الجنوبيون يتصدون للحوثيين في يافع..

تقرير: الحوثي يسعى لخلط الأوراق السياسية في معسكرات الشرعية

الهجوم الحوثي الجديد على منطقة يافع تكرار لمحاولة اجتياح الضالع

وكالات

هاجم الحوثيون منطقة يافع في أول هجوم من نوعه منذ اندلاع الحرب اليمنية على واحدة من مناطق العمق الجيوسياسي للمقاومة الشعبية والاجتماعية للمشروع الحوثي جنوب اليمن، وجاء هذا الهجوم بعد أيام قليلة من انتهاء مواجهات عدن التي فرض فيها المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على المدينة بعد ثلاثة أيام من المواجهات التي شهدتها المدينة.

ويحسب للمجلس الانتقالي التحرك السريع لإفشال الهجوم الحوثي فيما كان الحرس الرئاسي يحشد كل قواته في عدن، وهو ما يؤشر على أن المعركة مع الحوثيين ليست على قائمة أولويات الفصائل المهيمنة على القوات الموالية للحكومة.

ووفقا لمصادر إعلامية شنت الميليشيات الحوثية هجوما مباغتا على مواقع للحزام الأمني في منطقة السر على الحدود بين محافظتي لحج والبيضاء، كما استهدفت مواقع أخرى للحزام الأمني والمقاومة الجنوبية في منطقة ريشان وجبل صبر قبل أن تتراجع نتيجة للمقاومة التي فوجئت بها.

استهداف المقاومة الجنوبية

أشارت مصادر محلية إلى وصول تعزيزات قبلية من مناطق يافع المختلفة وأخرى من الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية إلى مواقع الاشتباكات.

ويعد هجوم الحوثي على يافع التي تمثل -إلى جانب محافظة الضالع- العمود الفقري للمشروع السياسي والقاعدة الشعبية للمجلس الانتقالي الجنوبي نوعا من التخادم غير المباشر مع أطراف جنوبية وشمالية أخرى خاضت وتخوض صراعها وفقا لخلفيات ومعايير ذات بعد مناطقي وأيديولوجي.

وتفجرت مواجهات عدن في أعقاب هجوم أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه استهدف معسكرا لتدريب قوات الحزام الأمني، وأسفر عن مقتل وجرح العشرات من بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي المكنى بأبي اليمامة الذي قتل في الانفجار. واعتبر مراقبون يمنيون الهجوم سياسيا أكثر منه عسكريا ويستهدف جني مكاسب تتجاوز الرغبة في إلحاق الأذى المادي بقدر ما تحمل في طياتها استهدافا معنويا وسياسيا لأحد أبرز الأطراف المناهضة للمشروع الحوثي الإيراني في اليمن والمتمثلة في المقاومة الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يخوض مقاتلوه الحرب في أكثر من جبهة ضد الميليشيات الحوثية.

ويسعى الحوثي لخلط الأوراق السياسية في معسكر الشرعية، إضافة إلى دغدغة مشاعر قطاع من الشماليين والجنوبيين الذين يجتمعون على أخذ موقف حاد من الدور المتنامي الذي تلعبه الضالع ولحج كقاعدة شعبية ترفد الحامل السياسي الأبرز للقضية الجنوبية والرافد الأساسي لقوات المقاومة الجنوبية التي تخوض المعارك ضد الحوثيين في جبهات الساحل الغربي ومناطق مختلفة من اليمن، إلى جانب دورها في مواجهة الجماعات الإرهابية جنوب اليمن.

وفي يونيو الماضي تعرضت محافظة الضالع لهجوم حوثي بعد أن تحدثت تقارير صحافية عن انسحاب قوات تابعة للشرعية يتكون معظمها من عناصر حزب الإصلاح من مناطق على الحدود الفاصلة بين محافظتي إب والضالع.

وهدف الهجوم -بحسب مراقبين- إلى كسر الروح المعنوية للمقاومة الجنوبية وقوات الحزام الأمني، وإلى تهديد معقل العديد من قادتها وتحقيق مصلحة مشتركة في إرباك القوات الجنوبية التي تناصب الحوثيين والإخوان العداء.

واستهدف الهجوم الحوثي إسقاط محافظة الضالع والتوجه إلى لحج وتهديد العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، غير أن توافد التعزيزات التابعة للحزام الأمني والمقاومة الجنوبية بدعم مباشر من التحالف العربي أفشلا المخطط.

ويعتبر مراقبون أن الهجوم الحوثي الجديد على منطقة يافع تكرار لمحاولة اجتياح الضالع من حيث تطابق الأهداف العسكرية والسياسية والنتائج علىالأرض، في ظل حالة الحياد التي تتخذها قوات “الشرعية” في أي هجوم يستهدف المنطقتين.

اصطفافات مناطقية

كانت الضالع أولى المحافظات اليمنية التي تتحرر من قبضة الميليشيات الحوثية في عام 2015، وساهم أبناء هذه المحافظة -التي يغلب عليها الطابع الثوري بقيادة عيدروس الزبيدي- في استكمال تحرير مناطق واسعة في محافظة لحج المجاورة وصولا إلى قاعدة العند الإستراتيجية التي شكل تحريرها نقطة فاصلة في معركة تحرير عدن بعد ذلك.

وساهم الزخم الثوري لأبناء الضالع ويافع في إعادة تشكيل وبلورة موازين القوى في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، حيث تم تعيين عيدروس الزبيدي محافظا لعدن وشلال شايع مديرا لأمنها، والاثنان ينحدران من محافظة الضالع شمال عدن.

كما تولى القائد الراحل منير اليافعي مهمة قيادة قوات الدعم والإسناد التي تعد المحور الأساسي للقوة الأمنية والعسكرية في عدن والتي ساهمت في حسم المواجهات التي شهدتها المدينة بين القوات التابعة للحزام الأمني وألوية الحماية الرئاسية التي يقودها ناصر هادي نجل الرئيس اليمني.

وطغت معادلة الاصطفافات المناطقية إلى حد كبير على تشكيل الفصائل العسكرية في جنوب اليمن بعد تحرير عدن في 2015، حيث استحوذ أبناء الضالع ويافع على المراكز العسكرية والأمنية في القوات المحسوبة على المجلس الانتقالي، فيما بدت أبين وشبوة مسيطرتين على ألوية الحماية الرئاسية وهي المعادلة التي لم يستطع أي فريق كسرها بشكل حقيقي لتجنب خوض مواجهة أخرى في رداء سياسي ولكنها في حقيقتها امتداد للمواجهات ذات البعيدين المناطقي والجهوي في جنوب اليمن منذ الاستقلال عن بريطانيا في 1967.

وشهدت عدن حربا بين رفقاء الحزب الاشتراكي في عام 1986 خلفت آلاف القتلى والجرحى وانتهت بسيطرة تحالف الضالع ويافع على مقاليد الأمور ونزوح القيادات العسكرية والسياسية -المنتمية إلى أبين والضالع- إلى شمال اليمن والتي قادت فيما بعد حرب صيف 1994، التي أفضت إلى عودة هيمنة أبين وشبوة على القرار الجنوبي وفي المقابل مغادرة القيادات العسكرية والسياسية المنتمية إلى الضالع ويافع والتي وجدت في حرب 2015 ضد الحوثيين فرصة لإعادة التموضع وكسب ورقة الشارع وتبني القضية الجنوبية، في ظل مساع تم بذلها لكسر دائرة الاصطفافات التي عادة ما تُدخل جنوب اليمن في دوامات جديدة من الصراع.