قوة من الحماية في "المركزي" بحماية قوة سعودية..

تقرير: ماذا يعني عودة الجنوب إلى مخرجات حوار صنعاء؟

متظاهرون جنوبيون يرفعون علم السعودية الى جانب اعلام بلادهم في عدن - ارشيف

صالح علي
كاتب جنوبي يكتب باسم مستعار

تسلمت قوة من لواء الحماية حراسة البنك المركزي في عدن، ولكن تحت حماية قوات سعودية متواجدة في العاصمة الجنوبية اليوم السبت.. فيما لوحت اطراف اقليمية بالجماعات المتطرفة لفرض مشاريع على الجنوبيين من بينها مشروع دولة الاتحادية المرفوضة شعبيا.

وقالت مصادر عسكرية لـ(اليوم الثامن) "ان قوة من الحماية الرئاسية ستتولى حماية البنك المركزي في عدن، ولكن تحت حماية من القوات السعودية، بعد اتفاق ابرم على اثر المساعي التي تقودها الرياض.. مشيرة الى ان القوة ستتولى حراسة البنك المركزي، وستقتصر مهمتها على ذلك.

وقادت السعودية جهودا لوضع حل للأزمة التي فجرتها مليشيات تابعة لتنظيم الإخوان بعد الاعتداء على المشييعن لجثمان شهداء حادث الجلاء الارهابي، الا ان بعض الاطراف الاقليمية تسعى بقوة لفرض مشاريع مرفوضة شعبيا في الجنوب، لكن هذه المرة تقول مصادر دبلوسية ان هناك تلويحا بفرض مشاريع لتقسيم من خلال التهديد بالجماعات المتطرفة.

وتصر هذه الاطراف على فرض دولة الاقاليم الستة على اعتبار ان مؤتمر الحوار اليمني قد ناقش القضية الجنوبية، غير ان الفريق الذي مثل الجنوب، انسحب من المؤتمر احتجاجا على رفض حكومة هادي منح الجنوب حق تقرير مصيره.

وترفض حكومة الرئيس اليمني الانتقالي اي شكل من اشكال الحوار مع الجنوبيين، غير انها بعد احداث عدن تصر على انسحاب المجلس الانتقالي الجنوبي وتسليم عدن للحكومة اليمنية التي يتحكم فيها التنظيم المحلي للإخوان والممول من قطر.

وعلى الرغم من الترحيب الجنوبي بدعوة السعودية للحوار، الا ان مصادر دبلوماسية تشير الى ان الرياض تطرح "مشروع دولة الاقاليم الستة" كحل للقضية الجنوبية، وهو المشروع الذي يستحال تطبيقه في شمال اليمن الخاضع لسلطة أمر الواقع من قبل الحوثيين الموالين لإيران.

ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي -القوة الجنوبية التي تشكلت عقب العدوان الثاني على الجنوب-، وقوفه ومساندته للتحالف العربي وتقاتل قواته في مختلف الجبهات وخاصة في الساحل الغربي وشمال الضالع، على عكس بقية الجبهات التي تشرف عليها تنظيمات موالية للحكومة الشرعية والتي لم تخض قتالا حقيقا ضد الحوثيين.
وعلى الرغم من مرور اربعة اعوام على تحرير الجنوب، الا ان حكومة الشرعية استغلت الكثير من الملفات لمواجهة مطالب الجنوبيين بالاستقلال، من بينها ملفات الكهرباء والمياه والخدمات والمشتقات النفطية، ورفضت اعادة فتح تلفزيون واذاعة عدن، بدعوى خشيتها من سيطرة من تصفهم بالانفصاليين الجنوبيين عليها.

وعلى الرغم من مراهنة التحالف العربي على الجنوبيين في الحرب ضد الحوثيين والتنظيمات الارهابية، الا ان الصمت على ممارسات الحكومة المتورطة في قضايا فساد قد جعلتهم يتخذون اجراءات يؤكدون انها كانت ضرورية لحماية شعبهم ومحاربة الارهاب الذي ضرب عدن في الفاتح من اغسطس الجاري ولا تزال العمليات الارهابية تتواصل ضد منتسبي قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

وتقول مصادر قريبة من حكومة هادي انها مصرة على التمسك بمخرجات مؤتمر حوار صنعاء، وأن ذلك قد اوجد حلا عادلا للقضية الجنوبية، غير ان هذا الطرح يؤكد رفض الحكومة اليمينة كل اشكال الحوار مع الجنوبيين، فالفريق الذي مثل القضية الجنوبية في الحوار بقيادة محمد علي أحمد انسحب قبل اشهر من انتهاء المؤتمر، لكن الاصرار الحكومي على هذا المشروع يعزز الاتهامات الجنوبية بانه الحكومة لم يعد يهمها أمر الحوثيين، فالعودة لمخرجات الحوار، ينسف كل ما حققه الجنوبيون على الارض، وربما يصعب الدخول في مفاوضات دعت لها السعودية في جدة.

والعودة الى مخرجات مؤتمر الحوار اليمني يخدم في الاساس حلفاء قطر في اليمن، والذين يسعون للوقيعة بين الرياض وابوظبي وافشال التحالف العربي، فالدوحة التي مولت التنظيمات الارهابية والاخوانية باسم معالجة القضية الجنوبية ومنها تقديم ثلاثة مليار دولار امريكي تسلمها وزير المالية صخر الوجيه من بعض الدول المانحة، استغلت في دعم التنظيمات الارهابية ومحاربة القوى الجنوبية التي تطالب بالاستقلال.

ويبدو ان على السعودية ان تفكر جيدا، فيما يضرها او يخدمها من تمدد الإخوان وسيطرتهم جنوبا وبين حصرهم في مأرب وتعز، لكن التنظيم المتحكم في القرار الرئاسي يقدم هادي كخصم للجنوبيين والعكس، وهو الأمر الذي أكد عليه المجلس الانتقالي الجنوبي، بأن الرئيس هادي كرئيس من الجنوب مرحب بعودته، لكنهم ضد القوى التي اجرمت في حق البلاد.
السعودية امامها فرصة تدو أخيرة لإعادة تصويب المشهد العسكري والسياسي في اليمن، فالحلفاء في الشمال، يقفون في صف الدوحة وقد ربما تصبح الاسلحة التي قدمها التحالف لقوات مأرب، موجهة ضد السعوية، الأمر الذي قد يصعب المشكلة أكثر.

تحاول حكومة هادي تقزيم القضية الجنوبية التي جاءت نتيجة فشل الوحدة اليمنية والانقلاب عليها بالحرب وفتاوى التكفير ونهب مقدرات دولة الجنوب السابقة، وتعلها حكومة الشرعية "قضية ثانوية ترحلها الى مرحلة ما بعد الحرب ضد الحوثيين، وهو الترحيل الذي يبدو انه فقط لأعداد قوات عسكرية تفرض الوحدة مرة أخرى بالقوة، بعد ن فشل الحوثيون وتحالف صالح في فرضها بالعام 2015م.

فالعودة الى نتائج حوار صنعاء، فيه تنصل واضح وانكار للجنوب ودوره في محاربة الحوثيين والتنظيمات الارهابية، ورفض مطلق لكل اشكال الحوار مع الجنوبيين الذين رفضوا الحوار اليمني ومخرجاته.
ليس من مصلحة السعودية خسران ما تحقق في الجنوب، فالقضية الجنوبية التي يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي باتت هي القوة الحقيقية التي تقاتل الى جانب المشروع العربي الذي تقوده الرياض، على عكس الإخوان الذين باتوا يخوضون معارك مشتركة مع الحوثيين ضد قوات هادي في تعز.