكونات المقاومة الوطنية في المناطق المحررة.

كما كشفت الهجمات التي خلفت أكثر من خمسين قتيلا والعشرات من الجرحى عن دور إيراني محوري في ترتيب هذه المجزرة من خلال تسليم المتمردين الحوثيين أسلحة متطورة نفذوا بها هجوم عدن وهجمات أخرى داخل اليمن وخارجه.

وأعلنت الداخلية اليمنية، الخميس أن “13 قتلوا، وأصيب آخرون (دون تحديد) في الهجوم الإجرامي الذي استهدف قسم شرطة في مدينة الشيخ عثمان (بمحافظة عدن)”، وهو هجوم يعتقد أن القاعدة تقف خلفه. فيما بلغ عدد ضحايا هجوم استهدف “معسكر الجلاء غربي مدينة البريقة (بمحافظة عدن أيضا)، 36 قتيلا، بينهم قائد قوات الدعم والإسناد اللواء منير اليافعي “أبواليمامة” وعدد من رفاقه.

وفيما سارع الحوثيون لتبني العملية على لسان المتحدث باسمهم يحيى سريع، الذي قال في بيان صحافي تم “استهداف العرض العسكري بطائرة ‘قاصف 2’، وصاروخ باليستي متوسط المدى”، اعتبر مراقبون أن العملية تتجاوز قائمة الأهداف التقليدية والسياسية الحوثية، خصوصا أنها ترافقت مع عمل آخر يعتقد أن عناصر القاعدة قامت به، وهو ما يعزز من فرضية التنسيق بين الطرفين.

وتم إنشاء قوات الحزام الأمني عقب تحرير عدن في منتصف العام 2015 بدعم من التحالف العربي بهدف ضبط الأمن ومحاصرة نتائج الفراغ الأمني الذي تسبب في اتساع رقعة وجود عناصر القاعدة وداعش، غير أن هذه القوات تعرضت منذ إنشائها لهجمات انتحارية من قبل القاعدة وداعش بواسطة السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات، كما تم استهداف معسكراتها بصواريخ حوثية.

وترافقت الهجمات المسلحة التي طالت قوات الحزام الأمني مع حملات تحريض إعلامي ممنهجة ومسيسة تقف خلفها قوى ومكونات يمنية (منضوية في المعسكر المناوئ للحوثيين علنا لكنها داعمة لهم بشكل سري)، رأت في نمو وسيطرة قوات المقاومة الجنوبية والحزام الأمني خطرا يحول دون تمددها في المناطق المحررة.

ووصلت حملات التحريض إلى درجة وصفت تلك القوات بالميليشيات بالرغم من صدور قرارات رئاسية بتشكيلها وتعيين قياداتها مثل العميد منير اليافعي “أبواليمامة” قائد اللواء الأول دعم وإسناد في الحزام الأمني والذي نعته الرئاسة والحكومة بصفته العسكرية، وأشادت بدوره في تحرير عدن من الميليشيات الحوثية.

لكن التركيز على وجود تنسيق بين الحوثيين والجماعات المتطرفة الأخرى لم يمنع من الإشارة إلى الدور الذي لعبته إيران في هذه الجريمة بسبب دعمها غير المحدود للحوثيين وتسليمهم أسلحة متطورة وصواريخ باليستية.

وقال السفير السعودي في اليمن محمد بن سعيد الجابر إن “الاستهداف المتزامن من قبل الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران لأمن واستقرار العاصمة عدن مؤشر قوي لتوحد أهدافها مع أخواتها الإرهابية داعش وتنظيم القاعدة”.

واعتبر رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك أن الاستهداف المتزامن من قبل من أسماهم “قوى التمرد الحوثي والجماعات الإرهابية” لأمن واستقرار العاصمة عدن يؤكد “التنسيق والتكامل تحت إدارة إيرانية واضحة”، مؤكدا أن “هجوم الحوثيين على عرض عسكري في العاصمة المؤقتة عدن، يعد مؤشرا على رفضهم الصريح لجهود السلام”.

وقالت وزارة الداخلية اليمنية في بيانها إنّها “ومعها كافة القوى الوطنية وبمساندة من الأشقاء في دول التحالف (…) ماضية في حربها لاستئصال الإرهاب والقوى التي تقف خلفه”.

من جهته، أكد منصور صالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، في تصريح لـ”العرب” أن ما حدث عمل إرهابي كبير استهدف واحدا من اهم القادة العسكريين الذين واجهوا الميليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية والأحزاب المتطرفة في اليمن.

ولفت صالح إلى أن أعمال التحقيق جارية لمعرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم ولا يجب التسليم بإعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن العملية الإرهابية لأنهم يبحثون عن انتصارات إعلامية من بينها قدرتهم المزعومة على الوصول إلى عدن.

وحذر خبراء من اتساع دائرة الاستهداف التي قد تطول قوات المقاومة الجنوبية والحزام الأمني في عدن خلال الأيام القادمة، في ظل التقارير التي تتحدث عن نشاط ملحوظ للعناصر المسلحة التابعة للقاعدة وداعش والتهديدات التي أطلقها القيادي الحوثي محمد البخيتي وقال فيها إن “كل قادة الحزام الأمني في اليمن أصبحوا هدفا للهجمات المقبلة”.

واعتبر الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات، عزت مصطفى، أن تزامن استهداف معسكر الجلاء بالبريقة بصاروخ باليستي وشرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة يؤكد التنسيق العالي بين ميليشيا الحوثي والقاعدة باعتبارهما تنظيمين متشابهين من حيث البنية العقائدية.

ولفت مصطفى في تصريح لـ”العرب” إلى أن جماعة أنصارالله (الحوثيين) والتنظيمات المتشددة مثل القاعدة وداعش حوصرت أنشطتها التخريبية في عدن والمحافظات المحررة ولم يعد بالإمكان مواجهة قوات الأمن هناك والألوية العسكرية إلا عبر أعمال مشتركة تتعاضد فيها جهودها في التحضير والتنفيذ ومن ذلك تبادل المعلومات الاستخبارية بينها واستخدام وسائلها عبر مجهود عملياتي واحد.